تحليلات سياسيةسلايد

أُسطولٌ حديث من الغوّاصات النوويّة لأستراليا من الحِلف الإنكلوسكسوني.. هل اقتربت الحرب مع الصين؟

اتّهمنا البعض بالمُبالغة عندما قُلنا في افتتاحيّة نُشرت قبل عشرة أيّام إن الولايات المتحدة الأمريكيّة تُريد استِخدام أستراليا ككبش فداء في حربها القادمة ضدّ الصين في شرق آسيا تمامًا مثلما استخدمت أوكرانيا كطُعمٍ لاستنزاف روسيا، وتدميرها، وتفتيتها، فالاتفاق الثلاثي الذي جرى التوصّل إليه أمس في كاليفورنيا بين محور “أوكوس”، برئاسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والأسترالي انتوني البانيز بتحديث الأسطول الأسترالي، واستبدال غوّاصاته التي تعمل بالدّيزل بغوّاصاتٍ مُتطوّرة، وأكثر كفاءة تعمل بالدّفع النووي، واليورانيوم المُخصّب، ويؤكد أن الحرب ضدّ الصين باتت حتميّةً، والاستعدادات لها تسير على قدمٍ وساق، وأن أستراليا ستكون رأس الحربة فيها.

هُناك عدّة أسباب ومُلاحظات يُمكن رصدها لتفسير هذه الخطوة التي وصفتها الصين بأنّها إعلان حرب، وعمل غير قانوني كنشر السّلاح النووي:

الأوّل: التطوّر الهائل في القُدرات العسكريّة الصينيّة، وامتِلاك الصين، حسب أحدث التقارير المُتخصّصة بأكبر أسطول بحري في العالم عِماده حاملات طائرات حديثة جدًّا، وغوّاصات نوويّة مُتطوّرة، وصواريخ أسرع من الصّوت.

الثاني: التركيز على التحالف الإنكلوسكسوني النّاطق باللّغة الإنجليزية، سيكون بديلًا لحِلف الناتو في شرق آسيا، وتوصّل الأمريكان إلى قناعةٍ راسخةٍ بأنّ الدّول الأوروبيّة التي تُشكّل العمود الفقري في هذا الحِلف (النّاتو) لن تنجر إلى حربٍ أمريكيّةٍ ضدّ الصين في المُستقبل، بعد توريطها في الحرب الأوكرانيّة.

الثالث: هذا التحالف الثلاثي الإنكلوسكسوني سيأتي لمُواجهة تحالفٍ ثلاثيّ صينيّ روسيّ كوريّ شماليّ في حالِ اندِلاع شرارة الحرب في تايوان، الأمر الذي يتطلّب تحرّك أمريكي سريع ونووي وتقليدي للاستِعداد للمُواجهة.

الرابع: العقيدة العسكريّة الصينيّة تؤكّد على ضرورة عودة تايوان إلى السيادة الصينيّة قبل عام 2027، أيّ في غُضون أربع سنوات على الأكثر، وستلعب الأساطيل البحريّة والغوّاصات الدّور الأكبر في هذه الحرب، ومن هُنا يتم التركيز الأمريكي على أستراليا الدّولة الأقرب للصين، ودعمها بالغوّاصات النوويّة الأحدث، وتدريب الكفاءات اللّازمة من المُهندسين والفنّيين وجُنود البحريّة الأستراليين استعدادًا لهذه الحرب.

أمريكا تُريدها حربًا بالإنابة ضدّ الصين في شرق آسيا تمامًا مثلما أرادتها كذلك في أوكرانيا الأوروبيّة، ومثلما لم تُرسل جُنديًّا أمريكيًّا واحدًا للقِتال في أوكرانيا واعتمدت بشَكلٍ مُباشر على الجيش الاوكراني، ستُكرّر الأمر نفسه في حرب تايوان المُقبلة، وسيكون الأستراليّون الوقود الأكبر لهذه الحرب.

أمريكا التي وضعت خطط جرّ روسيا إلى حرب في أوكرانيا لاستنزافها عسكريًّا واقتصاديًّا، فشلت حتّى الآن في تحقيقِ أيٍّ من أغراضها، وباتت مُخطّطاتها تأتي بنتائجٍ عكسيّة لحُلفائها الأوروبيين من حيث الانهيار الأوروبي، وتصاعد الاحتجاجات الشعبيّة الغاضبة من حُكوماتها والحليف الأمريكي، علاوةً على ترسيخ المكاسب الروسيّة في ميادين القِتال، ومن غير المُستبعد أن يتكرّر السّيناريو نفسه ضدّ الصين في شرق آسيا، إن لم يكن بخسائرٍ أكبر لأنّ المُفاجآت الصينيّة ربّما تكون صادمةً بشَكلٍ أضخم للتّحالف الثّلاثي الإنكلوسكسوني، وعلينا أن لا ننسى، أن هذا التّحالف مُتورّطٌ أيضًا في حرب أوكرانيا في الوقتِ نفسه، و”ضربتان في الرّأس تُوجع”، على رأي المثَل العربيّ الشّهير.. واللُه أعلم.

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى