دايّان طلب استخدام النوويّ ورئيس الموساد الأسبق: واشنطن هدّدّت تل أبيب بعدم تزويدها بالأسلحة بالأيّام الأولى لحرب 73 بسبب خسائرها الجسيمة بالمعارك ورسائل الاستجداء أكّدت أنْ وضعها أصعب من الـ48

 

كشف الكتاب الذي أصدره المؤرّخ والنائب السابق في الكنيست الإسرائيليّ، مردخاي بارأون، من حركة (ميرتس)، الـ”يساريّة”، كشف عن أنّ أكبر إخفاقٍ في تاريخ وزير الأمن الإسرائيليّ إبّان حرب أكتوبر 1973، موشيه دايّان كان في هذه الحرب، إذْ أنّه كان شريكًا في المسؤولية عن المفاجأة، كما أنّه تحمّل قسطًا كبيرًا من الهزائم التي لحقت بالجيش الإسرائيليّ، وخصوصًا في الأيّام الأولى للحرب.

أمّا الإخفاق الأكبر، بحسب الكتاب، فكان رفض دايّان لرسائل الرئيس المصريّ في ذلك الوقت، أنور السادات، والتي كان بإمكانها منع الحرب، ويُضيف المؤرّخ بارأون: في الأيّام الأولى من الحرب أُصيب دايّان بكآبة شديدةٍ وهلعٍ كبيرٍ، وذلك لاعتقاده بأنّ العرب سيقومون بالقضاء على إسرائيل، وتحدّث عن الخراب الثالث للهيكل المزعوم، أمّا المؤرِّخ والباحِث توم سيغف، ومن خلال مراجعته للكتاب، فأشار في مقالٍ مُطوِّلٍ نشره في صحيفة (هآرتس) إلى أنّه في تلك الأيّام، كان الحديث في إسرائيل عمّا يُسّمى بـ”الخيار النوويّ”، وهذا من أهّم الأحداث في تاريخ إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، كشف المؤلّف، الذي عمل سكرتيرًا لدى دايّان، كشف عن أنّ وزير الأمن خلال الحرب المذكورة دايّان اقترح على رئيسة الوزراء آنذاك، غولدا مائير، أنْ تلجأ إلى الخيار النوويّ، وطلب منها أنْ يكون هذا السلاح غيرُ التقليديّ جاهزًا، وفي هذا السياق يقول الكتاب إنّ دايّان في تلك الأيّام كان يُثير الشفقة، وبالتالي فإنّ إمكانية انتخابه في ما بعد لرئاسة وزراء إسرائيل لم تعُد قائمةً، على حدّ تعبيره.

وللتدليل على أنّ إسرائيل كانت قاب قوسين أوْ أدنى من الهزيمة في حرب أكتوبر 1973، جاء رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) الأسبق، إفراييم هليفي، وكشف عن دليلٍ إضافيٍّ يؤكِّد على أنّه في الأيّام الأولى من الحرب كان الوضع في الجيش الإسرائيليّ كارثيًا، وهو الذي كان يشغل في تلك الفترة رئيس بعثة (الموساد) في واشنطن، مُشدّدًّا على أنّ نائب رئيس وكالة المُخابرات المركزيّة (CIA) استدعاه إلى مكتبه حيثُ جرت بينهما مُحادثةً صعبةً للغاية، كما قال في مؤتمر عُقِد نهاية الأسبوع المُنصرِم بمدينة أسدود جنوب الكيان، وفقًا لتقريرٍ حصريٍّ نشره مُراسِل الشؤون السياسيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، إيتمار آيخنر.

وقال هليفي إنّه في اليوم الثالث للحرب، بعدما مُني الجيش الإسرائيليّ بهزائم كبيرةٍ، تمّ استدعاؤه إلى جلسةٍ مع نائب رئيس (CIA)، والذي كانت تربطه معه علاقة صداقةٍ، وتابع قائلاً، كما أفادت الصحيفة العبريّة في تقريرها، إنّ المسؤول الأمنيّ الأمريكيّ الرفيع، الذي كان مُتجهمًا، أوضح له أنّه في اليومين الأخيرين تتلقى واشنطن من إسرائيل رسائل استجداءٍ تطلب فيها أنْ نقوم نحن في أمريكا بملء مخازن الأسلحة في الكيان، والتي أُفرِغت بسبب الحرب والخسائر التي لحِقت بالجيش الإسرائيليّ جرّاء القتال مع الجيشيْن السوريّ والمصريّ، وأنّ الرسائل التي وصلت من تل أبيب أكّدت أنّ وضع إسرائيل أخطر ممّا كان عليه في “حرب الاستقلال” (!)، عام 1948، على حدّ قول نائب رئيس (CIA).

وفي هذه العُجالة، أضاف هليفي، قال له المسؤول الأمريكيّ: نحن نُريد أنْ نعرِف كيف سيكون حال إسرائيل بعد ثلاثة أوْ أربعة أيّامٍ من الحرب، إذْ يتعيّن علينا أنْ نكون على درايةٍ فيما إذا كان السلاح الذي سنُرسِله سيكون عامِلاً مًساعِدًا في تحقيق النصر، لأنّ الولايات المُتحدّة تدعم دائمًا وأبدًا ما أسماهم نائب رئيس الـ(CIA) بالمُنتصرين، وبالتالي علينا أنْ نحصل على تلخيصٍ رسميٍّ من الجيش الإسرائيليّ الآن، على حدّ قوله.

وطبقًا لأقوال رئيس الموساد الأسبق، فإنّ المسؤول الأمريكيّ، الذي لم يكشِف عن اسمه، هدّدّه في الجلسة عينها، أنّه إذا لم تحصل واشنطن حتى نهاية اليوم على التقرير المطلوب حول وضع الجيش الإسرائيليّ، فإننّا لن نجتمِع مرّةً أخرى، لأننّا سنقطع العلاقات مع جهاز (الموساد) ومع إسرائيل أيضًا، كما قال المسؤول الأمريكيّ.

وتابع هليفي قائِلاً، كما جاء في تقرير الصحيفة العبريّة، إنّ استجابت إسرائيل لطلب واشنطن وقامت بإرسال مذكّرةٍ لوزارة الدفاع الأمريكيّة، ولكنّه لم يكشِف عن مُحتوى المُذكّرة الإسرائيليّة الرسميّة، مع ذلك أقّر أنّه بعد تلقّي الأمريكيين التقرير من تل أبيب قرروا تزويد إسرائيل بالأسلحة التي طلبتها، زاعِمًا أنّ الـ”قطار الأسلحة الأمريكيّة الجويّ” لإسرائيل، لم يكُن سبب الانتصار (!) في الحرب، بل أنّ السبب المفصليّ يكمن في قيام الأمريكيين بتزويد الجيش الإسرائيليّ 24 ساعةٍ باليوم بصورٍ التقطتها الأقمار الاصطناعيّة الأمريكيّة من ساحات القتال على الجبهتين السوريّة والمصريّة، وعلى مدار الساعة، الأمر الذي منح الجيش الإسرائيليّ فرصةً لتحديد عملياته وبناء إستراتيجيته، التي قادت في نهاية المطاف إلى حسم المعركة، قال رئيس الموساد الأسبق، في المؤتمر بأسدود، كما أكّدت الصحيفة العبريّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى