بين قوسين

ماهي مشكلتك …!!؟

تأكل .. تشرب .. تنام ..  تتنفس … إذا” ما هي مشكلتك ؟؟؟!!! لماذا تقاتل وتثور ؟؟ ألم تكن تحيا بأمان وتعيش بسلام وتتغنى بعطاء الحاكم وكرم السلطان ؟؟؟!!!
سؤال الى اليوم وبعد كم هائل من الدمار والدم .. مازال الكثيرون يسألونك .. لماذا ثرتم وعلى ماذا ؟؟
عجيبة حالة الانكار التي يعيشها الناس .. فتراهم يرون الخطأ بأم عينهم، ويديرون وجههم ليقولوا لم نر شيئاً ..
يسمعون الاهانات والاساءة ، ويصمّون آذانهم ليقولوا لك لم نسمع شيئاً .. يعيشون القمع والقهر والظلم .. وتراهم يهاجمونك بأشد عبارات اللوم والتقريع ، ليقولوا لك أنت ناكر جاحد ….
لماذا .. فعلاً لماذا يتحول الانسان الى حالة الانكار والرفض وتقبل الواقع مهما كان مراً ورفض الاعتراف به وتغييره ؟؟؟ أهو الخوف ..؟؟ أهو القمع .. ؟؟ أهو الذل .. ؟؟ أهو سياسة ممنهجة لتدجين الشعب .. واعتبار كل من رفض سياسة التدجين خائن للوطن وناكر للجميل ؟؟!!!
كيف وصلنا الى هنا ؟؟ وكيف تحول الحق الى منّة وانقلبت المفاهيم ؟؟
لأن النظام الحاكم أراد هذا .. أراد أن يختزل الوطن به .. واعتبار كل من يختلف عنه ويعارضه خائناً للوطن .. ليتحول الانتماء من انتماء لوطن الى انتماء لشخص .. أو لدين أو لطائفة أو لحزب … وبالتالي أول سبب هو اختزال الوطن بشخص وضياع مفهوم الانتماء الوطني .
ثانياً، هناك الفساد والذي يحتاج 3 عوامل لنجاحه واستمراره .. نظام بيروقراطي .. مسؤول فوق القانون .. ومواطن مغلوب يرشي ليحصل على حاجته. ثلاثية مترابطة في أزمنة الاستبداد وغياب العدالة وانتشار الفساد .. ليصل المواطن الى حالة من التآلف والتأقلم مع الوضع، معتبراً إياه دورة الحياة الطبيعية..  جل ما يناله بالمقابل استتباب الأمن والأمان القائم على رضى النظام .. وابقاء المواطن في بيت الطاعة .. ليتحول حق المواطن الى نعمة وهبة، يمنحها له النظام مقابل إغلاق فمه عن المطالبة بحقوقه  الحقيقية، حيث يشعر المواطن بالامتنان لمجرد حصوله على أبسط حقوقه البديهية لمجرد طاعته العمياء .. وكلما هب برأسه مطالباً بحقه في التعبير .. تمتد له عصا الوالي وتنهره حناجر جوقة التبجيل والتبريك .. .. وأما بنعمة واليك فحدث .
ثالثاً، هناك القانون .. فعندما يكون هناك أناس فوق القانون .. وأناس فاسدون مرتشون يمسكون السلطة والقرار والمال .. يتحول القانون من مصدر قوة وسلطة وحق .. الى مرتع للفساد والرشوة لمصلحة النظام .. فعندما يغيب القانون ويضيع الحق .. ينخرط المواطن دون ارادته في لعبة الفساد الكبرى ويتحول الى داعم ومنفذ ومؤيد للفساد .. لأن شراء ذمم المسؤول على تصديق معاملة أسهل ألف مرة من اتباع الطرق القانونية الرسمية التي تستغرق وقتاً طويلاً.
وبالتالي فإن انتشار الفساد وغياب القانون وضياع الانتماء الوطني .. منظومة مدمرة تفتك بالوطن رويداً رويداً، وتسبب تآكل دعائمه وركيزته الأساسية وهي المواطن .. ليصل الى مرحلة الاهتراء النفسي والفكري .. ويتحول الى عجينة غضة سهلة التشكيل بيد السلطة .. يغذيها الخوف والقمع والذل .. لينتج عنها التبعية والعجز والضعف .. وتراكم الحقد.. الذي يتحول بوجود الفساد وغياب القانون الى فتيل جاهز للانفجار في وجه الظلم وصارخاً بملئ صوته ..كفى .!!!
أفلا تكفي هذه المنظومة ليثور الشعب .. ويطالب بحقوقه في الحرية والكرامة والديمقراطية ؟؟
ما زلت أستغرب ممن يسألك لماذا ثار الشعب ؟؟ لأسأله بدوري لماذا لم يتمكن النظام الحاكم من استيعاب هذه المنظومة وعلاج الفساد وتصحيح القانون وزرع الانتماء الوطني ؟؟ لماذا لم يكن شريك الشعب وحاضنه بدل من أن يستعمل أعتى جبروته وسلطته ليحارب الشعب  ويفرض سلطته ؟؟؟
سؤال برسم كل الحكومات العربية التي مازالت في حالة رفض لحق شعبها بالتغيير والحرية .. وبرسم حكومات جاءت وليدة ثورات الحرية ولكنها مازالت تعمل وفق منظومة  التسلط واستعباد الشعب.

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى