أنقرة تبحث «المنطقة الآمنة» مع بولتون… وتحذّر من «المماطلة»

 

تُوّج التفاهم الأميركي ــــ التركي حول مصير المناطق الحدودية في شرقي الفرات، وما تلته من تعليقات رسمية من الطرفين، باتصال هاتفي بين المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، أمس (الجمعة)، لتطويب ما أنتجه عسكريو البلدين بإعلان «رئاسي». القراءة التركية للاتصال أوضحت أنه تضمن «نقاش قضايا تشكيل منطقة آمنة في شمالي سوريا، وإنشاء مركز العمليات المشتركة، وزيادة حجم التجارة الثنائية»، مشيرة إلى أنه «بالنظر إلى الحساسيات الأمنية لتركيا، ينبغي تنفيذ الاتفاق المتعلق بتشكيل منطقة آمنة في أقصر وقت ممكن». وكرّر بيان الرئاسة التركية الرسمي الحديث عن ضرورة «استبدال الممر الإرهابي بممر السلام، وتوفير بيئة مناسبة من أجل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بأمان»، مضيفاً أن ملفَي «اللجنة الدستورية» و«تسريع عملية الانتقال السياسي» نوقشا خلال الاتصال أيضاً، إلى جانب تفاصيل زيارة الرئيس دونالد ترامب، إلى تركيا، المزمع إجراؤها خلال هذا العام. وحتى وقت متأخر من ليل أمس، لم يخرج بيان من الجانب الأميركي حول تفاصيل الاتصال وما جرى نقاشه من قضايا ضمنه.

وجاء هذا التواصل عالي المستوى في ظلّ تجديد وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، لليوم الثاني على التوالي عقب الإعلان عن الاتفاق، الحديث عن أن بلاده لن تسمح بتكرار ما حصل في منبج. إذ قال، خلال «فعاليات مؤتمر السفراء الأتراك»، «(إننا) من جانب نكافح الإرهاب في سوريا، ومن الآخر نعمل مع الولايات المتحدة للقضاء على الحزام الإرهابي وإقامة ممر سلام أو منطقة آمنة بدلاً عنه، ولكن الأمر لن يكون مثل منبج ولن نسمح أبداً بالمماطلة، لأن هذه مسألة أمنية غاية في الأهمية بالنسبة لنا». وأكد أن تركيا مستعدة لاتخاذ جميع التدابير، محذراً الجانب الأميركي بالقول: «إمّا أن نعمل على تطهير المنطقة سوياً، أو سنقوم نحن بذلك لوحدنا… تماماً مثلما جرى في عفرين ودرع الفرات».

الموقف التركي الراغب في إبقاء الضغط على واشنطن، مدفوع بقلق من تكرار المماطلة في تنفيذ الاتفاق الخاص بمنطقة شرقي الفرات. وهي قراءة كرّستها بعض المقالات التي نشرتها عدة صحف تركية خلال اليومين الماضيين، تعليقاً على التفاهمات الجديدة. أبرز تلك التعليقات جاءت على لسان الجنرال التركي المتقاعد، آردال شنار، والذي كان أحد قادة القوات الخاصة التي شاركت في عمليتي «غصن الزيتون» و«درع الفرات»؛ إذ اعتبر في حديث إلى صحيفة «جمهورييت» أن الولايات المتحدة «لا تريد القضاء على الوحدات الكردية… وهي تمكنت الآن من وقف عملية عسكرية للجيش التركي في شرق الفرات». ورأى أن موافقة واشنطن على تشكيل «مركز مشترك» هي «محاولة لامتصاص الضغط التركي»، وأن الجانب الأميركي انطلق من مصلحته المرحلية في توقيعه الاتفاق، مضيفاً أن «ما جرى في منبج كان وهماً… ولم تتمكن الدوريات التركية من دخول تلك المنطقة أبداً».

الموقف التركي غير الرسمي، المشكك في جدوى الاتفاق مع واشنطن، ترافق مع صمت رسمي في شأن إدلب وتطورات الميدان فيها. واكتفت أنقرة بتسيير قافلة مساعدات عبر جمعيات إغاثية إلى إدلب تحت اسم «لستم وحدكم». وصاحبت ذلك جولة تصعيد روسية ــــ أممية حول الاتهامات لموسكو ودمشق باستهداف «مواقع مدنية». إذ قالت روسيا إن الأمم المتحدة قدمت «بيانات خاطئة» عن المدارس والمستشفيات التي تعرضت للقصف في محافظة إدلب. وأوضح ممثل روسيا الدائم في مقر الأمم المتحدة في جنيف، غينادي غاتيلوف، أن موسكو طلبت من عسكرييها التأكد من صحة كل اتهام بقصف أهداف مدنية، لكنهم اكتشفوا أن البيانات التي قدمتها «الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة كانت خاطئة». وأضاف غاتيلوف أن «مكافحة الإرهاب يجب ألا تتوقف أبداً، هذا أمر علينا فهمه جيداً… يجب القضاء على هؤلاء الإرهابيين جميعاً أو مقاضاتهم». وفي السياق نفسه، اعتبر نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أن وقف إطلاق النار يتم في «اللحظة التي يلتزم فيها الإرهابيون به»، مضيفاً أن «على هيئة تحرير الشام الاستسلام… أو على أولئك الذين يدعمونها إيجاد حل آخر».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى