الأوبئة في التاريخ

 

خاص باب الشرق

لا أحد يوقظ العالم ، إلا الحرب والوباء والزلزال!

وفي روايته “الحب في زمن الكوليرا” جعلنا غابرييل غارثيا ماركيز نشاهد الحب في قلب المأساة، وفي تلك الرواية المدهشة، رسم لخيالنا كقراء مشهد جثث ملقاة على امتداد النهر، وضحايا يحرقون وينثر رمادهم، وعقاقير عاجزة عن إنقاذ أحد، جعلنا شاهد الحب الكبير لفيرمنثو داثا ينمو بنمو المأساة، ولا ينتهي حتى بعد أن شاخ وشاخت المأساة.

ودائما الوباء ينتهي، أي دائما تنتهي المأساة، وفي كتاب تاريخ البشرية، درس لايحفظه العالم جيداً، هو أن علينا أن نتعلم من الحرب والمأساة، وأن لا نستسلم لهما، وأن نقاومهما بالحب والوعي والارادة!

والعالم اليوم يعيش مأساة الوباء كورونا الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة تأهب في العالم واعتبرته وباء عالميا، وفيروسات كورونا هي زمرة واسعة من الفيروسات تشمل فيروسات يمكن أن تتسبب في مجموعة من الاعتلالات في البشر، تتراوح ما بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة. كما أن الفيروسات من هذه الزمرة تتسبب في عدد من الأمراض الحيوانية.

وقد تحول الوباء إلى أهم حدث في نشرات الأخبار العالمية ، وأخذ يهيئ العالم إلى أخطر حالات الركود الاقتصادي، ومايمكن أن تؤدي إليه هذه الحالة ناهيك عن الهلع والفوبيا العالمية التي انتشرت سريعا عبر وسائل التواصل .

وعند الحديث عن الأوبئة في العالم، يبرز الطاعون، كأشهر وباء سمع عنه الناس، فقد أودى بحياة عشرات الملايين في جميع أنحاء العالم. وتفشى الطاعون غير مرة على مر التاريخ في عدة عصور، وعرف المرض بأسماء مختلفة مثل أثينا وأنتونينوس وقبرص وجوستينيانوس.

وفي القرن الرابع عشر تحديداً أجهز الطاعون على حوالي ثلث سكان أوروبا وشاعت تسميته بـ”الموت الأسود” لأنه يشكل بقعاً سوداء على الجلد، مما جعله واحداً من أكثر الأمراض دمويةً في تاريخ البشرية.

أما العرب ، فقد عرفوا الطاعون تحت عبارة محفوظة جيدا في كتب التاريخ، هي (طاعون عمواس)، وهي بلدة صغيرة تقع قرب بيت المقدس في فلسطين، وهو أحد امتددات طاعون جستنيان، وقع في بلاد الشام في أيام خلافة عمر بن الخطاب سنة 18 هـ “640 م” بعد فتح بيت المقدس، ومات فيه كثير من المسلمين ومن صحابة النبي محمد.

ومن ضحاياه ، كما ورد في تاريخ الواقدي، خمسة وعشرون ألفاً، ومن أبرز من ماتوا في الوباء أبو عبيدة بن الجراح و معاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان و سهيل بن عمرو و ضرار بن الأزور و أبو جندل بن سهيل وغيرهم من أشراف الصحابة وغيرهم. عُرفت هذه السنة بعام الرمادة للخسارة البشرية العظيمة التي حدثت فيها.

وقد عرف العالم أوبئة كثيرة فيما بعد من مرض فيروس الإيبولا ومرض نقص المناعة الإيدز أو السيدا، ووباء الكورونا الذي نعيش مأساته هذه الأيام .

وقيل إن فيروس الإبيولا ينتقل إلى الإنسان من الحيوانات البرية وينتشر بين صفوف التجمعات البشرية عن طريق سريانه من إنسان إلى آخر، ويمكن أن يموت نصف المصابين به، وقد كتب عن هذا الفيروس الكثير ، ومن بين ما كتب أنه عرف سابقاً باسم حمى الإيبولا النزفية، ظهر لأول مرة عام 1976 في إطار فاشيتين اثنتين اندلعتا في آن معاً، إحداهما في نزارا بالسودان والأخرى في يامبوكو بجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي اندلعت في قرية تقع على مقربة من نهر إيبولا الذي اكتسب المرض اسمه منه.

والموجة التي وقعت في آذار/ مارس 2014،  هي أكبر وأعقد حالات التفشي، إذ تسببت في حالات ووفيات أكثر من جميع الحالات الأخرى، وانتشرت بين البلدان بدءاً بغينيا ومن ثم عبرت الحدود البرية إلى سيراليون وليبيريا وانتقلت جواً إلى نيجيريا (بواسطة مسافر واحد فقط) والولايات المحتدة الأمريكية (بواسطة مسافر واحد) وبراً إلى السنغال (بواسطة مسافر آخر) ومالي (بواسطة مسافرين).

وكما يقال الآن عن وباء الكورونا، فإن وباء الإبيولا جاء من خفافيش الفاكهة من الفصيلة بتيروبوديداي فهي المضيف الطبيعي للفيروس .

أما وباء الإيدز ، فقد عرف العالم عنه الكثير، وجاء في موقع منظمة الصحة العالمية أن الإيدز أن فيروس العوز المناعي البشري يصيب خلايا الجهاز المناعي المسماة خلايا عنقود التمايز ‏‏4 التي تساعد الجسم على التصدي للعدوى‏. ويتناسخ الفيروس داخل خلايا عنقود التمايز 4 فيصيب الخلايا بالضرر ويدمرها.‏ وفي غياب العلاج الفعّال باستخدام توليفة من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، يصبح ‏الجهاز المناعي ضعيفاً إلى الحد الذي يجعله عاجزاً عن محاربة العدوى والمرض.‏

وترى منظمة الصحة العالمية أنه لا يمكن الشفاء من عدوى فيروس العوز المناعي البشري، ولكن يمكن علاجه باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية التي تعمل على وقف تنسخ الفيروس. ويمكن للعلاج المضاد للفيروسات القهقرية أن يؤدي إلى تدني مستويات الفيروس في الجسم بحيث يمكن للجهاز المناعي أن يعمل بشكل طبيعي، فيتمتع الشخص المتعايش مع الفيروس بصحة جيدة، على أن يلتزم بالعلاج وأن يظل العلاج فعّالاً. كما تقل احتمالات انتقال الفيروس من الأشخاص المتعايشين مع الفيروس إلى الآخرين عندما يكون العلاج ناجعاً.

 

(( موقع باب الشرق))

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى