شرفات

المخيف .. المخيف جدا !

المخيف .. المخيف جدا !

توقظكَ الحرب كل يوم على الخبر!

والخبر في الحرب يشبه طبقاً عليك تناوله بعدد ساعات النهار، وأحياناً بعدد الدقائق التي تمر. طبق غير شهي، تتجرعه بألم ومرارة، فلا يمكن أن تكون أخبار الحرب طيبة . إلا عندما يكون الخبر نهائياَ، ويعلن أن الحرب توقفت !

لماذا أفكر هذه الأيام، بأن هناك طبقاً آخر عليّ أن أتجرعه كل يوم حتى لو توقفت الحرب. هذا الطبق يتعلق بأخلاق الحرب، وفي هذا الطبق ثمة نوعٌ آخر من الدم، يصل أحيانا إلى درجة تشعر فيها وكأنك تتجرعُ دمك، أو دم أطفالك، أو دم جيرانك ، أو دم أبناء بلدك !

ما الذي جرى في الحرب ؟

ما الذي جرى بعدها ؟ اللهم إذا كانت قد توقفت ..

ما جرى في الحرب صدمة !

ما يجري الآن دهشة !

الدهشة هذه الأيام ، هو انتشار شعور غريب لدى الكثيرين ، بأن الطريق الأمثل للنجاة هو نكران الانتماء للوطن وأخلاقه وقيمه، وربي “أسألك نفسي”..

ويقول هؤلاء : نعم الحل أن تدبر حالك . ترشي، ترتشي، تبوس اليد التي لا تحبها وتدعو عليها بالكسر!

ويقولون أيضا :  نعم الحل في الهجرة ، نعم لا أمل يرتجى، ماذا استفدنا من كل القيم التي حملناها ؟ وماذا يعني أن ينتشر الفساد ويقوى، فإما أن تكون فاسداً أو تموت.

ويقولون لك : فساد لا يمكن التغلب عليه، ويصرون أن أفضل طريق يمكن أن يصل إليه السوري، خارج هذا الإطار، هو أن يهاجر ، فيعيش في أي بقعة من العالم ، ولو اشتغل عاملاً في محطة مازوت أو بنزين، على الأقل يشبع من رائحة البنزين أو المازوت!

والمخيف جداً أن الفكرة تتشبث بعقول جيل كامل!

لا أقصد هنا التعميم ولا التهويل ، ولكن أقصد الانتشار، تماماً كحريق الغابات في صيف حار، وما تسمعه من الشباب مرعب ، وأقصى درجات الرعب هو اليأس من الانتماء، واليأس في هذه الحالة خراب!

حرام أن يحصل ذلك، وإلا ماذا نقول للذين ضحّوا و صمدوا وصبروا ، ماذا نقول لمن استشهدوا ونرسم صورهم على الجدران ؟!

هل نقول لهم : لا تؤاخذونا ، غيّرتنا الحرب!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى