قراءة في تاريخ “لا” النافية الفلسطينية !|جمهورية الفاكهاني ..جمهورية مفتوحة للمقاومين 3

 

ما أن توقفت حرب أيلول في الأردن بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني بعد قمة القاهرة، حتى بدأ العد العكسي للبحث عن مكان يتجمع فيه مقاومو الأمس الذين قضّوا مضاجع إسرائيل خلال السنوات التالية لهزيمة حزيران عام 1967.

كانت سورية ساحة المرور إلى لبنان ، وقد فتحت سورية أبوابها لعبور المقاومين المنسحبين من أحراش جرش وعجلون، دون أن تتحول إلى قاعدة رئيسية لهم، فلا يمكن لفصائل المقاومة أن تنتشر وتعمل كما كان الحال في الأردن نظرا لقوة الدولة السورية وتأكيدها على أن لاشيئ يتم إلا بالتنسيق مع الجهات المعنية .

كما أن سورية في ذلك الوقت كانت أمام معطيين هامين سيؤثران على مستقبل المنطقة ولبنان تحديدا ، وهما :

الأول ، وصول حافظ الأسد إلى السلطة في 16 ت2 من عام 1970 ، وما حمله ذلك من معطيات هامة تتعلق بالسياسة السورية وقد وردت بوضوح في بيان الحركة التي سميت بالتصحيحية .

الثاني ، شروع سورية بالاتفاق مع مصر بالإعداد لحرب تشرين التي وقعت فعلاً عام 1973..

خلال هذه الفترة وما تلاها ، كان المقاومون الفلسطينيون قد بدأوا في تشكيل ساحة افتراضية بديلة عن الأردن ستصبح فيما بعد مقرا لهم هي الساحة اللبنانية، مستندين في ذلك إلى اتفاقية القاهرة عام 1969 التي تسمح بتشكيل لجان للفلسطينيين وإنشاء نقاط للكفاح المسلح داخل المخيمات الفلسطينية ووجود ممثلين في الأركان اللبنانية. إضافة إلى تسهيل المرور والطبابة والإخلاء والتموين للفدائيين، وتأمين الطريق إلى العرقوب والسماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية.

تراكمت في الفترة الزمنية الفاصلة بين أيلول عام 1970 ، ونيسان عام 1975 الأسباب التي تؤدي إلى تفجر صراع واسع بين الطرفين اللبناني والفلسطيني، فالساحة الجديدة التي تشكلت بدلا عن الساحة الأردنية جعلت الدولة اللبنانية أمام اختبار صعب، مالبث أن تحول إلى صراع  وطني داخلي، يتشارك الطرف الفلسطيني في أحد طرفيه ، ولم تكن هذه التطورات مفاجئة، ففي حقيقة الأمر شكلت القوى اليسارية وذات الاتجاه القومي إضافة إلى تعبيرات طبقية اجتماعية معروفة حلفا مع المقاومة الفلسطينية لعب دورا كبيرا في إشعال الحرب الأهلية في لبنان في نيسان 1975 بعد مجزرة عين الرمانة .

في لبنان ، لم تعد المشكلة مشكلة ساحة لبنانية يتجمع فيها فلسطينيون مقاومون وفقا لاتفاقيات وقعت قبل سنوات ، بل تجمعت عوامل أخرى ، فدفعت الأحداث في سياق تاريخي آخر لابد من التوقف عنده .

أنتجت حرب تشرين عام 1973 تناقضا فجا وسريعا بين من شاركوا بها، وإذا هذه الحرب قد أجلت الصدام بين السلطة اللبنانية والفلسطينيين، فإنها أنتجت معطيات جديدة ستتداخل فيما بعد مع الأحداث المتسارعة في لبنان، وتشكل جزءا من التاريخ السياسي ل (لا النافية) العربية ..

كان الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات قد شرع في البحث عن حل يستثمر من خلاله ما تم إنجازه في حرب تشرين، وقد غدت الحرب على هذا الأساس حرب (تحريك) بدلا من حرب (تحرير) . ولم يرض هذا التوجه الرئيس السوري حافظ الأسد، فوقف ضده وشكل جبهة الصمود لمقاومته ، كما سنرى .

ورغم أن هذا التناقض بين الأسد والسادات أخذ طابعا عربيا بين مصر من طرف والعرب من طرف آخر، إلا أنه في جوهره كان يؤسس لانقسام عربي كبير يتعلق بالقضية الفلسطينية .

وقبل أن نتابع السيرة الزمنية لهذه التحولات ، من المفيد هنا رصد آليات التحول التي تمت على القرار الفلسطيني الذي جمعتها ” لا النافية ”  لوجود إسرائيل ، أي “المقاومة”، فقد تحسست الأطراف اليسارية في منظمة التحرير تياراً فلسطينياً يلاقي مشروع السادات في التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، فتداعت إلى تشكيل الجبهة الرافضة للحلول التسووية، وكان رئيسها جورج حبش الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان الدكتور سمير غوشة أمين سرها  ..

وفي ذلك الوقت ، حصل التماس الأول مع المقاومة الفلسطينية من الداخل ..

 

يتبع : تجربة الحوار مع الفلسطينيين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى