افتتاحية الموقع

هل باتت الحرب الباردة نظام العالم، و ما تأثيرها على سورية ؟؟

 رغم الإنكار الأميركي فإن الإدارة الأميركية ، منذ أن فرض ترامب حرب الجمرك على الصين، أنطلقت ( الحرب الباردة الجديدة ) بين الشرق و الغرب . و لما جاء بايدن و أتجه إلى تفعيل تحالفات أميركا مع أوربا و الناتو و أستراليا و اليابان و الهند و غيرها , تطورت هذه ( الحرب الباردة الجديدة ) و تتجه لإستكمال أدواتها ومفاعيلها لتصبح ساحة الصراع (البارد الجديد ) بين الشرق والغرب، فما تأثير هذه الحرب على العالم عامة ؟؟ و إنعكاسها على الأوضاع في سورية خاصة ؟؟

و منذ إنفلات ترامب على العالم بحس ( الجباية ) من إقتصادات العالم ، ومنذ أن أعلن شرهه لأموال الآخرين، وبدأ الإبتزاز باسم حماية الدول الثرية، تنبهت الدول في الشرق ( الصين – روسيا – تركيا – إيران .  .  . ) إلى أن أميركا تتجه إلى حرب باردة جديدة ضد العالم عامة و ضد الشرق خاصة سلاحها الإقتصاد والسياسة والإعلام والإيديولوجية، مع التركيز على الإقتصاد . . و فهم الشرق أنها حرب باردة جديدة بدأت تتوالد . لذلك سارعت بالهجوم كشكل من أشكال الدفاع . وهكذا أنتشرت روسيا بعلاقاتها التجارية والإقتصادية والسياسية والعسكرية مع دول الخليج العربي والسعودية وتركيا وقبرص ومصر واليونان والسودان .. وغيرها، وبات لها مركزاً مهماً في سورية , وقوة فاعلة فيها . كذلك طورت وفعّلت الصين من مشروعها ( الحزام والطريق) وأقامت إتفاقيات مع باكستان وروسيا والخليج والسعودية ومصر وإسرائيل وأفريقيا، وأخيراً عقدت إتفاقها مع إيران لخمسة وعشرين عاماً بتبادلات تبلغ 400 مليار دولار … و تركيا فعلت الأمر نفسه. كذلك إيران … وتنوعت تحالفات وأحلاف الشرق من البريكس إلى شنغهاي إلى التعاون والأمن إلى الحزام والطريق، ليصبح هذا الشرق قوة مستعدة وجاهزة لأي حرب باردة أو أكثر من باردة .. وبعد إعلام بايدن عن إستهداف الصين وروسيا , واعتماده الدبلوماسية والضغوط الإقتصادية، باتت الحرب الباردة أمراً واقعاَ، و فعلاً يضبط علاقات العالم. وربما صارت هذه الحرب الباردة نظام العالم الجديد، ولو مؤقتاً. و هذا ما يزيد تكاليف الحياة في العالم كله ، ويهدد إستقراره الإقتصادي على الأقل . .

أما في سورية، التي تعيش حالة جمود على مستوى الحل النهائي، وسكون على مستوى الصراع العسكري، فإنها و بسبب التواجد اللا شرعي للغرب ( أميركا وفرنسا وبريطانيا ) المحتل لأجزاء منها . وبسبب وجود تركيا الإحتلالي , وكذلك بسبب وجود روسيا وإيران بناء على طلب الحكومة السورية وبدعم من الصين . بسبب كل ذلك فإن دول الغرب والشرق المتصارعة ضمن ( الحرب الباردة الجديدة ) موجودة على الساحة السورية، ولكل منها تأثيره و فعاليته . لذلك فإن الخوف كل الخوف أن تؤدي الحرب الباردة الجديدة بين هذه القوى إلى إطالة أمد الجمود القائم على خريطة النفوذ والقوى في سورية . كما أن الخشية كل الخشية أن تلجأ هذه القوى المتصارعة وغير المتوافقة، على تثبيت الحال القائم في سورية لممارسة صراعاتها الجيوسياسية على البارد . وبذلك تكون هذه الحرب الباردة الجديدة تهديد جديد لسورية . تهديد يعرقل إستعادة وحدة سورية أرضاً و شعباً ومؤسسات، و يمنع إعادة الإعمار وتدوير عجلة الإنتاج . كما يعيق عودة الحياة الطبيعية للدولة على كامل أرضها وعموم شعبها.

وهكذا فإن ( الحرب الباردة الجديدة ) التي ربما تصبح نظام العالم الجديد تفرض على السوريين مهاماً أكثر إلحاحاً لمحاولة التفلت من براثن هذا الجمود، والعمل على النجاة من الوقوع في برودة هذه الحرب المضادة لمصالح السوريين، عبر إحداث خرق ينقذ الحالة السورية من إستمرار الجمود بواسطة تفعيل حل وطني سوري سوري يخرج من قيود و مصالح الدول المتصارعة ليدخل في حالة تناسب مصالح الشعب السوري ودولته في إستقلاليتها و سلامتها الإقليمية وسيادتها الكاملة … الأمر صعب ومعقد في حالة سورية بسبب تشابك الصراعات وتقاطع نفوذ الدول فيها، لكنه الأمر الضرورة  والملّح والإنقاذي ، ولا بد من الخوض فيه . . لا بد ..

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى