الإستثمارات الأجنبية الواردة إلى الدول العربية والإستثمارات العربية البيئية ( الواقع والإشكاليات )

 

مما لا شك فيه أن موضوعنا غني جداً ومتشعب وخاصة عندما نأتي على ذكرالأرقام والمقارنة بين الدول العربية والتي فيها من المفارقات تباينات الكثيرة والغريبة. وبأرقام الإحصائات نجد أن هناك دولاً عربية تعمل على رفع مشاركتها وحصصها في تدفقات الإستثمارالأجنبي، ودولاً عربيةً أخرى ليس لها من هذه الإستثمارات أي حصة على الإطلاق.

وبالإطلاع ودراسة البيانات الصادرة عن المؤسسة العربية لضمان الإستثمار وإئتمان الصادرات ” ضمان “، سجلت تدفقات الإستثمار الأجنبي الواردة إلى الدول العربية خلال عام (2018 ) نحو ( 31,02) مليار دولار و (31,1) مليار دولار خلال عام (2017).

و أرجعت ” ضمان ” ظاهرة إنخفاض التدفقات الإستثمارية إلى تراجع جاذبية مجموع الدول العربية للإستثمار في عام (2019)، وكذلك تراجعها إلى المرتبة الخامسة على الصعيد العالمي من بين (7 ) مجموعات جغرافية .

ومن بين (21) دولة عربية تراجعت معدلات تدفقات الإستثمار الأجنبي في نحو (6 ) دول عربية إبتداءاً من مصر ومن ثم الأردن تليها الكويت ثم موريتانيا ومن ثم قطر بنسبة سالبة و كذلك العراق .

آخذين في الإعتبار بأن دولا مثل ليبيا وسوريا لم يشهدا أي إستثمارات أجنبية تدفقت إليهما خلال عامي ( 2018 ) و (2019).

علما بأن دول الخليج العربي هي التي تصدرت القائمة العربية بحجوم تدفقات الإستثمارات الخارجية، آخذين بعين الإعتبار أن البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية  ( أونكتاد) تشير إلى أن الإستثمارات الواردة إلى الدول العربية مثلت ( 2,4%) من الإجمالي العالمي البالغ (1297) مليار دولار خلال عام (2018 ).

ومن الملاحظ على حركة الإستثمارات الأجنبية المباشرة التي تتدفق إلى البلدان العربية هي أنها شديدة التقلب من عام إلى آخر في قيمتها المطلقة أو في حصة الدول العربية من هذه التدفقات المباشرة بين مختلف دول العالم وهذه التقلبات لا علاقة لها بالإتجاه العالمي .

– و حقيقة الأمر أن مناخ الإستثمار في البلاد العربية غاية في الحساسية لأي إضطرابات آمنية و سياسية.

– إن الإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة التي ترغب في الإستثمار و التي تتدفق على البلاد العربية هي غاية في الحرص والإدراك لمدى خصوصية الأنظمة السياسية المختلفة في البلاد العربية والتي شهدت خلال العشرسنوات الماضية الكثيرمن الذبذبات والتقلبات الجيوسياسية وعدم الإستقرار في إقتصادياتها، ونتيجة الصراعات الطائفية والعرقية التي تسببت بعدم الإستقرار الإقتصادي، وإعطاء عامل الأمان للإستثمارات الخارجية بالتدفق إلى البلدان العربية ما جعل محدودية هذه الإستثمارات يقع تحت ضغط العوامل التي ذكرناها بالمطلق ولا تتناسب مع عدد سكان الوطن العربي والذين يشكلون قرابة (15%) الخمسة عشر بالمئة من سكان العالم .

– هذه الخشية والتروي في موضوع الإستثمارت الأجنبية التي ترغب بالتدفق إلى البلدان العربية يعطي مؤشراً على الإنغلاق الجزئي لبعض الأسواق العربية في وجه الإستثمارات الأجنبية ويعكس وجود خلل ومشكلات في مناخ الإستثمار في البلدان العربية.

– ومن المؤكد، وكذلك من الثابت بمكان أن أي إستثمارات، وبخاصة الإستثمارات الأجنبية،  هو أمر حساس لظروف ومناخ الطابع السياسي للبلدان العربية وهو ما يسهل و يعطي الأمان لهذه الإستثمارات الأجنبية أو ينفرها لزمن غيرمعلوم .

حيث أن الإستثمارات الأجنبية ترغب بالتدفق على البلاد التي تمر بإزدهارإقتصادي حتى تشارك في قطف ثمار طفرة هذا الإزدهار.

علماً أن غياب النظم الديمقراطية في بعض البلدان العربية، والإقتصاد المنغلق والموجه، وعدم التفاعل والإنفتاح على الآخرين بالمشاركات الدولية كمنظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات والمؤسسات الدولية هو ما يحبط و ينفر الإستثمارات الخارجية ويجعلها غير راغبة أو مهتمة في الإستثمار الإقتصادي  في بعض الدول العربية وهذا يعد عاملاً منفراً للإستتثمارات الأجنبية والخارجية فيها .

يقودنا هذا كله إلى شيء مهم جداً في دراستنا الخاصة بالإستثمارات الأجنبية التي تتدفق إلى البلدان العربية ألا وهو، وبالعنوان العريض والكبير ( الإستثمارات العربية في الخارج ) و التي تبلغ ديون العالم العربية فيه أكثرمن نصف ترليون دولار الأمر الذي يثير الكثير من التعجب وعلامات الإستفهام.

و في الحقيقة لا يوجد أي إحصائيات دقيقة وأرقام، ولا مؤشرات عن حجم الإستثمارات العربية في الخارج وذلك لخصوصية الأنظمة السياسية ولأن معظم هذه الإستثمارات يغلب عليها الخصوصية أو أنها خاصة بأصحاب الطبقة السياسية، إلى جانب أنه لاأحد في العالم العربي يهتم بتكوين قواعد معلومات أوإحصائيات دقيقة ، علما أن هناك فقط بعض المراكز و المؤسسات الإقتصادية وهي قليلة مقارنة بحجم وكثافة الكتلة السكانية العربية وأهم هذه المؤسسات هي :

1- صندوق النقد العربي.

2- مجلس الوحدة الإقتصادية العربية .

3- المؤسسة العربية لضمان الإستثمار.

وفي الختام، لم تدرك الكثير من الدول العربية، في حقيقة الأمر، أهمية الإستثمار الأجنبي في فترة قريبة ماضية، وخاصة بعد التغيرات الجيوسياسية التي حصلت في بعض البلدان العربية وكذلك التغييرات الإقتصادية التي أصابت العالم مؤخراً، وخاصة بعد جائحة ووباء الكورونا مما أدى إلى تغييرات كبيرة في أسعار المواد الخام والطاقة وتغييرات كبيرة في أسلوب تواصل الأعمال خلال المؤتمرات والتواصل والإجتماعات عن بعد، وكذلك في تغيير منظومة العمل السابقة كلياً بعد التغييربإتجاه أسلوب العمل الجديد من خلال التكنولوجيا الحديثة بأساليبها المتنوعة .

لذلك أصبح من الضرورة بمكان تحديد ورود الإستثمارات الأجنبية كمفتاح أساسي للنمو و التطور والتنمية، ومن الأهمية بمكان بذل كافة الجهود وتكثيفها لجذب أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا والخبرات من أجل تطويرقواعد الإستثمارات البيئية وإستغلالها في إسعاد و تطوير المجتمعات العربية من خلال الخبرات و الإستثمارات الخارجية .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى