قراءة في تاريخ “لا” النافية الفلسطينية: مصير لا النافية الفلسطينية (نتائج) !

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لابد من العودة باستمرار إلى تجربة التواجد التاريخي للمقاومة الفلسطينية في لبنان، واتساع حجمها في السنوات التي تلت حرب أيلول في الأردن عام 1970 ، لأن هذه التجربة تكثف تلقائيا آليات التعاطي مع عوامل ومقومات الرفض العربي للمشروع الصهيوني ، وبعبارة موجزة : ما أن نهضت المقاومة والعمل الفدائي كشكل من أشكال تحرير فلسطين، حتى سعت إسرائيل بكل ماتملك لإجهاض هذا النمط الذي يناقض وجودها، من خلال تحويل الصراع إلى داخلها، وتوليد التناقضات في أطرافها، وهذا عمل تشتغل عليه إسرائيل حاليا مع البلدان العربية حيث يتغير الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي ــ عربي ، أو داخلي ، أو جيش بمواجهة إرهاب وتطرف ، وسريعا نجد  إسرائيل خارج قوس الصراع ، وتكتفي بإشعال التناقضات ، وفرض شروط اللعبة التي تريدها.

وتمكنت إسرئيل من خلال هذا السعي لاستبدال الفعل المقاوم بفعل تسووي، والفعل التسووي لاينتج فعلا وطنياً إلا من خلال توازن قوى لصالحه، وعمليا اختل هذا التوزن يوما بعد يوم مع نتائج ماحصل للمقاومة في لبنان ، وانشغالها بالصراعات الداخلية، ومن ثم التورط بالشؤون الداخلية لبلدان الطوق العربية، وبدلا من أن تجد في هذه البلدان سندا، كما فعل حزب الله ، وجدت بها مواجهاً رافضا لسياساتها، وعلى ذلك لابد من تحديد مكثف لمصير (لا النافية) التي رفعتها المقاومة ، ومن هذه النتائج :

  • إذا كانت المقاومة والعمل الفدائي قد نشأت بشكل عام بعد هزيمة حزيران ، فقد كانت أشرف رد فعل على الهزيمة .
  • لم تؤثر العمليات العسكرية الإسرائيلية ببنى المقاومة رغم انتشارها وانكشافها على الرقعة اللبنانية ، بقدر ما أثر المال الذي تدفق عليها من الخليج العربي، ملايين الدولارات صبت على فصائل المقاومة، لم يستخدم للمقاومة بل استخدم لانحلالها ، فتراجع العمل الفدائي بنسبة 95 بالمائة .
  • العمليات التي كانت تتم هي عمليات للتذكير بسمعة الفصيل الذي يقوم بها : بدءا من عملية دلال المغربي ووصولا إلى عملية الطائرات الشراعية لجبهة التحرير الفلسطينية (أبو العباس) .
  • جبهة النضال الشعبي الفلسطيني التي تعرفنا عليها من الداخل ، كانت من الفصائل النظيفة وكانت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مفتاحا حقيقيا لفكر المقاومة المبني على رؤية فكرية حقيقية ، ولكن الأحداث وتداعيات مابعد اجتياح لبنان عام 1982 أضعفتها ، ودفعت بعض كوادرها إلى الانخراط بالتسوية (الدكتور سمير غوشة، وأحمد مجدلاني) .
  • نشوء الإرهاب (الثوري) الفلسطيني، حرف المقاومة والعمل الفدائي عن عملها وأهدافها. ورغم تراجع جورج حبش عن هذا النوع من التكتيك العسكري سريعا، إلا أن ثمة فصائل تبنت الإرهاب الثوري بكل معنى الكلمة وتم وصفها ببندقية للايجار !
  • لعبت المقاومة الفلسطينية دورين متناقضين بالنسبة لقوى وفصائل المعارضة العربية وتحديدا السورية ، الأول تجذير موقف بعض القوى اليسارية من القضية الفلسطينية، وجعلها أكثر نضجا، والثاني إفساح المجال أمام قوى أخرى للتدرب على السلاح واستخدامه فيما بعد في الأزمات الداخلية، وهذه المسألة جعلت الأنظمة العربية تضع السلاح الفلسطيني تحت الرقابة وحتى أنها تسعى لمنعه.

وعندما نستعيد هذه النتائج، تواجهنا مباشرة ، اللحظة التاريخية التي تواجهنا الآن ، وهي بروز مقاومة وطنية لبنانية على هامش الحركة الوطنية اللبنانية، ساهمت ضرباتها  فعليا في انسحاب إسرائيل بعد احتلال بيروت عام 1982 ثم انسحاب القوات المتعددة الجنسيات من بيروت، إضافة إلى نشوء خط وطني إسلامي مقاوم هو الذي خاض حرب تموز 2006 .

ولكن أليس من حقنا أن نسأل الآن : أين هي المقاومة الفلسطينية؟ وأين هو العمل الفدائي ؟!

سؤالان هامان يعيدان الباحث إلى المؤامرة الكبيرة التي أحاطت بالمقاومة الفلسطينية منذ اندلاعها بعنفوان في الأردن بعد هزيمة حزيران .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى