تحليلات سياسيةسلايد

إعلامي صهيوني يكشِف نفاق القارّة العجوز ويُطالِب الاتحاد الأوروبيّ بمُقاطعة إسرائيل كدولة عزلٍ عنصري كجنوب إفريقيا

لا يختلِف اثنان بأنّ الإعلاميّ الإسرائيليّ، غدعون ليفي، هو الأكثر مناهضةً للاحتلال وموبقاته. لا يُخفي المُحلِّل في صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّه يُصوّت في انتخابات الكنيست لأحد الأحزاب العربيّة، ولا يتورّع عن مُواجهة صحافة البلاط في كيان الاحتلال، التي تتبنّى السرديّة الصهيونيّة، إنّه كَمَن يُغرّد خارج السرب، سرب الإجماع القوميّ الصهيونيّ.

لذا لم يكُن مفاجئًا لمَن يُتابِع الشأن الإسرائيليّ إنْ يقرأ في مقاله الأخير في (هآرتس)، دعوته الاتحاد الأوروبيّ إلى مقاطعة دولة الاحتلال ووقف تمويل الدول الأوروبيّة للمراكز الثقافيّة والفنيّة الإسرائيليّة حتى امتثال الكيان أمام القانون الدوليّ.

كما دعا تلك الدول إلى التوقف أيضًا عن النفاق بالقول إنّ الدعم مشروط بأنْ تكون المراكز في الدّاخل الفلسطينيّ (ضمن ما يُسمّى الخط الأخضر) ولا يكون للمراكز  خارجه (في القدس والضفة)، معتبرًا في ذات الوقت أنّه لم يعد هناك فرق بين الداخل والخارج فـ”جميعنا مستوطنون، جميعنا شركاء في المشروع الأساسي للصهيونية، وهو مشروع الاستيطان”، على حدّ تعبيره.

ليفي قال إنّ “الجميع يكذب على الجميع ويكذبون على أنفسهم، الأوروبيون يكذبون على أنفسهم وعلى غيرهم، الفنانون والمثقفون في إسرائيل يلعبون لعبة “كم نحن جميلون”. وقرر الاتحاد الأوروبي، القيام بمشروع ثقافي وضخ مئات ملايين اليورو لمؤسسات الثقافة في إسرائيل، ومن غير المناسب أنْ يتم ضخ أموال هائلة كهذه لدولة الفصل العنصريّ، ومع ذلك فإن الاحتلال يصرخ من تحت كلّ حجر”.

وتابع:”هكذا وجدت أوروبا حلاً إبداعيًا كاسم المشروع الأساسي لها، “أوروبا المبدعة”، سنفرق بين “إسرائيل الجميلة”، وبين ساحتها الخلفية، القبيحة والمتوحشة والمظلمة، والجميع سيكسبون”، لافتًا إلى أنّه “كما هو الحال في المشروع العلمي Horizon Europe Creative قرر الاتحاد الأوروبي ألّا تشمل المنح المؤسسات الثقافية في المستوطنات. فهناك خط أخضر ويفصل الاتحاد بين مسرح تل أبيب وبين المراكز الثقافية في غوش عتصيون (المستوطنات جنوب الضفة الغربية المحتلّة)”.

وأردف:”لتعلم أوروبا، فحسب وثيقة عرضتها وزارة الثقافة الإسرائيليّة على المحكمة العليا قبل بضع سنوات، فإنّ 16 مسرحًا من الـ 24 مسرحًا المدعومة في إسرائيل، 5 فرق موسيقية و5 فرق رقص، حصلت في 2017 على زيادة من الحكومة بسبب عروضها في المستوطنات”.

“بمعنى آخر”، أوضح الإعلاميّ الإسرائيليّ “معظم المسارح وبعض المؤسسات الثقافية الأخرى تدعم المستوطنات، أوْ على الأقل لا تمتنع عن الظهور فيها. هم على حق، لم يعد هناك فرق كبير بين مشاهدي المسرح في بيت ليسين (مسرح بمدينة تل أبيب) أوْ بيت إيل (مستوطنة في الضفة): كلاهما يدعم المستوطنات بشكل مباشر أوْ غير مباشر”.

وشدّدّ في مقاله بـ(هآرتس) العبريّة على أنّ “الخط الأخضر مات منذ زمن، فلم يعد هناك أيّ طريقة للفصل بين إسرائيل السيادية (أيْ داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر) وإسرائيل المحتلة (أراضي الـ 67 المحتلّة)، ولم يعد هناك أيّ طريقة أخلاقية للتمييز بين الإسرائيليين في تل أبيب وبين المستوطنين الأشرار في (يتسهار). جميعنا مستوطنون، جميعنا شركاء في المشروع الأساسي للصهيونية، وهو مشروع الاستيطان، حتى لو كان بعضنا ينتقده، ينتقد ولا يفعل تقريبا أي شيءٍ”، على حدّ تعبيره.

ورأى ليفي أنّ “حكومتنا تقوم بالتمويل وجيشها يحمي الفنانون عندنا يعرضون، ومن غير المريح الاعتراف بهذا، لذلك، يستمر حفل الأقنعة هذا، الذي يذهبون إليه وهم يرتدون قناع الاحتلال ويحاولون الشعور وكأنّهم دونه، والجميع يخرجون رابحين من خداع النفس هذا، الأوروبيون يشعرون بالراحة، هم يتمسكون بمبادئهم ولا يساعدون الأبارتهايد، في حين يعرف كلّ أوروبيّ مثقف عن وجوده في إسرائيل”.

وكشف النقاب عن أنّ “رئيس الوزراء السابِق، نفتالي بينيت حاول كشف الكذب، وفعل ذلك لثأرٍ سياسيٍّ، وقال للأوروبيين ما كان يجب أنْ يكون واضحًا لهم منذ فترة طويلة، إمّا أنْ تقاطعوا كلّ إسرائيل بسبب الأبارتهايد وإمّا أنْ تواصلوا التدليل عن طريق المنح الثقافية والعلمية وكأنّه لا يوجد أبارتهايد (قانون طوارئ إسرائيلي)”.

وخلُص المُحلّل ليفي إلى القول إنّه “في حال أرادت أوروبا أنْ تكون صادقة فعليها مقاطعة كل إسرائيل، إلى حين امتثالها للقانون الدولي، كما فعلت مع جنوب أفريقيا. فهناك نجح الأمر، وهو سينجح هنا. إذا كنتم لا تعتقدون بأنّ الأمر يتعلق بالأبارتهايد، بل بدولة ديمقراطية، عندها أعطوها كل الدعم، ولكن فقط هناك أمر واحد لم يخطر بالبال، هو النفاق”، على حدّ تعبيره.

صحيفة راي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى