بين قوسينكتاب الموقع

من الديكتاتورية الى الديموقراطية

قراءة بخيارات التحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية ..

الحالة الأولى ..

وهي حالة أعيشها اليوم أنا وأقراني في سوريا، في مرحلة أعتبرها مفصلية من تاريخ المنطقة كلها
فبعد عقود الاستبداد أصبح الخنوع والانقياد الى رموز السلطة والحكام دون مسائلة، من طبيعة المواطن العربي، ينتقل بالوراثةإلى أبنائه .. وتحولت مؤسسات المجتمع والدولة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى الدينية، إلى مؤسسات ضعيفة
تابعة للسلطة، تستخدمها الدولة أو الحزب الحاكم للسيطرة على المجتمع ..ويتشتت المواطنون لدرجة أنهم أصبحوا كتلة من الأفراد المعزولين، الذين لا يستطيعون العمل معا لنيل الحرية، أو نيل ثقة بعضهم البعض، أو حتى المبادرة بأي شيء لتطوير الواقع أو تغييره ..
هذا النوع من الأنظمة الشمولية القمعية .. هو ما نقاومه اليوم .. ليواجهنا  بممارسات قمع وحشية، تقتل ما تبقى من أمل لدى الناس، وترفع جدرانا جديدة من الخوف والأحقاد … فالعنف هو ما يتفوق فيه النظام الطاغي .. ليجبر المنشقين على اللجوء
إلى حرب العصابات، عندما يتضح لهم عدم واقعية التمرد والانقلاب العسكري من قلب النظام نفسه، لقوة القبضة الأمنية من جهة، ولوجود تبعية عقائدية لا وطنية من جهة أخرى .. ولغياب الدعم العسكري الخارجي الذي تقوم به بعض الدول طبقاً
لمصالحها في هذا البلد أو المنطقة، تحت مسمى حق الشعوب في التحرر وتقرير المصير.
ولكن خيار العصابات المسلحة لا يعود في أغلب الأحيان بالنفع على الشعوب المضطهدة، أو يقودها نحو تحقيق الديموقراطية، فخيار حرب العصابات، يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في أبناء الشعب المضطهد، من قتل ونزوح وتهجير،
وتدمير البنية التحتية للدولة، وتفتيت المجتمع من كافة النواحي وخاصة الاقتصادية، أضف إلى ذلك أن إمكانية فشل هذا الخيار واردة، بالرغم من وجود دعم دولي له، ينحصر فقط بالإعلام وبالمؤتمرات، والاجتماعات واللقاءات  ..
واذا فرضنا وحققت حرب العصابات ضد الأنظمة الديكتاتورية نجاحاً، فان النظام الذي ستحكم به هو نظام ديكتاتوري بشكل جديد، بسبب سلطة وتسلط السلاح، وبسبب ضعف أو دمار مجموعات ومؤسسات المجتمع المدني المستقلة، والتي هي بمثابةالركائز الرئيسية في إنشاء مجتمع ديموقراطي دائم أثناء فترة النضال، ومن هنا فإن على خصوم الأنظمة الدكتاتورية أن يبحثواعن خيار آخ، قد يستغرق تحقيقه سنوات طويلة وخسائرفادحة، لنعيد الكرة من جديد.

الحالة الثانية  … الاعتماد على التدخل الاجنبي لأجل دحر الانظمة الديكتاتورية :

يجب أن يسبقه وضع بعض حقائق نصب الأعين من مثل:

1- تتحمل الدول الاجنبية أو حتى تساعد أنظمة الحكم الدكتاتورية من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية .
2- الدول الاجنبية مستعدة لبيع الشعوب المضطهدة بدلاً من الحفاظ على وعودها لها بالمساندة والتحرر مقابل هدف آخر .
3- تتخذ الدول الاجنبية خطوات ضد الانظمة الدكتاتورية فقط من أجل الحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية وسيطرة عسكرية على البلاد .
4- قد تتحرك الدول الاجنبية لمساندة المقاومة الداخلية عندما تكون الاخيرة قد بدأت بهز النظام الدكتاتوري وحولت تركيز العالم إلى طبيعته الهمجية.

وبالتالي فان الاعتماد على التدخل الخارجي، هو تحرر جزئي ومؤقت، يخلص الشعب من نظام حكم ديكتاتوري ، ليقع بين براثن احتلال خارجي وإن كان غير مباشر .. عن طريق فاتورة التحرير العسكرية والمادية الباهظة التي تكبدتها هذه الدول
الصديقة .. !! وتوريط الشعب بديون مالية عالية، وقروض إعادة الإعمار والبناء طويلة الأمد، من خلال السيطرة على الثروات الباطنية والطبيعية واستثمارها واستغلالها لمصلحة الدول المحررة … !!
من تحت الدلف لتحت المزراب ..

أما الحالة الثالثة .. فسأعرضها في مقال قادم متأملة أن تحمل في طياتها بادرة حل وبارقة أمل ألا تبقى أحلام الشعوب بالتحرر، مجرد شعارات على ورق .. ورصاصات على حلم   ..

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى