بين قوسينكتاب الموقع

خفايا … الاديان …!!

خفايا  الاديان … هناك الكثير من القيم الأخلاقية الدينية نتغنى بها في أوقات السلم والرخاء .. ونلقي بها الى ساحة المعركة في أوقات الحرب كسلاح مدمر فتاك …
إنها قيم التسامح الديني والتأخي والعيش المشترك التي نرى ألسنة لهيبها اليوم تكوي أفئدتنا بعد أن تحولت إلى رماد يذره المتقاتلون في عيون الشعب ليصاب بالعمى عن معناها الروحي وسموها الانساني .. ويختلج قلبه بالحقد على كل من يختلف معه بالطائفة والعقيدة والدين …

التسامح ليس مجرد كلمة ذات وقع جميل .. إنها قيمة إنسانية ذات بعد وجودي، أي أنها ضرورية ضرورة الوجود نفسه…  فالناس منذ الأزل موجودون على الأرض في شكل تجمّعات بشرية، تجمعها الحاجات نفسها من مأكل وملبس ومسكن والتَّوق إلى الارتقاء والتطور، وتختلف فيما بينها بما يميز كل مجموعة من خصوصية عرقية ودينية وبيئية وثقافية. وقد صرّح القرآن بهذه الحقيقة الوجودية فقال:

{ يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا }.
فالإنسان مَدني بطبعه، يحب الحياة مع ناس أخرين، بمعنى أنه لا تتحقّق حياته ولا يبنى كيانه إلاّ داخل وسط اجتماعي متكامل فيه الأنا والآخر…  فالإنسان ابن بيئته، منها يكتسب الشخصية والسلوك، وهي التي توفر له حاجاته، لنرى أن التنوّع بين الناس أفراداً وجماعات هو من الطبيعة البشرية أولا” ومن أصل وجودهم على الأرض ثانياً، إنه تنوّع في كل شيء في الطباع والمواهب والطموحات،  وفي الممارسات والطقوس الدينية والفكرية ، وهو تنوع  إيجابي يحفّز الطموح والمنافسة والعمل وبناء الشخصية .

خفايا الاديان

كما أن قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه يعترف بالاختلاف ويقبل التنوّع ويحترم ما يميز الأفراد، ويقدر ما يختص به كل شعب من مكونات ثقافية ، اجتماعية ، فكرية ، امتزج فيها القديم بالجديد برؤية المستقبل، هي سبب وجوده وسرّ بقائه وعنوان هويته.

وبالتالي الاعتراف بوجود الآخر واحترام الاختلاف، تدفعنا الى الاعتراف بالمساواة بالحقوق كاملة، من حق الحياة والعمل والمشاركة، إلى حق الحرية في اختيار الدين وبالتالي ممارسة الشعائر الدينية .. وهي تندرج تحت مسمى التسامح الديني الذي يعتبر بدوره الركيزة الأساسية لبناء مجتمع مدني وإرساء قواعده ….. فالتعدّدية والديموقراطية ، وحرية المعتقد ، وقبول الاختلاف في الرأي والفكر وثقافة الإنسان، وتقدير المواثيق الوطنية، واحترام سيادة القانون، خيارات استراتيجية وقيم إنسانية لا تقبل التفريط ولا المساومة، فالتسامح – إذن – عامل أساسي في بناء المجتمع المدني، وحافز على تفعيل قواعده.

وهكذا، نستخلص أن التسامح يستوجب الاحترام المتبادل، واستيعاب الفروقات بين الأفراد والشعوب ، وعدم المساس بها وإهانة الناس في معتقداتها، وهو يدعوا الشعوب إلى التعارف والتعاون لتتقارب فيما بينها، وتتبادل المعارف، وتتشارك الخيرات والثروات والاكتشافات التي تعود بالخير والنفع على الجميع…!!

 

31.10.2013

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى