الأمريكان يَطرقون أبوابَ دِمشق.. واللواء المملوك يَستقبل مَبعوثًا أمنيًّا رفيع المُستوى.. ما هي الرّسالة التي يَحملها؟

تتوالد المُفاجآت التي تأتي من سورية هذهِ الأيّام، فبَعد نجاح القوّات السوريّة في استعادة مدينة دير الزّور بالكامل، ومُضي موسكو قُدمًا في مَساعيها لعَقد مُؤتمر الحِوار الوطني السوري بعد أسبوعين في مُنتجع سوتشي، نَجد أنفسنا أمام مُفاجآتٍ من العِيار الثّقيل جدًّا تتمثل في زيارة مَسؤولٍ أمريكي أمني رفيع المُستوى لدِمشق، ولقائه مع اللواء علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السوري.

الزيارة تمّت بطلب أمريكا، وبتنسيقٍ من قِبل أطرافٍ لبنانيّة مُقرّبة من الجانبين، وهذهِ خُطوةٌ غَير مَسبوقة، فأمريكا وحُلفاؤها أنفقوا مليارات الدولارات، وآلاف الأطنان من الأسلحة الحديثة طِوال السّنوات السّبع الماضية من أجل إطاحة النّظام الذي يَزوره مَسؤولها الأمني الرّفيع فجأةً.

جَرت العادة أن يقوم اللواء المملوك بزياراتٍ إلى دُولٍ وعواصم عربيّة يتم الإعلان عنها تسريبًا وبعد انتهائها، على غِرار ما حَدث لزياراته لكُل من القاهرة، وجدّة، غرب المملكة العربيّة السعوديّة، وجَرى ترتيب الأخيرة التي التقى خلالها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي، من قِبَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكنّها لم تُحقّق أيَّ نتائج لأن الجانب السوري رَفض التّجاوب مع طلبٍ سعوديٍّ بإنهاء العلاقة مع إيران، وإعطاء المُعارضة السوريّة الدّور الأكبر في إدارة البلاد في إطارِ اتفاق سلام.

لا نَعرف الرّسالة التي حَملها المَبعوث الأمني الأمريكي إلى القيادة السوريّة، فهذهِ من الأسرار، ولكنّنا سَنقرأ تسريبات حول مَضمونها حتمًا في الصّحف الأمريكيّة، في الأيّام القليلةِ المُقبلة، لكن رَفض استقبال أي مسؤول سياسي سوري له، وحصر الزيارة في الجوانب الأمنيّة فقط، يُوحي بأنّ هذهِ الرّسالة لم تَكن مُرحّبًا بها، ومَضمونها من الطّرف السّوري.

صحيح أن بعض الأنباء تحدّثت عن تقديم اللواء المملوك احتجاجًا للمَبعوث الأمريكي على وجود قوّات أمريكيّة على الأراضي السوريّة، واعتباره احتلالاً، وردَّ المَبعوث الأمريكي بأنّه ليس احتلال، إنّما وجود لمُحاربة “الدولة الإسلاميّة”، ولكن الصّحيح أيضًا أن “فزّاعة” “الدولة الإسلاميّة” سَقطت، ولم تَعد لها قيمة أو وجود بخسارة هذهِ الدّولة لآخر مَواقِعها في القائم والبوكمال على الحُدود السوريّة العِراقيّة، وقَبلها خسارتها لعاصمتها الرقّة، لصالح قوّات سورية الديمقراطيّة المَدعومة أمريكيًّا.

ما يُمكن قَوله أن زيارة المَبعوث الأمني الأمريكي هذهِ، وأيًّا كانت أسبابها، تُشكّل اعترافًا أمريكيًّا بشرعيّة القِيادة السوريّة، وتَسليمًا ببقاء الرئيس بشار الأسد على قمّتها، ومُحاولة فَتح قنوات حِوار معه تتعاطى مع قضايا تَخدم مصالح الجانبين، لا يُمكن تحقيقها، أي هذهِ المَصالح، إلا من خِلال الاتصالات المُباشرة.

الأيّام المُقبلة، ومِثلما قُلنا في بداية هذهِ الافتتاحيّة حافلةٌ بالمُفاجآت، وربّما الحُروب أيضًا، بالنّظر إلى استقالة السيد سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، وهُجومه الشّرس على إيران وحزب الله من الرّياض، وهذا مَوضوعُ مقالةٍ أُخرى.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى