بين قوسينكتاب الموقع

نختلف بالرأي ونتفق على ….. نكتة !!

نختلف بالرأي ونتفق على ….. نكتة !! منذ ثلات سنوات مع بداية الربيع العربي، لاحت في الأفق نسمات أمل بأن أصوات التغيير الديمقراطي قد أمكنها أن تصدح من جديد  بحرية أكثر محطمة أغلال القمع والاستبداد التي كبلتها لعهود طويلة ، وبدأت شعارات الحرية والديمقراطية،  والتعديلات الدستورية ، والصناديق الانتخابية ، تدغدغ أحلام الشعب العربي بعد أن تم تسويق انتصار الحراك الثوري في كل من ليبيا ومصر واليمن .. وقمعه في البحرين وتأجيجه في سوريا ..
ولكن في الواقع ، وخلال ثلاث سنوات من العنف المتصاعد ، والانحراف الثوري، وصعود الموجات المتطرفة ، والقتل المستمر  .. تبين أن ما حصل فعلا هو مجرد نصر وهمي للثورات .. وأن الأنظمة العربية تكرر نفسها بأشكال أشد سوءا من ذي قبل، ولكن ترتدي ثوب التغيير الذي تحول الى موضة العصر سواء أناسب هذا التغيير أحلام الشعب وطموحاته أم لا .. انه مجرد صرعة جديدة تخبئ تحتها عفونة الأنظمة  وفسادها .. وتجمل نفسها بمساحيق الصور الانتخابية بحلة جديدة ،وبخلفية ملونة وبشعارات براقة..
لأول مرة في تاريخي أعاصر ثورة شعب.. فقد ولدت وترعرت وتشربت بقيم تمجد القائد الخالد .. وبحكم الوراثة اللاشرعية .. وبموروث الخوف المعشش في عقولنا ، وحركة الالتفات التلقائية حولنا للتأكد من عدم وجود رقيب أو كاتب تقارير يترقبنا ليلتقط مجرد فكرة قد يحلو لها أن تمر في أذهاننا  لنقد الوضع ، أو الاعتراض على ممارسات النظام .. ندفع ثمنها سنوات من التربية الوطنية الصارمة خلف الشمس ..
عشنا وترعرعنا على مفهوم الصمت والخوف من التفوه بكلمات قد تسبب غضب الحاكمين والقائمين على أمن أذهاننا .. ومع ذلك فقد كنا نضحك حتى تسيل دموعنا على المسرحيات الساخرة ، والمسلسلات الناقدة التي تهزأ بالوضع وتسخفه وتنتقده لدرجة لاذعة نشعر معها بالسعادة البالغة ، وكأنها جرعة مخدرة ممتعة تقدم لنا كل فترة وفترة لسد جوعنا السياسي للحرية والتفكير .. فكان الشعب كله يدا واحدة وقلبا واحدا وبطرف واحد على استبداد الحكم ..
أما اليوم ، وفي ظل تعنت المواقف وفوضى المصالح وتضارب القيم والأخلاقيات .. أصبح مجرد انتقاد صغير كاف لشن حرب شعواء تحرق كل من يتفوه بها وتحوله الى مجرد خائن .. وأصبحت الفكرة الساخرة والنكتة ، والنهفة الدرامية ممنوعة على مبدأ ( مو وقتها هلأ ) وباتت التهم معلبة وجاهزة في أي وقت لقذف من تسول له نفسه التفكير بنقد الوضع ..
فبعد أن كان الشعب ضد فساد الحكومة أصبح الشعب ضد بعضه البعض ..
لا فكر ولا مسرح ولا فن مبدع ممتع يرافق هذه الصحوة  .. والتي لم تنضج بعد بسبب حالة التخبط الفكري ، والضياع الانساني التي تسببها قرقعة السلاح ، والعقلية القمعية الأمنية التي تشعبت واستشرت وكبلت العقول ..
مجرد تخوينات وتخويفات على مبدأ فرق تسد نجحت نظرية المؤمرات في تحقيقها  ، وشق صفوف الشعب وتقسيمه نفسيا وفكريا وطائفيا.. وبتنا نشتاق الى نكتة هزلية ودراما سياسية ساخرة تهدئ شوقنا الى حرية الرأي ..
ليبقى الفن هو سمة أي عصر أو تغيير .. ويبقى الأدب الراقي هو مقياس مدى تطور هذا التغيير ..
يبقى أملنا بوجود كنز دفين من الفن والأدب وروح النكتة ، يتم تجهيزه الأن . ينتظر لحظة وقف هذه المهازل العسكرية ليمتع الأجيال القادمة ويسرد تاريخ مرحلة من أهم مراحل التاريخ في المنطقة …!!

14.04.2014

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى