أوبك تكابد لإنعاش سوق النفط تحت وطأة الجائحة

 

تكابد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها ضمن ما بات يعرف بتحالف أوبك+ من أجل إنعاش سوق نفطية مضطربة هي اقرب من أي مضى للانهيار بسبب تداعيات جائحة كورونا التي أربك العالم أجمع وأعادت خلط أوراق التوازنات المالية والاقتصادية العالمية.

وتجتمع المنظمة وشركاؤها الاثنين والثلاثاء سعيا لإنعاش سوق نفطية في تراجع على وقع تفشي وباء كوفيد-19، ما أثر على النمو الاقتصادي العالمي وعلى الطلب العالمي للنفط.

وبعد عام من التدهور شهد تدني استهلاك النفط وهبوط الأسعار، قد يقرر أعضاء الكارتيل تمديد مستوى خفض الإنتاج المطبق حاليا إلى ما بعد الأول من يناير/كانون الثاني.

وتضع أوبك وحلفاؤها نصب عينهما الحفاظ على استقرار سوق النفط والحيلولة دون تهاوي أسعار الخام وهي حتمية إذا ما تعرض العالم لموجات وبائية ناجمة عن فيروس كورونا وما لم يتم التوصل للقاح فعال ينهي الجائحة التي تسببت في أزمات صحية في معظم دول العالم النامية والمتقدمة.

ولزمت بلدان أوبك والدول المنتجة الأخرى الشريكة لها في إطار “أوبك بلاس” وفي طليعتها روسيا، هذه السنة خفضا حادا في إنتاجها النفطي، في محاولة للتكيف مع تراجع مستوى الطلب.

وينص الاتفاق الساري الذي أقر في أبريل/نيسان على تخفيف خفض الإنتاج من 7.7 ملايين برميل في اليوم حاليا إلى 5.8 ملايين برميل في اليوم اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2021، غير أن معظم المراقبين يتوقعون تمديد الخفض الحالي لثلاثة إلى ستة أشهر.

وصدرت عن الوزراء النافذين في أوبك في الأسابيع الماضية مؤشرات بهذا الشأن ومن غير المتوقع أن تحملهم الأنباء السارة الواردة بشأن اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد على تغيير موقفهم.

وقد أعلنت مختبرات أسترازينيكا وفايزر/بيونتيك وموديرنا في الأسابيع الأخيرة عن فاعلية عالية للقاحاتها ضد كوفيد-19، ما أنعش الآمال في انتعاش النشاط الاقتصادي لا سيما قطاع المواصلات والصناعات وبالتالي الاستهلاك العالمي للنفط.

غير أن تأثير هذه اللقاحات لن يظهر قبل عدة أشهر، بينما تتعلق قرارات أوبك بالفصل الأول من 2021 وربما الفصل الثاني على أبعد تقدير.

لكن الأمور لا تكون أبدا محسومة مسبقا في إطار تحالف “أوبك بلاس”، إذ أن المجموعة محكومة بأوضاع داخلية مختلفة بين الدول الأعضاء الـ23، وبآراء متباينة بينها بشأن سياسة العرض الواجب إتباعها.

وعلى سبيل المثال، أبدت الإمارات العربية المتحدة في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني تحفظا على الاستمرار في التطبيق الكامل للخفض الطوعي للإنتاج إلى ما بعد نهاية العام.

كما يتحتم على الكارتل التعامل مع التباين في مدى التزام الدول الأعضاء بحصص الإنتاج المحددة لها.

وغالبا ما يوجه زير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان الذي تعتبر بلاده كبرى دول أوبك، انتقادات إلى الدول التي يتجاوز إنتاجها المستوى المحدد لها وفي طليعتها العراق ونيجيريا.

ولا تزال ذكرى فشل أول قمة عقدتها أوبك هذه السنة ماثلة في الأذهان، حين غادرت روسيا والسعودية فيينا على خلاف في مطلع مارس/اذار وخاضتا في غضون شهر حرب أسعار ضارية.

وإن كان الكارتيل يراقب عن كثب أسعار النفط التي عادت إلى مستويات ما قبل الوباء، مع بلوغ أسعار النفطين المرجعيين في العالم برنت بحر الشمال وغرب تكساس الوسيط 45 إلى 50 دولارا للبرميل، فهو يتابع كذلك بيانات الإنتاج من خارج رابطة دوله ومستويات امتلاء طاقات التخزين في العالم.

ويسجل عرض الولايات المتحدة المنتج الأول في العالم، تراجعا منذ بلوغه مستوياته القياسية التاريخية في مطلع العام، ليصل حاليا إلى 11 مليون برميل في اليوم. كما أن انتخاب الديمقراطي جو بايدن الذين يحمل معه مشروعا محدودا إنما فعليا لخفض إنتاج النفط الصخري في بلاده، يوحي بأن ذروة الإنتاج النفطي الأميركي باتت من الماضي.

ويتحتم على أوبك+ أيضا مراقبة مستويات الإنتاج في صفوفها، لا سيما وأن ثلاثة من أعضائها غير ملزمين بحصص إنتاج.

وبين هذه الدول ليبيا التي توقف إنتاجها بشكل شبه كامل في 2020 جراء النزاع الداخلي، غير أنه عاد بشكل مكثف منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبات يتخطى مليون برميل في اليوم بحسب المؤسسة الوطنية الليبية للنفط.

وفي حال اعتمدت الولايات المتحدة سياسة أكثر ليونة حيال إيران، الدولة المنتجة غير المعنية أيضا بالحصص، فإن ذلك قد يعيد على المدى المتوسط مئات آلاف براميل النفط في اليوم إلى السوق التي ستجد صعوبة في استيعابها.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى