إدلب تنتظر حراك أنقرة… وسط توتر روسي ــ أميركي

لم يصدر خلال الأيام القليلة الماضية التي تلت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى إلى موسكو، لنقاش ملف منطقة «خفض التصعيد» في إدلب ومحيطها، ما يكشف تفاصيل عن العرض الروسي الذي قدمته وزارة الدفاع للزائرين الأتراك، ولا عن ردهم المحتمل عليه. وعلى رغم ما تم تناقله أمس، عن صدور قرار من قيادة «هيئة تحرير الشام» بحل هيكليتها الحالية، إلا أن أوساطاً معارضة عدة نفت ذلك، مؤكدة في الوقت نفسه أن الضغوط التركية تصب في هذا الاتجاه، في محاولة لسحب ذرائع شن عملية عسكرية من قبل الجيش السوري وحلفائه، ضد «تحرير الشام» ومن سيقاتل معها من الفصائل المسلحة الأخرى. المساعي الروسية لضبط إيقاع التطورات في إدلب، على إيقاع منسّقٍ مع شركائها في أستانا، لا تستثني بقية الأطراف المعنية بالملف السوري، وإن بدرجات متفاوتة. وبعد أن تستقبل موسكو كلاً من وزيري خارجية سوريا والمملكة السعودية، قبل مطلع الشهر المقبل، ينتظر أن يلتئم شمل قادة الدول الضامنة لمسار «أستانا»، في إيران، في السابع من أيلول المقبل، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام تركية، تفيد باحتمال انعقاد القمة في مدينة تبريز بدلاً من العاصمة طهران. ومن المؤكد أن المهلة المتبقية قبيل موعد القمة، هامة جداً لمصير إدلب وما حولها، رهناً بمدى نجاح أنقرة في تمرير خططها الخاصة بإعادة هيكلة «تحرير الشام» ودمجها ضمن مشروع ــ بدأ منذ مدة ــ مشابه لما جرى في مناطق «درع الفرات».

ومع حجم الرهانات على توافقات «ضامني أستانا» لصياغة مستقبل إدلب والشمال السوري، عادت اللهجة الروسية ــ الأميركية المتبادلة في ما يخص سوريا، إلى درجة عالية من الحدة، كانت شهدتها في مراحل مفصلية سابقة من الحرب السورية. وفي مقابل التهديد الأميركي باستهداف مواقع عسكرية سورية «رداً» على هجوم مفترض مستقبلاً في إدلب، اتهمت موسكو الأميركيين والاستخبارات البريطانية، بالتعاون لفبركة مثل هذا الهجوم، مع «إرهابيين من هيئة تحرير الشام». وكان لافتاً في هذا السياق، ما أوردته صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية نقلاً عن مصادر عسكرية، عن احتمال استخدام الأميركيين لقاعدة جوية جديدة تم إنشاؤها وتطويرها في منطقة الشدادي في محافظة الحسكة، في أي ضربات متوقعة ضد مواقع حكومية سورية. وأفادت الصحيفة، بأن القاعدة باتت تستقبل طائرات نقل عسكرية ثقيلة، وقد «تتفوق على قاعدة حميميم الجوية الروسية… وتصبح الأكبر في سوريا من حيث حجم البضائع المنقولة وعدد طائرات النقل العسكرية التي تحط فيها». وتأتي هذه المعلومات بعد أشهر من نشر وزارة الدفاع الأميركية صوراً لطائرات نقل عسكرية تحط في تلك القاعدة ولعمليات تركيب وتشغيل أنظمة رادار متطورة ضمنها، وبالتوازي مع أنباء عن وصول معدات جديدة إلى القاعدة، جواً، وبراً عبر الحدود مع العراق.

وترافق الوعيد الأميركي مع تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جدد فيها موقفه حول ضرورة «تشديد الضغط أكثر على النظام وحلفائه»، وبخاصة من جانب تركيا وروسيا، في شأن مجريات إدلب وملف «الانتقال السياسي». وأضاف القول: «إن كنت أعتبر منذ اليوم الأول أن عدونا الأول هو داعش ولم أجعل يوماً من عزل (الرئيس السوري) بشار الأسد شرطاً مسبقاً لعملنا الديبلوماسي أو الإنساني في سوريا، فإنني في المقابل أعتقد أن مثل هذا السيناريو سيكون خطأ فادحاً»، موضحاً أنه «لا يعود لفرنسا ولا لأي دولة أخرى أن تعيّن قادة سوريا في المستقبل، لكن من واجبنا ومن مصلحتنا أن نتثبت من أن الشعب السوري سيكون فعلاً في وضع يسمح له بذلك».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى