بين «هدم الأسوار» و«حصاد الأجناد»: العين على موعد إعلان دولة الخلافة (عبد الله سليمان علي)

 

عبد الله سليمان علي

يواصل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) تنفيذ خططه الأمنية والعسكرية، فما إن انتهت خطة «هدم الأسوار» في شهر رمضان الماضي، حتى شرع في تطبيق خطته الجديدة «حصاد الأجناد» التي تأتي السيطرة على مدينة الموصل في إطارها العام، ما يضع المنطقةَ على شفا هاوية تستحق أن تقرع من أجلها «أجراس الخطر» في الشرق الأوسط عموماً وفي الدول العربية خصوصاً.
وتظهر الوقائع الميدانية أن «داعش» يسير وفق خطط مدروسة، مستفيداً من الخبرات العسكرية الكثيرة التي اغتنى بها جراء انتساب عدد من كبار ضباط الجيش العراقي السابق إليه. والجدير بالذكر هنا أن عدداً من أمراء «داعش» الحاليين كانوا يحملون رتبة «لواء» في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. هذه الخبرات مكّنت «داعش» من الاستفادة من نقاط ضعف الجيش العراقي ومن الثغرات في أجهزته الأمنية كون أمرائه الضباط يعرفونها بشكل جيد من جهة، ووضع خطط عسكرية وأمنية تناسب الظروف الميدانية ومتطلباتها من جهة أخرى.
ومما له دلالته أنّ خطة «هدم الأسوار» أعلن عنها أبو بكر البغدادي بنفسه في بداية شهر تموز (رمضان) من العام 2012 وكانت المرة الأولى التي يُسمع فيها صوته برغم أنه استلم إمارة التنظيم منذ أيار 2010. وتشير المعطيات إلى أنّ البغدادي استطاع بعد توليه منصبه إعادة هيكلة التنظيم الذي كان يعاني كثيراً بسبب الانتكاسات التي تعرض لها منذ العام 2007 في مواجهة كل من القوات الأميركية والجيش العراقي وقوات الصحوات والعشائر. وأحاط البغدادي نفسه بعدد كبير من المستشارين والقياديين، غالبيتهم من الضباط السابقين في الجيش العراقي، وعكف معهم على وضع الخطط آخذين بالاعتبار التغييرات المتوقعة جراء «الربيع العربي» الذي كانت نسائمه بدأت بالهبوب على المنطقة.
وكانت خطة «هدم الأسوار» تهدف إلى تحرير المعتقلين في السجون العراقية، وبرغم أنّ أدبيات «داعش» كانت تركز على المعتقلين «الجهاديين»، إلا أن التوقعات تشير إلى أن بيئة السجون العراقية بشكل عام، كانت تمثل عاملاً جاذباً يغري قيادة «داعش» باستهدافه لما يمثله المساجين من إمداد بشري سهل التجنيد. وكانت آخر عمليات «داعش» في إطار «هدم الأسوار» هي العملية التي أسماها «قهر الطواغيت» التي اقتحم خلالها في شهر رمضان الماضي كلاً من سجن أبو غريب الشهير وسجن الحوت في التاجي. وفيما تضاربت الأنباء حول عدد المعتقلين الذين جرى تهريبهم بين المئات أو الآلاف، إلا أن المؤكد أن المئات منهم ومن بينهم قياديون سابقون في فصائل إسلامية متشددة، قد خرجوا من هذين السجنين وأصبحوا كوادر ومقاتلين ضمن «داعش».
ولا ننسى أنه في هذه الفترة كان «داعش» قد فرض نفسه في شمال وفي شرق سوريا كأحد أقوى الفصائل في تلك المناطق، واستطاع أن يفتح خطوط إمداد بين معاقله في شرق سوريا ومناطق انتشاره في غرب العراق، الأمر الذي ساعده كثيراً في تعزيز قوته والاستفادة من الخبرات القتالية التي يكتسبها في سوريا لتطبيقها في العراق، لا سيما أن المعارك في سوريا كانت تأخذ طابع حرب الأنصار وأحياناً الحرب بين الجيوش النظامية، وهو ما كان يفتقده في العراق التي كان يكتفي فيها بتنفيذ التفجيرات وبعض الاقتحامات الجزئية.
لذلك كان الإعلان عن خطة «حصاد الأجناد» في نهاية رمضان الماضي مؤشراً مهما على أنّ «داعش» بدأ مرحلة جديدة من التخطيط العسكري مستفيداً من دمج خبراته العسكرية السورية العراقية، وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن الأراضي السورية ستكون الميدان المفضل لتنفيذ «حصاد الأجناد»، حتى أن المتحدث الرسمي باسم «داعش» أبو محمد العدناني أعلن أن تفجير قرية الصبورة في ريف حماه في سوريا في أوائل تموز 2013 هو الخطوة الأولى في «حصاد الأجناد»، إلا أن التطورات اللاحقة في سوريا وخصوصاً على صعيد اندلاع الاقتتال بين «داعش» وبين «الفصائل الجهادية» الأخرى، يبدو أنه غيّر من مكان تنفيذ الخطة وتحول الاهتمام مجدداً إلى العراق حيث شهدنا خلال الأسبوع الماضي تطورات نوعية تمثلت باقتحام سامراء، ثم السيطرة على مدينة الموصل وصولاً إلى الربيعة على الحدود العراقية السورية.
وهناك من يستمر بالقول إنّ الخطة الكبيرة لـ«داعش» هي العمل على السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض قبل رمضان المقبل، حيث الموعد المتوقع لإعلان دولة الخلافة الإسلامية!

صحيفة السفير اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى