تحليلات سياسية

الحرب الجديدة تفشل أكبر مخطط أشرفت عليه إسرائيل ودول عربية

نجحت الحرب الجديدة بين فلسطين وإسرائيل في إعادة القضية الفلسطينية الى واجهة الأحداث العالمية والى أجندة الشعوب العربية بعدما كانت قد تراجعت بعد الربيع العربي، حيث نجحت في إفشال مخطط سري اعتمدته إسرائيل ودول خليجية استهدف تغييب الملف الفلسطيني لدى الجيل المقبل.

وإذا كانت القضية الفلسطينية قد شكلت عماد الوعي السياسي في العالم العربي طيلة عقود، وكانت إسرائيل تشتكي من أن أكبر عائق للتطبيع هو الرأي العام العربي المناهض لها وليس الحكومات، فقد عملت آلة جهنمية محكمة بعد الربيع العربي من ضرب القضية الفلسطينية وجعلها هاشمية لدى الجيل الجديد من الشباب.

وكانت نقطة الانطلاقة بعد الربيع العربي، وتجسد المخطط في استمالة مثقفين عرب في العالم العربي والمقيمين في الغرب نحو أنشطة تهدف الى امتصاص المواقف الراديكالية تجاه إسرائيل، كما نجح المخطط في استمالة نسبة كبيرة من السياسيين العرب ومنهم في دول الاتحاد الأوروبي، وكانت الندوات والجوائز الخليجية. ويقول مصدر عليم بهذا المخطط “ابحث عن مواقف مثقفين كانوا ثوريين كيف أصبحوا بعد جوائز ومؤتمرات الخليج”.

وحاول المخطط الإيحاء بأن نهضة العالم العربي وعملية التنوير تمر عبر تجاوز القضية الفلسطينية واتهام كل من يتبنى خطا راديكاليا ومقاوما بأنه من الحركات الإسلامية وبالخصوص الإخوان المسلمين.

وكان هذا المخطط الذي بلغ ذروته سنة 2017 مع وصول دونالد ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة يمهد للقضاء على المقاومة الفكرية والسياسية لإسرائيل وتهيئة الأرضية المناسبة لاتفاقيات إبراهام.

وبعدما كان في الماضي مجرد الحديث عن حل الدولتين خيانة للقضية الفلسطينية وسط الحقل الثقافي والسياسي في العالم العربي، وضرورة التشبث بالدولة الفلسطينية وزوال الكيان الصهيوني، تحول الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية الى نوع من عرقلة السلام في الشرق الأوسط والتعرض لاتهامات بخدمة أجندة إيران والإخوان المسلمين.

وخلال السنتين الأخيرتين، أصبح مثقفون وسياسيون وناشطون يتحدثون باسم إسرائيل في العالم العربي، ويتبرؤون من القضية الفلسطينية ويعترفون بفضائل إسرائيل على دولهم. وساد في المشرق خطاب مساعدة إسرائيل للدول الخليجية في مواجهة إيران، وساد في شمال إفريقيا خطاب إسرائيل لا تعادي شعوب المنطقة بل الخطر هو الإسلام السياسي. ونجحت إسرائيل في التغلغل في نسيج الجمعيات في العالم العربي بتأييد من بعض الدول، ومر المخطط من اعتبار اليهود إخوة، ثم الانتقال الى اعتبار إسرائيل واقع وليست مصدر الخطر.

وعندما جرى التوقيع على اتفاقيات أبراهام من طرف الإمارات العربية والسودان والبحرين والمغرب، شن ما أصبح يعرف “بعرب إسرائيل في العالم العربي” حملة شديدة كل من انتقد هذه الاتفاقيات، واصبح عميلا لإيران ولحركة الأخوان المسلمين ولقطر ويعادي تقدم بلاده وانفتاحها على العالم.

وفجأة، اندلعت المواجهات الجديدة في القدس وقطاع غزة وأخذت منحنى الحرب. وظهر جيل جديد من الشباب يدافع عن القضية الفلسطينية. وقادت التظاهرات في الدول الأوروبية وجوه جديدة من شباب لا يتجاوز 30 سنة ولم يكن له حضور وارتباط سابق بالقضية الفلسطينية، ويحدث نفس الشيء في العالم العربي إضافة الى المناضلين المخضرمين الذين لم ينخرطوا في مشروع “صهينة المجتمع المدني والسياسي العربي”.

لقد أعادت الحرب الجارية القضية الفلسطينية الى أجندة الشعوب العربية بعدما غابت بسبب الربيع العربي، وأفشلت المخطط الاستخباراتي لإسرائيل ودول عربية بتهميش هذه القضية من وجدان الشعوب العربية.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى