تحليلات سياسيةسلايد

الهدوء يسود غزة… والمقاومة لم تغمد سيفها: «إن عدتم عدنا»

يسود الهدوء قطاع غزة بعدما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بوساطة مصرية أمس، وذلك بعد 5 أيام من العدوان الإسرائيلي على القطاع، استشهد خلاله 33 فلسطينياً وأصيب العشرات، في حين أعلنت سلطات الاحتلال مقتل مستوطن وعامل أجنبي وإصابة العشرات.

وفتحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم، المعابر مع قطاع غزة من كلا الاتجاهين، وذلك بعد إغلاقها مدة 5 أيام مع بدء العدوان فجر الثلاثاء الماضي. وأعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في غزة، عن استئناف الدراسة في المدارس الحكومية والخاصة ووكالة الغوث ورياض الأطفال في محافظات غزة اعتباراً من صباح غد الاثنين. كذلك، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، عن عودة الدوام اليوم الأحد في المؤسسات الحكومية والوزارات إلى طبيعته.

وقد انتهى العدوان الإسرائيلي أمس في تمام الساعة العاشرة مساءً، بعد أن شكّل طبيعة وحجم الردّ الذي بادرت به المقاومة الفلسطينية مفاجأة غير محسوبة للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي، وأثبت خطأ تقديرات الأجهزة الأمنية للكيان التي اعتقدت بأن الجولة ستنتهي بصورة انتصار وتقديمه للرأي العام الإسرائيلي لوقف تراجع شعبية حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو.

وبرغم قدرة الاحتلال، خلال هذه الجولة، على اغتيال خمسة من القادة العسكريين لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، فإن أجهزته الأمنية فشلت في تقديراتها إذ اعتقدت أن الجولة ستنتهي خلال ساعات معدودة ورد محدود يمكن احتواؤه.

وفي السياق، أشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنه طوال نهاية الأسبوع الماضي علقت إسرائيل أملها على أن تنجح المخابرات المصرية بتحقيق وقف إطلاق نار يبقى صامداً بعد دخوله إلى حيز التنفيذ، قائلاً «بدا، ليس لأول مرة، أنه أسهل على الحكومة الإسرائيلية أن تبدأ عملية عسكرية في غزة من إنهائها».

وأضاف أن «إسرائيل، على رغم تفوقها العسكري الواضح، إلا أنها واجهت صعوبة في إملاء استراتيجية خروج من العملية العسكرية، فقد كان واضحاً لإسرائيل أنها لن تربح الكثير من استمرار العملية العسكرية». وبحسبه، فإن «استمرار المعركة كان ينطوي على خطر على صناع القرار في المستوى السياسي الإسرائيلي، بأن استمرار إطلاق القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية يمكن أن يدفع الجمهور إلى فقدان صبره وتراجع تأييده لخطوات الحكومة».

وفي المقلب الآخر، تبنّت المقاومة الفلسطينية استراتيجية جديدة تمثلت بتأجيل الرد واستنزاف الكيان لأكثر مدة ممكنة وعلى مدار ساعات طويلة، وسط استمرار تآكل قوة الكيان التي تجلت بوضوح خلال الفترة الماضية.

وفي السياق، أكّد رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس»، إسماعيل هنية، في حديث صحافي اليوم، أن المقاومة أثبتت قدرتها على إفشال غطرسة الاحتلال «سواء عبر الاستفراد بسرايا القدس، أو وضع إسفين بين قوى المقاومة التي أدركت مراميه، وعملت بشكل موحد وبانسجام وتكامل بين مكوناتها للدفاع عن شعبنا وتحقيق الأهداف التي حددتها وتنفيذ التكتيكات الميدانية المناسبة من قرارات وضربات»، مشيراً إلى أن المقاومة منعت العدو «من تحقيق أهدافه، بل وفرضت عليه ترحيل مستوطنيه من غلاف القطاع واتخاذ إجراءات قاسية في كل مكان وصلته رشقات المقاومة».

ومن جانبها، نعت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد» شهداءها الأحد عشر الذين ارتقوا في معركة ثأر الأحرار البطولية، مشيرة إلى أن «ارتقاء شهدائنا الأبرار جاء ليؤكد على حضور معادلة الواجب فوق الإمكان في الفعل والوعي الثوري لدى أبطالنا الذين أدوا واجبهم الجهادي خلال معركة ثأر الأحرار التي جاءت إيماناً بوجوب رد الصاع صاعين للعدو الذي بدأ غدره باغتيال قادة سرايا القدس غيلة؛ ظناً منه أنه بالاغتيالات يستطيع كسر شوكة المقاومة التي ستبقى مستمرة بعبق دماء الشهداء الأطهار الذين ننعاهم بكل فخر واعتزاز».

وفي ختام معركة «ثأر الأحرار» أمس، قالت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، في بيان، إن العدو «أراد أن يغلق الجولة في أسرع وقت وبحسب رغبته، معتقداً أنه بذلك قد حقق إنجازاً وخرج بصورة النصر، لكنه فوجئ بحكمة وبثبات المقاومة وبراعتها في إدارة المعركة، التي أربكت حساباته وأدخلته في معادلة الاستنزاف، وأشغلت منظومته الأمنية وأرهقت جبهته الداخلية الهشة وجعلتها في حالة ترقب وقلق، فكانت يد المقاومة هي العليا في معادلة القوة والردع فأمطرت العدو بمئات الصواريخ والقذائف المدفعية وقتلت وأصابت ومزقت شمله ودمرت بنيانه».

وإذ أشارت إلى أن المقاومة «أفشلت بصمودها ووحدتها وقتالها المشرّف مخطط العدو الغادر وجريمته القذرة، وأثبتت أنها الأقدر على التحدي، وأن كيد العدو باطلٌ وأن اغتيالاته كانت وستكون لعنةً عليه حتى يندحر عن أرضنا»، رأت فصائل المقاومة أن «هذه المعركة هي صفحةٌ جديدةٌ من صفحات المجد لشعبنا وشهدائه ومقاومته، وستظل المقاومة عند حسن ظن شعبها، وستكون دوماً حاضرةً ومتأهبةً سيفاً ودرعاً للوطن والشعب والمقدسات في كل ساحات الوطن وجبهات المواجهة».

وأكّدت أن «المقاومة دخلت هذه المعركة وخرجت منها موحدةً وقويةً كالبنيان المرصوص، وكتبت ملحمةً جديدةً من الثبات والتضحية والبطولة»، محذرة العدو من «العودة لسياسة الاغتيالات فسيفنا لم يغمد وأيادينا على الزناد وإن عدتم عدنا».

وحيّت الفصائل «شهداء هذه المعركة المباركة الذين اغتالتهم يد الغدر الصهيونية من قادة المقاومة أبطال سرايا القدس، ومن مقاتلي ومجاهدي المقاومة من أذرع الغرفة المشتركة، ومن عموم أبناء شعبنا الذين ارتقوا في هذه المعركة ورسموا بدمائهم لوحة من الكبرياء والانتصار».

وبعد 5 أيام من العدوان، ارتقى 33 شهيداً فلسطينياً، بينهم 6 أطفال و3 سيدات وأصيب 190 آخرين بينهم 64 طفلاً.

صحيفة الأخبار اللبناية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى