بين قوسينكتاب الموقع

هدية العيد ..

 هدية العيد في الحواري .. بين الأبنية والبيوت العربية .. يتراكض الأطفال حاملين بنادقهم الخشبية، وقنابلهم البلاستيكية ..  يتراشقون  طلقات وهمية، ويلقون على بعضهم رمانات خيالية، معلنين حرباً ضارية .. يختبئون خلف الأبواب وفي مداخل الابنية، و بين حاويات القمامة ..
يعلو صراخهم  مطالبين الفريق الآخر بالانشقاق أو الاستسلام .. لاعنين .. شاتمين .. بأشد الكلمات والعبارات المسيئة  .. تحت أنظار الأهل الفخورين بمصنع البطولة الوهمي الذين يصنعونه من أبنائهم !!  غير مدركين ولا مهتمين بتأثيراتها النفسية السلبية التي تتركها على الطفل ..  منبئة بمستقبل لا أعتقد أنه مشرق .. !!
فالسلاح الذي يحمله الطفل اليوم كلعبة … قد يتحول مستقبلاً الى سلاح حقيقي يقتل به أقرب الناس اليه.. نتيجة نوبة غضب تراكمت من أيام حرب دمرت الانسان في داخله .. خاصة في الحروب الداخلية والأهلية والتي يتحول فيها القريب أو الصديق
إلى عدو، نتيجة اختلاف بالانتماء أو التوجه أو الفكر  .. وتتماهى الحدود بين العدو الخارجي الذي يهدد أمن الوطن ، وبين ابن البلد الذي يختلف معه بالرأي .. فيصبح العدو أقرب مما يتصور .. ويصبح الاثنان واحد .. والقتل سهل ..
مسألة الألعاب مسألة تربوية مهمة، لا يجب إغفالها أو تسخيفها باعتبار أنها مجرد لعبة مسلية للطفل .. يفرح بها .. فالأسلحة ولو كانت مجرد لعبة، هي دعاية للعنف وتسويق للحرب .. وتشويه لبراءة الأطفال، اللذين يجب تحييدهم عن صراعات الكبار الدموية .. وتأمين طفولة بريئة لهم من ذنوب الكبار وإجرامهم .. كي لا نتورط في أجيال، تحمل بين ألعابها رصاصات قاتلة، وفي جيناتها حقداً دفيناً .. يتم تفريغه في وجه صديق أو أب أو أخ في لحظة غضب .. لنتوه من جديد، في دوامة العنف والثأر والانتقام التي لا تنتهي ..
السلاح الذي يقتل شعوباً، ويدمر بلداناً، ويكلف سنوياً مليارات الدولارات تكفي لإطعام كل الجياع حول العالم ..هو سبب دمار إنسانيتنا .. وتدمير أوطاننا وقتل كل ما هو جميل حولنا. أصلّي كل يوم أن يتوقف تصنيعه وينتهي من العالم لنعيش كلنا في سلام ونعود للانسانية التي نفتقدها اليوم ..
فكيف يتحول بإرادتنا الى لعبة نفتخر بشرائها لأطفالنا هدية للعيد ؟؟!!
فلنحافظ على الأقل على أطفالنا بريئين منه .. ولنشتري لهم ألعاباً تنمي حسهم الابداعي والفكري .. ألعاباً جماعية مضحكة مسلية .. تزرع البسمة على وجوههم، وتخلق عندهم التحدي، وروح المنافسة مع أقرانهم .. ليصبح الفوز مرهوناً بالتفوق
الفكري والرياضي وليس بالتصفية والقتل ..
فأطفالنا هم المستقبل الذي لا نريد تدميره .. بل عليه نراهن لنبني الانسان القادر على بناء وطن

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى