باب الحارة يكاد يغلق: حسن م. يوسف يخرج عن صمته!

خاص

منذ اللحظة الأولى التي تحول فيها مسلسل “باب الحارة” إلى صفقة تجارية رابحة، أثارت أحداثه النقاد، ونقاد الدراما، كما هو معروف، لايرضون بسهولة، وكما قال عنهم أحد المخرجين مرة : هؤلاء مزاجيون، ونحن ضحية أمزجتهم!

مع “باب الحارة” لم تكن المسألة على هذا النحو، فبعد نجاح الجزء الأول الذي كان نجمه الفنان بسام كوسا أخذت الأجزاء تتوالى، وراح الصحفيون يكتبون حولها من شتى جوانبها، فإذا منتجو المسلسل ينقادون للحملات عليه، فعندما أخذ النقاد عليه ابتعاده عن السياسة والوطنيات، ذهب المنتج إلى تمرير فكرة الأنفاق في “باب الحارة” مقتديا بأنفاق غزة التي أنشأتها المقاومة ضد إسرائيل، وماهي إلا سنوات حتى راحت الأنفاق تحفر تحت بيوت السوريين وعلى جبهات الحرب الداخلية والخارجية في سورية، وسريعا استدرك منتجو المسلسل الأمر بوضع شخصيات متطرفة مدانة، وعندما انتقد المسلسل من جهة وضع المرأة السورية فيه، قام أبو عصام برفع الطربوش عن رأسه ووضعه على رأس أم عصام .. وهكذا .

ومن أهم القضايا التي أثارها مسلسل باب الحارة، هي قضية حقوق التأليف، والجميع يعرفون قصة الكاتب مروان قاووق مع مخرج العمل بسام الملا، فقد تحول مروان إلى نجم جديد للعمل، وحكى عن أشياء مضحكة وقعت أثناء إطلاق الفكرة الأولى وكتابة نصها، وقد أثار فضيحة بشأنها في حوار نشر قبل نحو عشر سنوات ..

هذه السنة، أثار مروان قاووق الزوبعة مرة أخرى، متكئا على القوة المالية للمنتج محمد قبنض (عضو مجلس الشعب الجديد) الذي أعلن أنه اشترى حق إنتاج المسلسل وأن القضاء حسم المسألة، ثم طبل وزمر لباب حارة جديد سيصور بطريقة عربية يتخللها إدخال فنانين عرب في حارة عربية أهمهم : شعبان عبد الرحيم (شعبولا)!

ودون أن يعرف أحد ماحصل تحت الطاولة، عقدت هذا الموسم اتفاقات جديدة، عاد إثرها باب الحارة إلى بسام الملا كمنتج، وانكفأ قبنض راضيا بحل، فماذا حصل للنص الجديد الذي قدمه بسام الملا للرقابة؟!

الذي حصل على هذا الصعيد، هو مع الرقابة في التلفزيون، ودائرة المصنفات في مديرية الانتاج التلفزيوني التي يديرها تميم ضويحي رفضت النص، ونتيجة الاحتجاجات قدم النص من جديد للجنة تحكيم حسمت المسألة فظهر المسلسل في رمضان، ويقول أحد أعضاء هذه اللجنة إن بعض أعضاء لجنة الرقابة في التلفزيون(لم يقم بتسميتهم) يروجون إشاعات (…) حول أعضاء اللجنة الخاصة التي شكلها السيد وزير الإعلام لإعادة قراءة مسلسل (التحدي باب الحارة) الجزء الثامن، سيناريو وحوار: سليمان عبد العزيز، إخراج ناجي طعمي..

ويكشف حسن م.يوسف التفاصيل : الحق أن أعضاء اللجنة؛ محمود عبد الكريم، وشمس الدين العجلاني وكاتب هذه الكلمات، لم يجتمعوا ولم يتناقشوا بشأن المسلسل قبل التكليف ولا بعده حتى لحظة كتابة هذه الكلمات، وقد قدم كل منا قراءته للعمل في ظرف مغلق. لكن حملة الشائعات التي تطالنا بالتساوي تشي بأن آراءنا كانت متقاربة..

تبدأ أحداث الجزء الثامن الذي ثار الخلاف حوله عام 1936بعيد تصديق البرلمان السوري على معاهدة الاستقلال التي رفض البرلمان الفرنسي تصديقها وتستمر لما بعد انتخابات البرلمان السوري لعام 1943. الشخصيات الأساسية معظمها مستمرة من الأجزاء السابقة من دون تغيير يذكر، وكما يقول في مقاله الأسبوعي الذي تنشره صحيفة الوطن : لست أنكر أنه كانت لي عدة ملاحظات سلبية على النص من الناحية التقنية والفنية، إلا أنني وجدت في المحصلة الأخيرة أن الحكاية الدرامية ممسوكة بشكل جيد على مدى الحلقات الثلاثين، وعلى الرغم من أن كل الخطوط وصلت لنهاياتها الطبيعية في آخر المسلسل إلا أن الكاتب جعلنا نستيقظ في الصباح التالي لنجد طفلاً وليداً مرمياً أمام باب بيت أبو عصام، ما يشي برغبة أصحاب هذا العمل في الاستمرار في أجزائه.

وهنا يكشف حسن م. يوسف عن موقف مهم سيجد أصداء في أوساط النقاد الذين انتقدوا ياب الحارة ، حيث يكشف عن وجهة نظر نقدية تعتبر شهادة لباب الحارة، باعتباره أحد أهم كتاب الدراما وأساتذتها في سورية ، فهو كاتب قصة منذ السبعينات وكاتب سيناريو شهير، ومن أعماله : نهاية رجل شجاع ذلك السيناريو الذي أثنى عليه كاتب الرواية حنا مينا ..

المهم يأخذ حسن م.يوسف على المسلسل أنه (مثقل بالكثير من المحادثة، إذ ليس كل ما يقال في الواقع الموضوعي يصلح لأن يقال في الواقع الفني، فالحوار هو كلام مكثف يخدم الفعل الدرامي وينبثق منه، يسهم في تطوير علاقة الشخصيات ببعضها وبالمحيط، ويبرز مواقفها من المجريات والمشاكل المطروحة، وكل كلام مع الذات أو مع بقية الشخصيات لا يحقق هذه الأهداف، أو واحداً منها على الأقل، هو مجرد محادثة يجب استبعادها.) وعلى الرغم من كل ما سبق، يرى حسن م. يوسف في العمل أنه أفضل الأجزاء ، فيقول حرفيا: ( وجدت أن هذا العمل أكثر توازناً من كل أجزاء باب الحارة السابقة، فهو يقدم المستويات المتباينة للمرأة السورية ودورها في النضال من أجل الاستقلال. كما يعري شخصية الشيخ الزائف فكري داعية الفكر المتشدد الذي يحرِّض الرجال على منع زوجاتهم من العمل في ورشة الست سارة ثم يتكشف في النهاية أنه رجل ماجن عميل لرجل الاستخبارت الفرنسي جان، فهو يحض الناس على الغلو في الدين نهاراً ويمارس المجون مع الحاجيات وفطنة ليلاً. كذلك تسفر الأحداث عن حقيقة المتطرف سمعو الذي ينفذ تعاليم الشيخ الزائف عميل الاستخبارات الفرنسية إذ يتكشف عن رجل مريض يغطي على عجزه الجنسي بممارسة العنف ضد زوجته.

لكل ما سبق وعلى الرغم مما سبق ارتأيت أنه لا يوجد أي مانع فكري يحول دون السماح بإنجاز هذا العمل) ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى