بين قوسينكتاب الموقع

الوطن ليس فندقاً

 الوطن ليس فندقاً  ..نغادره عندما تسوء فيه الخدمة ..

من أكثر العبارات التي لامستني في الصميم ، وعرفت عندي معنى الوطن .. ولكن … هل يتحول الوطن إلى سجن لمن ينتقد فيه سوء الخدمة … أو هل يهجر ويلاحق ويقتل من يحاول أن يقول نريد خدمة أفضل .. ؟؟

و عندما يصبح العيش تحت خطر الموت والقتل والاعتقال واقعاً يومياً وخطراً مؤكداً هل يصبح الرحيل هنا ضرورة للحفاظ على الروح والحياة ؟؟ ومن أغلى حياتي أم الوطن ؟؟
أسئلة موجعة تهز وجدان كل من يعيش اليوم تحت وطأة العنف والتصفية والحرب .. ويتعرض لخطر الخطف والاعتقال والموت بيد ابن البلد الذي سمح وبرر للغريب استباحة دماء وأعراض أبناء بلده لمجرد نزاع على السلطة، ورغبة في احتكار الوطن تحت شعارات الدين أو الحرية أو المؤامرة والصهيونية ..
منذ مئات السنين وتحت وطأة الاحتلال العثماني ، تلاه الاستعمار الغربي وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وبعده استبداد الحاكم العربي والحرب الأهلية في لبنان، والحرب الأمريكية في العراق، واليوم الحرب التي يمكن تصنيفها تحت مسمى الأهلية العالمية الطائفية الجهادية الإرهابية في سوريا … وبسبب كل ما تعرضت وتتعرض له هذه المنطقة من حروب وخضات ومحاولات سيطرة وسرقة ثروات …  كان حلم الهجرة يدغدغ شبابها وأهلها هربا من السفربرلك والحرب، ومن العازة والفقر، ومن القمع والتصفية
والقتل، بحثاً عن حياة أفضل مستقرة آمنة، وفرص عمل ناجحة، ودراسة متقدمة في أوروبا والأمريكيتين..تلاه حمى الخليج العربي بحثاً عن الثروة والعمل والمال ..
فالهجرة والبحث عن مكان أفضل للحياة، رغبة طبيعية عند أغلب الشباب العربي في منطقة الشرق الأوسط فرضها واقع المنطقة غير المستقر، والمعرض دوماً للحروب والاقتتال والصراعات العنيفة بسبب موقعها الجغرافي السياسي في قلب العالم ، وتنوعها الديني الطائفي ، وثرواتها الغنية المستهدفة لتتنازعها الأطماع ومصالح الدول الكبرى …
ولكن عند التفكير بعمق فيما يحدث اليوم واقعياً على أرض سوريا من عنف وقتل وتدمير ممنهج غير مسبوق مع تصعيد طائفي .. يستهدف المدنيين والأبرياء .. وتدمير البيوت والمدن والأحياء … يزرع الخوف والرعب من الموت والخطف والاعتقال…. ويزيد شعور الخطر والقلق واللاستقرار .. نجد أن هذه العوامل القاهرة واللاإنسانية، هي التي تدفع الشباب والعقول للهجرة، والبحث عن أماكن أكثر أمناً يلجأوون إليها بعيلهم وأطفالهم لحمايتهم من الخطر والموت، وتأمين الشرط الأساسي من حقوق الانسان وهو حق الحياة .. مسببة تفريغ البلد من كوادرها وشبابها وطاقاتها ..
فالفرق كبير بين الهجرة .. والتهجير .. وهو ما يحصل اليوم في سوريا وباقي المنطقة الشرق أوسطية .. وهو كارثة تستوجب تكثيف الجهود لوقف هذه الحرب المجنونة وآلة القتل والموت .. لأن هجرة العقول ورؤوس المال توازي القتل بسلبيتها وتأثيراتها على البلد ، وتراجعه الفكري والعلمي والانتاجي على المدى القريب والبعيد .
فالوطن ليس فندقاً .. وهو أيضاً ليس مقبرة لأبنائه .. والحفاظ على الشعب لا يكون بالتمني والتغني وتوزيعشهادات الوطنية .. إنما بالعمل الجاد على وقف العوامل التي تسبب قتل وتهجير الشعب .. ليعود الوطن إلى أبنائه … والشعب إلى وطنه .. فهو الثروة الحقيقية لبناء وطن.

05.03.2014

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى