أصابع الإتهام موجهة، ولكن هناك إجابات قليلة بعد فشل الحل في سوريا

بكل المقاييس, فإن جهود الرئيس أوباما لتدريب جيش المعارضة لقتال الدولة الإسلامية على الأرض واجه فشلا ذريعا. اعترف الجيش هذا الأسبوع بأن هناك أربعة أو خمسة مقاتلين تلقوا التدريب الأمريكي لا زالوا يقاتلون حقيقة.

ولكن البيت الأبيض قال إنه لا يجب أن يكون الملام. أصابع الاتهام, كما يقول, يجب أن لا توجه إلى السيد أوباما ولكن إلى أولئك الذين ضغطوا عليه لمحاولة تدريب المتمردين السوريين في المقام الأول, وهي المجموعة التي تشمل إضافة إلى الجمهوريين في الكونغرس, وزيرة الخارجية السابقة هيلاري رودهام كلينتون.

في الإيجاز الصحفي هذا الأسبوع وبعد الكشف عن هذه النتائج المتواضعة, أشار السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش إرنست مرارا إلى أن السيد أوباما كان من المشككين في تدريب المتمردين السوريين. الجيش كان محقا في استنتاج أن “هذا المسعى كان أكثر صعوبة مما كان مفترضا وأننا بحاجة إلى القيام ببعض التغييرات في هذا البرنامج. ولكني أعتقد أن الوقت حان ليعترف نقادنا أنهم مخطئون”.

في الواقع, يحاجج السيد أوباما بأنه ذهب على مضض إلى جانب أولئك الذين قالوا إنها الطريقة لمواجهة الدولة الإسلامية, ولكنه لم يكن يريد أبدا القيام بذلك وأنه تأكد الآن من صحة حكمه الأصلي. جدلية “أخبرتك من قبل” تفترض بالطبع بأن فكرة تدريب المتمردين بحد ذاتها كانت خاطئة وأنها بدأت متأخرة جدا بحيث أصبحت بعيدة جدا عن الفعالية, كما يزعم النقاد.

في كلتا الحالتين, فإن ما يجري يسلط الضوء على حساسية البيت الأبيض حيال اتساع الكارثة السورية. مع مقتل أكثر من 200000 شخص في الحرب الأهلية, وموجات اللاجئين التي تتدفق إلى أوروبا, وروسيا التي تحلق الآن في سماء سوريا لنقل السلاح والجنود, يجد الرئيس نفسه في حالة من الفوضى الجيوسياسية والإنسانية التي لن تستقر حتى قبل أن يترك منصبه خلال 16 شهرا.

لطالما اعتبر السيد أوباما أن سوريا عبارة عن مستنقع يتحدى الحلول الأمريكية, ويأمل مساعدوه في أن لا يتحمل المسئولية عن شئ, حيث كما يقولون, لم يكن لديه أي سلطة لإصلاحه. ولكن مع ظهور صورة الأطفال الغرقى والدبابات الروسية, فقد أصبح الرئيس في وضع يتعرض فيه للنيران من جميع الجهات. يتهمه الروس بأنه جعل الأزمة أكثر سوء بسبب معارضته لحكومة الرئيس بشار الأسد الاستبدادية في قتالها ضد الإرهابيين مثل الدولة الإسلامية أو داعش. ويتهمه الجمهوريون بالسلبية واللامبالاة, بسبب جلوسه جانبا في حين يتسع الصراع عبر المنطقة.

ولكن ليس هناك إجماع بين النقاد حول ما الذي يجب فعله. خلال المناظرات الرئاسية يوم الأربعاء مساء, انقسم المرشحون الجمهوريون ما بين أولئك الذين يؤيدون المزيد من الانخراط الأمريكي وبين أولئك الذين يقترحون التراجع وجعل السوريين يتقاتلون فيما بينهم.

قال السيناتور ماركو روبيو من فلوريدا :” حذرت مرارا وتكرارا من أنه إن لم نجد عناصر معتدلة على الأرض يمكن تسليحهم, فإن هذا الفراغ سوف يملأوه الجهاديون المتطرفون. حسنا, الرئيس لم يستمع لذلك, وكذلك الإدارة الأمريكية وهذا بالضبط ما حدث. ولهذا السبب ظهرت داعش وتوسعت”.

أما دونالد ترامب, رجال الأعمال, والسيناتور راند باول من كينتاكي ذهبوا في الاتجاه الآخر, وفضلوا النأي بالنفس. حيث قال السيد ترامب :” إن سوريا تشهد حالة من الفوضى, لماذا نقاتل داعش في سوريا؟ دعهم يقاتلوا بعضهم بعضا ويلتقطوا بقاياهم”.

وأضاف السيد باول:” في بعض الأحيان فإن كلا طرفي الحرب الأهلية هم من الأشرار, وفي بعض الأحيان فإن التدخل يجعلنا أقل أمنا”.

فكرة دعم المتمردين السوريين نوقشت منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية, التي بدأت عام 2011. السيدة كلينتون إلى جانب دافيد بيتراوس مدير السي آي إيه السابق, وليون بانيتا وزير الدفاع السابق, دعموا تسليح قوات المعارضة, ولكن الرئيس خشي من التورط بعمق في حرب أشخاص آخرين بعد التجربة الدامية في العراق.

في عام 2014, وبعد أن اجتاحت الدولة الإسلامية أجزاء كبيرة من سوريا والعراق, تراجع السيد أوباما وقدم برنامجا بكلفة 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المتمردين الذين تعرضوا للفحص وتم إخبارهم بأن يقاتلوا الدولة الإسلامية, وليس حكومة الأسد.

مول البرنامج نهاية ديسمبر وبدأ العمل فيه في مايو بهدف تدريب 5400 مقاتل في العام الأول, ولكن مسئولين عسكريين قالوا إنه فقط من 100 إلى 120 مقاتل دربوا. أول 54 متدرب عانوا من هجمات مدمرة على يد ذراع القاعدة في سوريا في يوليو, مما أجبر البنتاغون على رسم خطط لتجديد البرنامج من خلال وضع عدد أكبر من المقاتلين في مناطق أكثر أمنا في سوريا.

اعترف الجنرال لويد أوستن, رئيس القيادة المركزية الأمريكية, في جلسة استماع في مجلس الشيوخ يوم الأربعاء بأن أربعة أو خمسة متدربين يقاتلون الآن. وقال السيناتور الجمهوري جيف سيشنز عن ولاية ألاباما ردا على ذلك :” علينا أن نعترف بأن هذا فشل تام. إنه فشل, كنت أتمنى لو لم يكن, ولكن هذه هي الحقيقة. وقد حان الوقت للتعامل مع هذا الفشل”.

قال مسئولون عسكريون إن عددا قليلا من المتمردين المدربين يمكن أن يثبتوا فائدة في أدوار معينة, مثل استدعاء الضربات الجوية الأمريكية. ولكن حصل الجيش على نتائج أفضل من العمل مع قوات كردية ظهرت لتحمل محل القوات السورية المدربة أمريكيا على الأرض, أولا في سنجار ومن ثم في كوباني ومؤخرا تمددت هذه القوات إلى سوريا جنوب الحدود مع تركيا من نهر الفرات إلى الحدود العراقية.

غسل البيت الأبيض يده من برنامج التدريب بعد شهادة الجنرال أوستن.

قال السيد إرنست :” صحيح أننا وجدنا أن هذا تحديا صعبا. ولكن صحيح إيضا أن العديد من منتقدينا طرحوا هذا الخيار المحدد كعلاج أساسي لجميع المشاكل التي تواجه سياستنا التي نواجهها في سوريا الآن. ولكن ذلك أمر لا تؤمن به الإدارة مطلقا, ولكنه أمر على نقادنا أن يجاوبوا عليه”.

قال بعض هؤلاء النقاد بأن البرنامج فشل لأنه تأخر ولأنه كان محدودا. قال الجنرال جاك كين, وهو نائب لقائد الجيش سابقا :” خطة البيت الأبيض متأخرة عامين وهي معيبة بصورة جوهرية لأنها وضعت حدا للقتال ضد الأسد, وهو ما يشكل هدفا رئيسا لهم”.

بعض المتمردين السوريين الذين طلبوا الأسلحة الأمريكية عام 2011 و2012 استسلموا أخيرا وتحالفوا مع الجماعات المتطرفة, وفقا للمحللين, مما ترك عددا قليلا من المقاتلين إلى جانب الولايات المتحدة. قال أندرو تابلر, وهو متخصص في الشأن السوري في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى :” سبب الفشل يعود إلى اختيارنا لسياسة فاشلة”.

وقال ريان كروكر وهو دبلوماسي متقاعد كان سفيرا في أفغانستان في ظل رئاسة أوباما بأن الرئيس كان محقا في اعتقاده بان برنامج التدريب والتسليح لا يمكن أن ينجح. ولكن, وكما يضيف كروكر, فإن على الرئيس إما أن يستمر في رفضها أو على الأقل أن يتحمل مسئوليتها بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين بسبب فشلها.

يقول كروكر الذي يعمل حاليا عميدا لجامعة جورج بوش في جامعة آي أند إم :” كيف يبدو ذلك أمام الرئاسية, كنا لا نريد القيام بذلك, ولكنكم جعلتمونا نقوم بذلك. إن ما يجري ما هو إلا مؤشر على سياستهم الكاملة في سوريا, والتي لا يوجد فيها أي سياسة. إنه أسوأ أمر يمكن أن يقولوه”.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى