بين قوسينكتاب الموقع

حوار بيني وبين مسلح …

حوار بيني وبين مسلح  ..سألني: ماذا تحاولين أن تفعلي بكل هذه الكلمات والأفكار التي ترسمينها بعبارات، وتنشريها بمقالات ؟؟؟
ألم تعي أنه لا مكان في هذا العالم الدموي الذي لم يبق فيه مكان للكلمة والفكر، والقرار اليوم بيد السلطة والسلاح والسطوة ؟
فأجبته: صحيح أنه لا مكان اليوم للفكر والكلمة التي ميزنا بها الله عن باقي مخلوقاته ، ولكن يكفيني أنه عندما يسألني أولادي يوماً ما: ماذا فعلت لتحمي سوريا في الأزمة ؟؟
لن أقول لهم أنني كنت جالسة خلف شاشة الكمبيوتر، أنمق عبارات الحقد، وأجمّل سمّ الطائفية التي يرسلها البعض بكبسة زر،  ليشارك بتدمير ما تبقى من وطن .. أو لم أقتل أحداً برصاصة غادرة أو بكلمة حاقدة .. بل عملت ما في وسعي لنشر كلمات المواطنة والإنسانية والمسامحة .. والسعي للسلام والسلمية .. وحاولت أن أتعلم جاهدة كيف أكون ديمقراطية وأحترم الآخر، علني أعي تماماً معنى شعارات الحرية والكرامة وبناء وطن لكل السوريين ..
فسأل مجدداً: وهل كبسة الزر هذه، هي التي تدمر وطناً أمام أطنان الأسلحة والقذائف والمتفجرات، التي يطلقها المتصارعون على أرض سوريا ؟؟؟
فقلت له:
نعم .. الكلمة أقوى، وتأثيرها أكبر لأنها تدمر مجتمعا بأكمله، فبناء الحجر أسهل ألف مرة من بناء نفوس محطمة، أكلها الحقد، ودمرها الغرور، وحطمتها الطائفية …
شعرت بنبرة الاستهزاء وهو يقول لي :
قد يكون كلامك صحيحاً .. ولكن ليس الآن .. فاليوم دور البندقية ولا مكان لكلماتك الانسانية والعاطفية ..  منطق القوة هو  الغالب .. من يقتل الناس، ويستبيح الأوطا ، عليه أن يدفع الثمن …
فقلت له الدفاع عن النفس حق مقدس .. والدفاع عن الوطن أيضاً .. ولكن عندما يتحول الجيش من حماية الشعب إلى حماية النظام، وعندما تتحول الكتائب المسلحة إلى ميليشيات تحتمي بالمناطق المدنية الأمنة، وتهاجم مدفوعة بالثأر والانتقام مسببة مقتل مدنيين أبرياء، بعضها يحمل رايات طائفية دينية ولا وطنية، ويستشري بينها الفساد والطمع والسلطة التي تحاربها… هنا ينتفي مفهوم حماية الوطن و الدفاع عن النفس، وتسقط في مستنقع الثأر والانتقام والاقتتال الأهلي ….. ولا يعود هناك ضحية إلا الشعب ..
فقال متأثراً: شبابنا وقعوا ضحية المال السياسي والأجندات الغريبة اللاوطنية ، والوعود الكاذبة .. وحماية الوطن الذي اختزلوه بكرسي .. لكن هذا لا ينفي أن هناك الكثير من الشرفاء، الذين يريدون حرية الوطن ويدافعون عنه ..
قلت له : صح .. هناك الكثير .. وأنا أحترمهم وأقدر تضحياتهم .. وهم شباب سوري رائع .. ولكن اليوم هم مجرد أدوات بيد من يمول ويدفع لثأر أو حقد طائفي، أو أجندة بعيدة كل البعد عن كرامة وحرية السوريين .. أو من أجل حماية الكرسي فقط..لذلك تبقى الكلمة والفكر هي القادرة على حمايتهم وحماية البلد من خلال السعي لتهدئة ووقف العنف لنفسح مجالاً للعقل والحل السياسي ليأخذ مجراه .. قبل أن نخسرهم جميعاً ونخسر الوطن …
نقطة انتهى ….

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى