افتتاحية الموقع

العرب مع الصين أو أميركا : زواج كاثوليكي أم إسلامي ؟؟!!

د.فؤاد شربجي

‏ عندما سئل وزير الخارجية السعودي الاسبق سعود الفيصل إن كانت علاقة السعودية بأمريكا علاقة زواج كاثوليكي، أجاب الفيصل : (لا علاقتنا بأمريكا ليست زواج على الطريق الكاثوليكية التي تقضي بالالتزام بزوجة واحدة إلى الأبد. بل هي علاقة زواج على الطريقة الإسلامية. التي تتيح التعدد ) هذا الفهم للسياسة الخارجية يبدو انه الناظم للسياسة الخارجية السعودية والدول الخليجية التي تنضوي معها في مجلس تعاون، والدول العربية المتوافقة معها، وفق استراتيجية التعدد بالعلاقات الخارجية تنفتح السعودية ووراءها الخليجيون والعرب المتوافقين معها على الصين. ينفتحون على الصين وروسيا. مع التأكيد على التمسك بالعلاقة مع أمريكا. فما هذا الانفتاح؟؟ وما نتائجه أو عواقبه على العرب؟؟؟ وكيف سترد او تتعامل معه أمريكا؟؟؟

‏المنطق السعودي الخليجي العربي في الانفتاح على الصين يستند إلى أنها القوة الاقتصادية الثانية في العالم وصاعدة لتكون الأولى، ولا يجوز لأي دولة عاقلة الانغلاق أو عدم الانفتاح على قوة جبارة كالصين. و الصين  اليوم أكبر مستورد للنفط السعودي والخليجي خاصة وأن أمريكا بعد اكتشاف النفط الأحفوري عندها تراجعت عن الاعتماد على النفط السعودي والخليجي .إضافة إلى أن خيبات السعودية والخليج والعرب من  التخلي المستهتر من أمريكا تجاه قضاياهم حفزهم أكثر للبحث عن بديل وجدوه في الصين وروسيا .كما أن الإزعاج الأمني والسياسي الذي تسببه سلبية أمريكا في محاولة فرض قيمها( إديولوجيتها )على الدول المتعاملين معها و مطالبتها بالالتزام بها، كما تفعل في قضايا ما يسمى بحقوق الإنسان و حرية الأديان و حرية التعبير. بينما الصين تتعاون وتستثمر وتتحالف دون أي تدخل أيديولوجي، و بحرص واضح على سيادة الدول واستقلاليتها .رغم كل ذلك ورغم الانفتاح الاستراتيجي التاريخي الذي حصل نتيجة القمم الصينية السعودية الخليجية العربية الاخيرة الأسبوع الماضي، فإن السعودية والخليج والعرب يصرون على أن علاقتهم مع أمريكا أساسية و أنها هي الأهم.

‏التعاون السعودي الخليجي العربي مع الصين هو تعاون منفعة دون إغفال أن المنافع الاقتصادية والتكنولوجيا العسكرية لابد أن تؤدي إلى تعاون سياسي. وهذا لا يغيب عن أنظار واشنطن خاصة وهي تدرج الصين كخطر منافس. وقبل أيام سمعنا عن رفع البنتاجون ميزانية الدفاع بشكل خيالي أي أن الاستعداد للحرب قائم كما تفعل الصين تماماً. والسؤال كيف ستستطيع الدول الخليجية والعربية المنضوية في السياسة السعودية مع الصين أن تحصل على المنافع من العلاقة معها دون التورط في الوقوع بين مسننات الصراع الصيني الأمريكي الحادة والخطيرة جداً خاصة على دول كدولنا.

إن حفاظ العرب على منافع التعدد في السياسة الخارجية مع العالم يحتاج إلى (رؤية عربية) في التعامل مع القوى الخارجية. رؤية تضع المصالح والقضايا العربية المركزية في قلب وبصيرة أي تعاون خارجي. رؤية تركز على المصالح والقضايا الكبرى الجامعة للعرب كفلسطين وسيادة الدول والأمن الغذائي والطاقوى بحيث يتفاعل العرب (كقوة منظمة ) دون أن تخسر أي دولة عربية من خصوصية تعاملاتها الخارجية. و وصول العرب إلى التفاعل كـ ( قوة منظمة) يستلزم حل القضايا العالقة، خاصة المؤثرة على وحدة وتفاعل العرب كقضية سوريا التي تجاوزت الحرب الإرهابية ومن الضروري التعامل مع حقائق واقعها بما يفعل دورها في الإطار العربي، وبما يعيد لشعبها ودولتها دورهم المؤثر في الفعالية العربية الإقليمية والدولية.

‏التعدد في العلاقات الخارجية العربية يدعو إلى احترام التنوع لدى الدول العربية و يستلزم تفعيل التعاون العربي كقوة منظمة.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى