فن و ثقافة

الفلسطيني حسن حميد واليهودي ناغوغي الصغير: حكايات المصير في السرد الروائي المعاصر

خاص

عندما تقرأ رواية (مدينة الله) للكاتب الفلسطيني الكبير الدكتور حسن حميد، تشعر بحجم المأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي ووحشيته وعنصريته، ولكنك تقف مدهوشاً أمام أعجوبة المدينة الأسطورة .

يقدم الكاتب المذكور روايته تلك بسوية عالية من السرد تأسر اللب، لغة ووصفا وعمقاً وأصالة وتجعل الرواية في مقدمة النصوص العربية المعاصرة التي يحاكيها النقد بإعجاب رغم كل محاولات زرع المآخذ حولها، ثم تراه وهو ينقل الرواية العربية إلى العالمية في فن السرد وعمق الطرح.

ومثل هذا المنجز السردي، ليس جديداً على الدكتور حسن حميد ، وفي سجله الإبداعي الكثير من النصوص الروائية والقصصية والنقدية، والكثير من الجوائز، بل والكثير من الدراسات والبحوث والأطروحات التي قدمت حول أعماله.

كل ذلك جعل الدكتور حسن حميد في دائرة الحسد، (اللهم لا حسد)، فهو واحد من أهم حصادي الجوائز في الرواية العربية، ورغم كل الغزارة التي يتمتع بها في تقديم منجزه السردي، فهو لاينفك يقدم الجميل من السرد المثير للاهتمام ، ويفاجئ القراء بأعمال مثيرة للاهتمام تجاوزت الثلاثين سردية ومجموعة قصصية من رواية جسر بنات يعقوب إلى رواية “أنين القصب”،إلى رواية “تعالي نطيّر أوراق الخريف” إلى رواية “مدينة الله” إلى “زعفران والمداسات المعتمة”، إلى “ممارسات زيد الغاثي المحروم”، إلى ”نبات شوكي” إلى “الكراكي” إلى آخر محطاته مع الجوائز أي (جائزة نجيب محفوظ) عن روايته (ناغوغي الصغير).

وقد علقت أكاديمية دار الثقافة على هذا الفوز بالقول “هي جائزة نعتبرها وساماً على صدر الثقافة الفلسطينية. فالروائي الجميل أضاف أثراً جميلاً ومساحة واسعة  من قصة ونقد و رواية، وترك رواياته تنقش خطوات جديدة في السرد الفلسطيني..”.

لفتت الرواية النظر إلى مضمونها وشخصيتها الرئيسية ف (ناغوغي) هو يهودي أثيوبي، أمسك الكاتب بمفاتيحها السردية من جانبين مثيرين للاهتمام فيما يتعلق بالمهاجرين إلى إسرائيل، فهو (أي ناغوغي) زنجي، هاجر إلى (الوطن الموعود) ليجد نفسه أم وحشية العنصرية الإسرائيلية ولم يجد حلا إلا من خلال العودة إلى موطنه الأصلي، بعد معاناة كبرى.

نذر الدكتور حسن حميد إبداعه الروائي لقضية فلسطين وهي جوهر العقيدة الروائية التي يشتغل عليها، وفي صلب التوجه العام لنصوصه، لم يقع في شرك الخطابية المباشرة، وإنما اشتغل على منحيين أساسيين هما فسيفساء المكان الفلسطيني بدءا من الأرض المغتصبة في هويتها وتضاريسها وزخرفها وحركة الحياة فيها وصولا إلى المخيم واللجوء وتداعيات الحدث الكبير الذي أصاب فلسطين .

جعل الدكتور حميد المكان هوية متماسكة قادرة على الأخذ بيد القاريء إلى أهمية القضية التي شغلت العالم أكثر من قرن، ثم تميز بتقديم  النموذج الروائي في صورته وتداعياته وصراعاته الداخلية وفكره بغض النظر عن انتمائه الديني أو الإثني .

مع رواية (ناغوغي الصغير) ينتقل الدكتور حسن حميد إلى البحث عن مستقبل لشخصياته ، وفي هذه المستقبل يجد القارئ نفسه مضطرا للعودة إلى قراءة كل النصوص تباعاً لأنه تلقائيا يكتشف أنه أمام كاتب كبير عالمي (المستوى) متأصل الانتماء!

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى