كتب

‘المرتزق رقم 9’ رواية تتمرّد عن المألوف

تناقش رواية “المرتزق رقم 9” للشاعرة والروائية الأردنية سميحة التميمي قضية مرتزقة الحروب، وتنظر إليها من زاوية إنسانية قلَّ أنْ تُطرق في الأعمال الأدبية أو الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة من قبل..

وجاءت الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 318 صفحة من القطع المتوسط، وتميزت بلغتها الشاعرية التي عبَّرت عن كاتبتها ذات التجربة الشعرية الممتدة لسنوات عديدة سبقت إصدار هذه الرواية.

وترى الكاتبة أن المرتزقة يوضعون على خطوط النار في الحروب، ويعاملون كالعبيد، فيباعون ويشترون من قبل قوى شريرة تتاجر بالإنسان، وتنظر إليهم بوصفهم سلعة تدر مالا وليس بوصفهم بشرا لهم آمال وأحلام وأمهات وأطفال ينتظرون عودتهم إليهم.

وأشار الشاعر والناقد راشد عيسى إلى أن سميحة التميميّ قدمت في هذه الرّواية “نصّاً أدبيّاً مختلفاً لا يُقلّد كلاسيكيّات السَّرد الرِّوائيّ السَّائدة، إنَّما يجتهد في ابتكار أسلوب فنيٍّ متجاوز للأنماط حين نُعرّف الرِّواية بأنَّها فنُّ تحطيم الشَّكل. فهذه الرِّواية إدانةٌ شجاعةٌ للحرب بآلامها وويلاتها ونتائجها المدمّرة لرغبة الحياة؛ لأنَّ الحرب موتٌ بصورة أو بأخرى، موت جسديٌّ ونفسيٌّ حتّى لو كانت النتيجة انتصاراً. كأنَّ هذا العملَ الذكيَّ تذكير استثنائيٌّ بما قاله زهير بن أبي سلمى (وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمُ)، وما قاله تولستوي في روايته الحرب والسَّلام”.

تقول الرواية على لسان بطلها نورس الماجد في تعبير عن خلاصة تجربته التي خاضها في حرب لم ترحم أحدا: “حروبٌ نقيّة، نفوس نقية، حياة نقيّة.. كلها كنتُ أطمعُ إليها وقت وقّعتُ على تسلّم قيادة هذه الحرب الباردة السمجة، وكنتُ قبلها وقّعتُ ميثاقا مع الحياة بأن تبدلني بعدها بحياة. وها هي تأخذكِ إلى الموت وتأخذني إلى الجنون. فأين النجاة من دفء الذكريات وجحيمها؟!

كان عليّ أن أعرف أن الحنين بعد الموت أمرّ من الموت وأقسى..

كان عليّ أن أخبرك أن الحرب التي خضتها كانت من أجلك، والقلعة التي كنت أحرسها كانت تريد مليكةً هي أنتِ.

عندما جئتِ حلمت بأبوة معقدة وكبيرة فلم تمنحيها لي..

كان عليكِ ألّا تموتي..”.

وتناقش الرواية كذلك استغلال الناس البسطاء في الحروب، وتوريطهم في نزاعات ومشاكل مع جهات أقوى منهم. وتشير كذلك إلى قضية الثأر والخيانة التي يتعرض لها الأشخاص الذين يفارقون أهلهم خلال الحروب، والشخصيات التي تعمل في الخفاء. وسلطت النظر كذلك على صراعات النفس الإنسانية مع نفسها ومع الآخر، وعلى علاقات الناس مع بعضهم بعضا في المجتمعات البسيطة التي تباغتها الحروب فتترك أفرادها بلا حول ولا قوة.

وفي الرواية شذرات فلسفية تقترب من مفاهيم الحب والحرب، وآمال الإنسان وتطلعاته، وسقطاته وتساميه.

ومن الجدير ذكره أنَّ سميحة التميمي شاعرة وروائية أردنية تقيم في إمارة الشارقة – دولة الإمارات العربية المتحدة.. صدرَ لها قبل هذه الرواية: ملحمة العطش، شعر (2012)، عشرون سيرة ذاتية للقهوة، شعر، (2015)، صلاة عاشرة قبل التجلي الأخير، شعر (2017)، وتريات غجرية، شعر (2019)، السيدة التي تسكن أعلى المدينة، شعر (2021).

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى