انخفاض الليرة مستمر: عين السوريين على الأسعار… ولبنان

 

تسود الشارع السوري حالة قلق وترقّب للانخفاض المستمر في سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، والذي تخطّى (الأحد 24 تشرين الثاني) عتبة 755 ليرة/ دولار، وخاصة أن تقلبات سعر الصرف خلال السنوات الماضية ترافقت بارتفاع في معظم أسعار المواد الاستهلاكية.

مسار الانخفاض الأخير بدأ في شهر أيلول الماضي (وصل إلى 700 ليرة/ دولار)، توازياً مع انخفاض حجم المعروض من الدولار في السوق اللبنانية؛ غير أن ضخ مبالغ بالدولار ــــ حينها ــــ في السوق السورية، عبر شركات الصرف وبسعر 625 ليرة/ دولار، لجم انزلاق السعر مؤقتاً.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، عاد سعر الليرة للانخفاض، وسط غياب إجراءات معلنة من الجانب الحكومي لتغيير مساره. إلا أن ذلك تزامن بشكل لافت، مع وقف مصرف سوريا المركزي، تمويل إجازات الاستيراد، بحجة توجهه إلى وضع «آلية جديدة» لتمويل المستوردات.
وكما لم يعلن المصرف أي تفاصيل (بشكل رسمي) عن تلك الآلية الجديدة المنتظرة، لم تكن التفسيرات الرسمية لهبوط سعر الليرة السورية واضحة ومطمئنة للشارع، فيما تتجه الأعين إلى تطورات لبنان التي أدّت دوراً كبيراً في إذكاء أزمة الليرة السورية الحالية.
ما الأسباب؟
يمكن الحديث عن تفسيرات عدّة لتقلّب سعر الليرة أمام الدولار الأميركي، تبدأ من الواقع الاقتصادي بعد سنوات الحرب الطويلة، ولا تنتهي بإجراءات الحصار المفروضة على سوريا، والقيود المالية المفروضة على السوريين؛ إلا أن التطورات الأخيرة في لبنان كان لها أثر واضح في الانخفاض الأخير.
بداية، زاد الطلب على الدولار في السوق السورية لتغطية نقص المعروض منه في السوق اللبنانية، ولا سيما من قبل التجار العاملين في البلدين.
وجاءت قيود مصرف لبنان على تمويل المستوردات بالدولار، لتجبر عدداً كبيراً من المستوردين (وخاصة السوريين العاملين من داخل لبنان) على تأمين المبالغ اللازمة لهم من السوق السورية.
وساهم تحديد هامش السحوبات وتحويل الودائع بالدولار من المصارف اللبنانية، أيضاً، في بحث السوريين داخل لبنان عن بدائل للحصول على الدولارات، وهو ما زاد الطلب في السوق السورية، وعبر الحدود.
ومع منع الجانب اللبناني نقل الدولارات بالحقائب (تجار وصرافون وسواهم) عبر المطار والمعابر البرية، وفرضه قيوداً على تحويلات الصرافين إلى الخارج، قلّت كمية الدولارات التي تصل إلى سوريا، وسط انخفاض في حصيلة تحويلات الأفراد المباشرة إلى سوريا، بشكل عام، وذلك تجنباً لخسارة الفرق في سعر الصرف الرسمي عن سعر السوق السوداء (سعر المركزي للحوالات: 435 ليرة/ دولار).
كذلك، فإن نشاط تهريب السلع عبر الحدود، لتغطية النقص أو الاستفادة من ارتفاع الأسعار في السوق اللبنانية، ساهم في زيادة حاجة مستوردي تلك السلع للدولارات، في ظل غياب قدرتهم على تحصيلها من الجانب اللبناني.

المقاربة الرسمية
في لقاء جمع رئيس مجلس الوزراء السوري، عماد خميس، ومديري المصارف العامة والخاصة، رأى الأخير أن «المتغيرات السريعة صعوداً وهبوطاً تتبع لعوامل عديدة ولقرارات معينة، وشائعات إعلامية أو صفقات لمضاربين مستفيدين يدفعون عليها ملايين الدولارات»، مشدداً على أن «بعضها اليوم مرتبط بانتقال العملة بشكل منظم وغير شرعي إلى بعض دول الجوار»، وفق ما نقلت عنه صحيفة «الوطن» المحلية.

زيادة الرواتب
وسط ترقب السوريين لتدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار، صدر مرسوم رئاسي يقضي بإضافة مبلغ 20000 ليرة سورية إلى الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين، ومبلغ 16000 ليرة إلى رواتب المتقاعدين من العسكريين والمدنيين.
كما زاد الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، وفق المرسوم، ليصبح 47675 ليرة سورية شهرياً.
ونص مرسوم الزيادة على تغطية النفقة الناجمة عن تطبيق أحكامه من وفورات الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2019 و 2020.
وأوضحت صفحة «رئاسة الجمهورية العربية السورية» على «فايسبوك» أن الزيادة أتت بعد «متابعة للمتغيرات الاقتصادية ومنعكساتها، وبعد سلسلة مداولات بدأت منتصف العام الحالي»، ما يترجم على أنها ليست استجابة مباشرة لتغيرات سعر الصرف الأخيرة، وما قد تتركه من آثار على مؤشر أسعار المستهلك.
واللافت انه إذا ما تم تقويم معدلات الأجور الجديدة بعد الزيادة، بالدولار الأميركي، فإنها ستكون مطابقة تقريباً لما كانت عليه قبل نحو عام من اليوم، مع مراعاة فرق ارتفاع الأسعار، وتخوّف السوريين من استمرار تدهور سعر صرف الليرة.

صحيفة الأخبار اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى