لا اتفاق محتملا على زيادة أوبك في إنتاج النفط

قالت مصادر في أوبك إنه من المستبعد أن تتفق المنظمة وحلفاؤها على زيادة رسمية في إنتاج الخام عندما يجتمعون في الجزائر مطلع الأسبوع القادم، لكن الضغوط تتصاعد على كبار المنتجين للحيلولة دون حدوث طفرة في أسعار النفط قبيل عقوبات أميركية جديدة على إيران وتأتي هذه التوقعات بينما جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوته للدول الأعضاء أوبك لزيادة الإنتاج بما يضغط على أسعار النفط.

وكانت المنظمة قد بذلت جهودا حثيثة في 2016 توجت لاحقا باتفاق مع منتجين من خارجها بينهم روسيا بتخفيض الإنتاج لتقليص تخمة المعروض النفطي حينها وإعادة الاستقرار للأسعار التي هوت بنحو 50 بالمئة في صيف 2014 واستمرت موجة الهبوط قبل أن تتعافى الأسعار بفعل الاتفاق وساعد الاتفاق بالفعل في تعافي الأسعار التي وصلت إلى 80 دولارا للبرميل في الفترة الأخيرة صعودا من نحو 20 دولارا في 2014.

وتبدي معظم الدول الأعضاء في أوبك ارتياحها لسعر 80 دولارا للبرميل، وسط مخاوف من قفزة عالية في الأسعار بفعل نقص متوقع في الإمدادات من إيران التي تواجه عقوبات أميركية تشمل خفض صادراتها النفطية للصفر. وإيران عضو في أوبك وسبق أن طالبت المنظمة بمساعدتها في مواجهة العقوبات.  

وأضافت المصادر أن السعودية، أكبر منتج في أوبك تخشى أن أي طفرة في أسعار النفط بفعل العقوبات قد تقود شرارة انتقادات جديدة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنظمة التي سبق واتهمها بالوقوف وراء ارتفاع أسعار الخام، لكنها قلقة أيضا من عدم كفاية الطاقة الإنتاجية الفائضة لتعويض أي نقص في الإمدادات وهو أمر قد يعيد الاضطراب لسوق النفط.

وقال مصدر في أوبك “الأمر معقد. على السعودية أن توازن بين العرض والطلب النفطي وأن توازن أسعار النفط بحيث لا ترتفع أكثر من اللازم قبل الانتخابات الأميركية. الأمر سياسي أيضا لأن السعوديين لا يريدون ضخ النفط أكثر من اللازم ثم يتوجه الإيرانيون بالشكوى إلى أوبك بأنها (السعودية) تأخذ حصة طهران السوقية وفي نفس الوقت لا يريدون أن تتراجع الأسعار أكثر من اللازم”.

ووجه ترامب سهام انتقاده لأوبك اليوم الخميس وكتب على تويتر “نحمي دول الشرق الأوسط ومن غيرنا لن يكونوا آمنين ومع ذلك يواصلون دفع أسعار النفط لأعلى! سنتذكر ذلك. على منظمة أوبك المحتكرة للسوق دفع الأسعار للانخفاض الآن وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا وحلفاء آخرون قد اتفقوا في يونيو/حزيران على زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا بعد أن شاركوا في اتفاق لخفض الإمدادات منذ 2017.

وجاء الاتفاق على زيادة الإنتاج لمواجهة اضطراب في الإمدادات النفطية بسبب العقوبات الأميركية على إيران ونقص من فنزويلا التي شهدت اضطرابات سياسية واجتماعية ومن ليبيا التي يشكل الوضع الأمني فيها مقياسا لانخفاض أو ارتفاع الإنتاج.

وشهدت ليبيا مرارا اضطرابات أمنية ومواجهات مسلحة تسببت في إغلاق الموانئ النفطية الرئيسية وفي حالات أخرى تعطل الإنتاج بسبب تضرر منشآت نفطية حيوية نتيجة الاشتباكات بين ميليشيات مسلحة ومن المقرر أن يجتمع التحالف الذي يطلق عليه “أوبك +” (زائد المنتجين من خارجها) يوم الأحد في الجزائر لبحث كيفية إدراج تلك الزيادة البالغة مليون برميل يوميا ضمن إطار حصص إنتاج الدول المشاركة في التحالف وتقول مصادر في المنظمة، إنه لا خطة وشيكة لأي تحرك رسمي إذ أن خطوة كهذه ستتطلب أن تعقد أوبك ما تطلق عليه اجتماعا استثنائيا وهو أمر غير مطروح للنقاش.

وقالت المصادر إن اجتماع الأحد سيناقش كيفية توزيع زيادة الإنتاج المتفق عليها وسيدرس ما إذا كانت السوق بحاجة إلى المزيد من النفط لتعويض خسارة الإمدادات الإيرانية وانخفاض إنتاج فنزويلا وقال مصدران إن الاجتماع قد يصدر توصية بشأن توزيع الزيادة، إذ أن معظم الدول المشاركة ستكون ممثلة وقال مصدر آخر في أوبك “لا توجد اقتراحات بشأن اجتماع استثنائي في الجزائر”، مضيفا أن اللجنة الوزارية المشتركة بين أوبك والمنتجين المستقلين المعروفة باسم لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التي تجتمع في الجزائر يوم الأحد، مازال بمقدورها تقديم توصية إلى التحالف عموما بزيادة أخرى في الإنتاج إذا اقتضت الضرورة.

وقال مصدر آخر في أوبك “لكي تتخذ قرارا، تحتاج إلى حضور جميع الوزراء. ليس جميع الوزراء حاضرين، لكن معظم الوفود ستكون ممثلة وتدخل عقوبات أميركية على صادرات النفط الإيراني حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني، مع انخفاض إنتاج البلاد بالفعل لأدنى مستوى في عامين وسيؤدي انخفاض إنتاج فنزويلا والتوقف غير المخطط له للإمدادات في أماكن أخرى أيضا إلى استمرار شح المعروض بالسوق.

ودعمت المخاوف بشأن نقص الإمدادات أسعار الخام في الأسابيع الأخيرة مع تداول خام القياس العالمي برنت فوق 79 دولارا للبرميل اليوم الخميس وتريد واشنطن وقف صادرات الخام الإيراني تماما بحلول نوفمبر/تشرين الثاني وتضغط على السعودية وبقية أعضاء أوبك وروسيا لضخ المزيد من الخام لتعويض النقص وذكرت مصادر لدى أوبك وفي القطاع أن شركات تكرير صينية وهندية وأخرى آسيوية تطلب من منتجي الشرق الأوسط مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت المزيد من الشحنات.

وتقول المصادر إنه في حين يواجه بعض المنتجين قيودا على الإنتاج بسبب عقبات خاصة بالبنية التحتية أو أنهم لا يرغبون في أن يُنظر إليهم على أنهم يغرقون السوق، فإن آخرين يزيدون الصادرات بهدوء إلى آسيا ورغم ارتفاع إنتاج أوبك منذ يوليو/تموز، فإن السعودية أضافت كميات أقل من النفط بالمقارنة مع ما أشارت إليه في البداية وذكرت المصادر أن المسؤولين السعوديين يعتقدون أن الطلب على النفط غير كاف حتى الآن لتبرير زيادة الإنتاج بما يتجاوز الكمية البالغة 400 ألف برميل يوميا التي ضختها المملكة فوق المستوى المستهدف لها البالغ عشرة ملايين برميل يوميا.

لكن المصادر تقول إن ذلك أثار بعض الشكوك بشأن ما إذا كان بمقدور الرياض زيادة الإنتاج سريعا إلى ما تقول المملكة إنه الحد الأقصى المستدام لطاقتها الإنتاجية البالغ 12 مليون برميل يوميا وعلى الرغم من أن السعودية لم تختبر قط مثل تلك المستويات المرتفعة، فإنها تقول إنها ضخت ما بين 10.7 و10.8 مليون برميل يوميا في السابق وتقول مصادر بالقطاع على دراية بالخطط النفطية للمملكة إنه بإمكان شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية زيادة الإنتاج سريعا إلى 11 مليون برميل يوميا، لكن بلوغ الإنتاج مستوى 12 مليون برميل يوميا قد يستغرق ما يصل إلى ستة أشهر.

وتشير الطاقة الفائضة إلى قدرة المنتج على زيادة الإنتاج في وقت قصير نسبيا. ويوجد معظم الطاقة الفائضة في الشرق الأوسط وكان الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو قد حذّر هذا الأسبوع من نقص الاستثمار في قطاع النفط العالمي وقال باركيندو مشيرا إلى انخفاض أسعار النفط الذي بدأ في 2014 “رأينا انكماشا في مستوى الاستثمارات في السنتين الأخيرتين ردا على أثر الانخفاض”.

وأضاف “يحدونا الأمل في أنه مع العودة التدريجية للثقة في السوق سيكون بمقدورنا أن نرى مستوى أعلى من الاستثمار في الصناعة، مما سيضمن في نهاية المطاف التوافر الدائم لمستوي معين من الطاقة الفائضة ليحمينا في مواجهة التقلبات”.

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى