بين قوسينكتاب الموقع

أفتقد حميميتك … !!

أفتقد حميميتك … كان بالنسبة لي مغرياً… ساحراً … ألجأ إليه لننتقل معاً الى عالم جديد … عالم مليء بالمغامرة والاستكشاف …
أغوص في أعماقه مستمتعة بلمسه .. أتنشق بين طياته عطراً طبيعياً خلاباً …أتنقل بين صفحاته لأعيش الحدث وأتخيل نفسي شخصية من شخوصه .. أضحك .. أبكي .. أضمه و أغفو معه .. وأنا أحلم بأني أتمشى على صفحاته وأخاطب شخصياته وأعيش بينهم ….
أنتهي من قراءته .. أغلقه برفق وأضعه على رف مكتبتي لأنتقي كتاباً آخر أعيش معه مغامرة جديدة …. وقد تصادف كثيراً أن لا يستهويني هذا الكتاب أو ذاك  بعد قراءة عدة صفحات منه .. ليبقى أسير الرف ..
لطالما تفاخر كثيرون بحجم مكتباتهم وعدد ما يملكون من كتب وما هي أنواعها كدلالة على سعة ثقافتهم ومعرفتهم ولطالما كانت المكتبة الغنية بالكتب مدعاة فخر واعتزاز.
علاقة حميمية تجمعني بالكتاب .. بدأت تفقد رونقها اليوم في ظل ظهور وسائل القراءة الحديثة من الآي باد الى الكتاب الالكتروني .. تكنولوجيا مبدعة اختزلت آلاف الصفحات وآلاف الكتب بصفحة الكترونية … !!
رفضت بداية أن أعتاد هذه التكنولوجيا وفاء مني لكتابي وحفاظاً على سحر العلاقة معه .. فالورق المصنوع من لحاء الشجر له ملمس الطبيعة وفيه رائحة تاريخ .. تتجاوز حدود الكلمات.
قد تكون هذه التكنولوجيا مفيدة من ناحية توفير الورق والحفاظ على الشجر.. واختزال مكتبة ضخمة بفلاشة لا تتجاوز حجم البنصر .. ومفيدة لطلاب المدارس والتعليم لأنها تسع حقيبة وتخفف حملها … لا يسعني سوى أن أحترم هذه التكنولوجيا
والتي شئت أم أبيت أصبحت جزءاً من حياتنا .. حيث بدأت الكثير من المطابع والجرائد والمكتبات تنتقل من الورقيات الى القراءة الالكترونية .. لتصبح تحصيل حاصل ..
ولكن .. لا شيء يغني عن كتاب ..
أولادنا اليوم يفتقدون هذه العلاقة الحميمية مع الكتاب والتي يستعيضون عنها بالأي باد المليء بالصور والألعاب .. مما يبعدهم عن المطالعة واختزالها بقراءة الدروس والواجبات .. والاكتفاء باللعب .. والتي ستترك فراغاً بينهم وبين القراءة
وسيبعدهم رويداً رويداً عن المطالعة .. فتطور العقل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقراءة والمطالعة لأنها تحفز الذاكرة وتطور الخيال والابداع ..
لذلك لا يكفي الاعتماد على الأي باد ككتاب .. يجب العمل على إحياء العلاقة بين الطفل والكتاب .. وتحفيزه على القراءة لكي لا يحرم من هذه العلاقة الحميمة التي لن يعوضه عنها أي جهاز الكتروني …
وما زلت أنتظر أن يأتي المساء لأترك أي بادي وأمسك بكتابي وأغوص في عالم الأحلام ..

 

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى