نظام إقليمي مفخخ يهدد العالم !

 

خاص باب الشرق

أكثر ما يؤلم السوريين سماع عبارة ( المرتزقة السوريين)، و أكثر ما يقلق المتابعين التمدد التركي العسكري في البحر الأبيض المتوسط وتوغله في ليبيا، وأشد ما يدهش الجميع إعلان أنقرة نفسها قوة إقليمية إستعمارية لأول مرة منذ سقوط السلطنة العثمانية.

يأتي انخراط مقاتلي المعارضة السورية في القتال في ليبيا لصالح تركيا مقابل حفنة من الدولارات، وإكتسابهم عار لقب ( المرتزقة) يفضح حقيقة قسماً من المعارضة المسلحة، ويعري حقيقة أن قتاله ضد الدولة السورية أولاً كان لصالح تركيا و لم يكن أبداً ( من أجل حكم أكثر ديمقراطية) والفضيحة كشفت زيف اللافتة الإسلاموية التكفيرية التي أختبأوا وراءها, حيث تبين أن ما يحكمهم هو تبعيتهم لإنكشارية أردوغان، و ما يحركهم كمية الدولارات التي يتقاضونها. إن الإرتزاق و المرتزقة، أفعال و صفات تناقض الهوية الحضارية الإنسانية لكل سوري، والإرتهان لمصالح الغير مقابل حفنة دولارات، مرض غريب و نجس يرفضه السوريون ولا يسكتون على إستمراره حتى لو اضطروا لاستعمال أقسى العلاجات معه. (المعارضة المرتزقة) فضحت حقيقة الحرب الإرهابية التي كان لتركيا الأطلسية اليد الطولى في إشعالها في الثوب الوطني. لقد كانت عملاً إستعمارياً تخريبياً، يشارك فيه ( مرتزقة) يتاجرون بالله و الوطن. و لا بد للمعارضة الحقيقية الوطنية أن تعلن مراجعاتها ومواقفها تجاه هذه الفضيحة ..

المتحدثون بإسم أردوغان يتباهون بـ ( قوة محور العقلية الجيوسياسية التركية في كل مكان من الخليج العربي إلى شمال أفريقيا والبحر الأحمر، ومن البلقان إلى القوقاز وآسيا الوسطى). و يدرجون ما يجري في ليبيا من تدخل تركي تحت مفهوم ( مرحلة الصعود الجديد) تنفذها تركيا في ليبيا و البحر المتوسط, الأمر الذي سيضطر الجميع في المنطقة والعالم لإعادة حساباتهم، خاصة وأن هذا ( التمدد التركي الصاعد) يحدث للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الأولى و انهيار الدولة العثمانية.

هذه ( العقلية الجيوسياسية التركية) قوتها الجيش التركي ومقاتلي المعارضة السورية ( المرتزقة)، وهي تهاجم الجميع وتدمر قاعدة دفاع جوي روسية (بنتيسير 1 أس ). و تهدد بإسقاط طائرات الميغ ، مما يكشف الوقاحة العثمانية الإستعمارية التي تتباهى بنيتها السيطرة على منطقة البحر الأبيض المتوسط، متحدثة عن المنطقة و الإقليم، كهدف تعمل على إخضاعه للسيطرة والنفوذ التركي. و هذا ما يكشف حقيقة الدور التركي العثماني الجديد ، الساعي إلى الهيمنة على الإقليم بالقوة الإستعمارية المتعاملة مع ( المرتزقة) من كل مكان، و متكئة على سياسيين يتعاونون معها في بعض البلدان. وهذا ما حدث أولاً في سورية، عندما جندت تركيا فصائل متشددة معارضة لإسقاط الدولة السورية، وما زالت تسيطر على إدلب بواسطة هؤلاء المرتزقة، و بكل وقاحة  يتفاخر المتحدثون بإسم أردوغان أن ( نجاحهم) في سورية سيكررونه في ليبيا. و بالفعل بدأوا باحتلال قاعدة أو مطار، وبإنزال جنود ومرتزقة، و بدون أي خجل يتباهون بإنجازات ما يسمونه ( محور قوة العقلية الإستراتيجية التركية الصاعدة)..

السكوت الأطلسي الغربي عما يفعله أردوغان في ليبيا، بعدما شجعوه على ما فعله و يفعله في سورية، انتهى منذ أيام بمكاملة من ترامب لأردوغان، أعلنا بعدها أنهما إتفقا على إستمرار التنسيق لتحقيق الأمن و الإستقرار في المنطقة. أي أمن ؟ و أي إستقرار؟ هل هو الأمن و الإستقرار الأطلسي الذي يكرس أردوغان سلطاناً على منطقة المتوسط؟؟ أم أمن و إستقرار يستخدم فيه أردوغان لإدامة النزاعات والصراعات في المنطقة؟؟ وهل هذا النظام الإقليمي القائم على إستمرار الإحتراب و التقاتل؟؟

لو دقننا بمعنى ما يقوم به أردوغان في ليبيا، بعد ما قام بمثله في سورية، نجد أن الخطر الأردوغاني يتصاعد و يهدد المنطقة في أمنها وإستقرارها. والواضح لنا جميعاً أن إستراتيجية إستخدام ( مرتزقة محليين) تحت شعارات الإسلام أو المعارضة أو إسقاط النظام، يمدد العمل بها , بعدما اختبرها في سورية و يتمدد بها إلى ليبيا مع الجيش التركي والسلاح الأطلسي . مع مرحلة ليبيا، تنفضح استراتيجية أردوغان العثمانية الإستعمارية الطامعة في الدول الأخرى والمستخدمة للتعصب الديني ، والراكبة على مظالم الناس. إنها بالفعل ( محور قوة العقلية العثمانية) المهددة لأمن المنطقة والمزعزعة لإستقرارها, و المديمة للصراعات فيها. إنها استراتيجية أردوغانية تريد إقامة نظام إقليمي ملتهب بالصراعات المستدامة.  .  . فهل يسكت العالم المهدد بخطر أردوغان الذي يفخخ المنطقة بعقليته وباستراتيجيته الإستعمارية , التي إن تنامت والتي ستؤدي إلى تفجر المنطقة و العالم ؟؟

باب الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى