فن و ثقافة

ابن أبي سفيان والنهاوندي يشعلان ‘فتيل الفتنة’ من جديد

ألقى الجدل الواسع الذي أثير حول مسلسل درامي عن سيرة معاوية بن أبي سفيان بظلاله على إمكانية عرض هذا العمل التاريخي في الموسم الرمضاني، إذ لم تفلح مجموعة “ام بي سي” السعودية المنتجة له في الصمود في وجه السلطات الرسمية العراقية التي دخلت على الخط لمنع بثه.

وتغطي أحداث مسلسل “معاوية” الفترة منذ بدء الفتنة الكبرى بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان وتولي علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ثم بعد ذلك استشهاد علي وتولي الحسن، ثم تنازل الحسن وتولي معاوية، وتولي يزيد، إلى استشهاد الحسين في كربلاء، كما يتناول العمل التاريخي أحداث معركتي الجمل وصفين.

وخصصت مجموعة “ام بي سي” السعودية للعمل وهو من إخراج طارق العريان ميزانية تتجاوز 75 مليون دولار أميركي في رقم غير مسبوق عربيا، على أن يتم بثه على قنواتها ومنصة “شاهد” في رمضان 2023.

إلا أن هيئة الإعلام والاتصالات في العراق أصدرت بيانا إلى قناة “ام بي سي” العراقية تمنعها من خلاله من عرض المسلسل، وقد شمل المنع كذلك فيلم “شجاعة أبو لؤلؤة” الذي روجت قناة “الشعائر” لبثه، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.

وقالت الهيئة “بعد الرصد والمتابعة وورود العديد من الشكاوى المجتمعية إلى الهيئة بخصوص نية قناتيكما بث أعمال فنية تتناول موضوعات تاريخية جدلية ومنعا لحدوث أي سجال مذهبي خاصة في شهر رمضان المبارك توجه هيئة الإعلام والاتصالات قناتيكما بعدم بث أي عمل من شأنه إذكاء السجال والجدل المذهبي، حفاظا على أجواء الشهر الكريم واستقرار البلاد والسلم المجتمعي فيه”.

وأبدت كلا القناتين تجاوبا مع ما ورد في نص بيان الهيئة، حيث كتبت قناة “ام بي سي” العراقية “نؤكد لكم أن قناتنا لم تنتج مسلسل (معاوية) ولن يعرض في الدورة المبرمجة للشهر الفضيل أو الدورات اللاحقة”.

وما فتئ هذا المسلسل الذي كتبه الصحافي خالد صلاح يحدث بلبلة منذ الإعلان عن تصويره، حيث سبق أن أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تغريدة لزعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر على حسابه على تويتر دعا فيها إلى عدم بث المسلسل متهما شخصية معاوية بأنها “رأس الفتنة التاريخية”.

وقال “لا داعي لجرح مشاعر إخوتكم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. وإني لكم من الناصحين”.

وجدد بيان هيئة الإعلام والاتصالات في العراق المعارك التي احتدمت بين مناصرين ومعارضين للفكرة من أساسها، لاسيما أن معاوية من أكثر الشخصيات الإسلامية التي اختلف حولها الناس وأقاموا حولها نقاشات طاحنة.

وغرد ناشط باسم “تركي الحمد” على تويتر قائلا “أرجو أن يكون هذا المسلسل الذي سيعرض في شهر رمضان القادم وبتكاليف باهظة رائعا وشاملا، فيما لو روعيت فيه الموضوعية، وعدم المبالغة في المدح أو القدح، لشخصية من أبرز شخصيات تاريخ العرب والمسلمين، سواء اتفقت معها فبجلتها، أو اختلفت معها فلعنتها، ففي كل الأحوال يبقى الرجل علامة بارزة في تاريخنا، بل وفي تاريخ السياسة العالمية”.

وأضاف “لكن هناك فئات وجماعات ومن منطلقات أيديولوجية تسقط مفاهيم الحاضر على الماضي والماضي على الحاضر، أو طائفية تنقل حزازاتها التاريخية من جيل إلى جيل وترى أن مثل هذا المسلسل يوقظ الفتنة ويؤجج الصراع الطائفي طالما أنه لا يتوافق مع منطلقاتهم ومعتقداتهم، ويبقى السؤال في النهاية: لماذا ينقمون على معاوية بن أبي سفيان؟”.

وكشفت الكثير من المنشورات على الموقع الاجتماعية عن استنكار أصحابها من إنجاز فيلم سينمائي يتناول قصة قاتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كرد على تصوير مسلسل تاريخي حول سيرة الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وما لف تلك الحقبة من أحداث حافلة.

وتسأل الصحفي المصري عبدالله العباسي عبر حسابه على فيسبوك “قاتل الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه له فيلم سينمائي يتم عرضة في العراق وإيران بعنوان (شجاعة أبو لؤلؤة) ردا على مسلسل (معاوية) ما القصة؟”.

وذكر بمناسبة الضجة المفتعلة ضد المسلسل بعض النقاط المضيئة في تاريخ معاوية وإنجازاته، قائلا “كل هذا يساعدنا على تقييم زعماء تاريخنا العربي الإسلامي ليس على أساس حروبهم وقمعهم، بل على أساس هل شيدوا وأنجزوا أم خربوا وانهزموا؟”.

ويجسد الممثل السوري لجين إسماعيل دور “معاوية” بعد انسحاب الفنان الفلسطيني علي سليمان من لعب هذا الدور، ويشارك نخبة من الفنانين السوريين والتونسيين والمصريين والخليجيين في بطولة هذا العمل الذي تمت تصويره في استديوهات “كارتاغو فيلم” بمدينة الحمامات السياحية في تونس وفي مناطق مختلفة في شمال وجنوب البلاد على غرار مدينتي المهدية والمنستير الساحليتين والنفيضة في الجنوب وغيرها.

ولا يقتصر حضور تونس في هذه الدراما التاريخية على كونها مسرحا لتصوير المشاهد والأحداث، بل تشارك ثلة من الفنانين التونسيين في تجسيد شخصيات العمل على غرار خالد هويسة وعائشة بن أحمد وسهير بن عمارة وأميرة درويش وأمير الدريدي وطارق المناعي ومحمد قريع وخالد حمام وحكيم بلكحلة وحمد مراد وياسين بن قمرة.

إلا أنه بعد استجابة قناة “ام بي سي” لطلب هيئة الإعلام والاتصالات في العراق لم يخرج العمل من السباق الرمضاني فحسب بل وقضي على أي أمل في بثه في بعد رمضان وكذا الحال مع فيلم “شجاعة أبو لؤلؤة”.

إذ أشارت قناة “شعائر” العراقية إلى أنه “لا توجد لديها النية لبث أعمال فنية تتضمن الانتقاص أو تشويه المعتقدات الدينية للطوائف الأخرى”، مشددة على أنها “سوف تلتزم بعدم بث فيلم (شجاعة أبو لؤلؤة) الذي سبق وأن روجت له”.

وكانت القناة قالت عبر حسابها على إنستغرام إنها “تستعد لإطلاق أكبر إنتاج إسلامي تاريخي لهذا العام تحت عنوان (شجاعة أبي لؤلؤة النهاوندي)، بمشاركة عدد كبير من الممثلين والفنانين من العراق وسوريا ولبنان وإيران”.

وشجاعة أبو لؤلؤة هو قاتل الصحابي عمر بن الخطاب ومعروف بـ”أبو لؤلؤة المجوسي” ويقال له “فيروز النهاوندي” وكان يسمى في قومه بابا شجاع الدين.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى