التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ للعام 2019: يجب الحصول على شرعيّةٍ دوليّةٍ للقضاء كليًّا على البُنيّة التحتيّة اللبنانيّة خلال المُواجهة القادِمة مع حزب الله وإعادة بلاد الأرز للعصور الحجريّة

 

رأى التقدير الإستراتيجيّ، الذي أصدره مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، رأى أنّه من المتوقع في عام 2019 أنْ يطلب من إسرائيل تقديم رد أوْ على الأقل التصدّي للتحدّيات السبع الرئيسيّة في سوريّة والجبهة الشماليّة بشكلٍ عامٍّ: الأولى، سوريّة لن تعود إلى حالتها ما قبل الحرب، الأمر الذي سيزيد من نقمة الجماهير على النظام، وسيبقى الأسد حاكمًا ظالمًا يعتمد على حلفائه الخارج.

ثانيًا، لن تكون روسيا قادرة على إقامة نظام مستقر وفعال في جميع أنحاء سوريّة والتعامل مع جميع مشاكل الدولة، ثالثًا، واشنطن ستتخلّى نهائيًا عن سوريّة، وسيصبح هذا البلد العربيّ تحت النفوذ الإيرانيّ والروسيّ، رابعًا، نفس الحلفاء، إيران وحزب الله، سيستمران بالتمركز العسكريّ في كلٍّ من سوريّة ولبنان، وستبقى إيران في المنطقة حتى لو نجحت إسرائيل في تأخير وتعطيل العملية باستخدام القوّة العسكريّة.

خامسًا، سيتم تخفيض مجال نشاط إسرائيل العسكريّ بسوريّة، وإذا قررت العمل ضدّ الصواريخ الدقيقة لحزب الله فإنّ ذلك سيزيد من خطر التصعيد على الجبهة اللبنانيّة وتوسعها في الساحة الشمالية كلها، سادسًا، لا توجد مصادر وموارد، داخلية وخارجية، لإعادة تأهيل سوريّة، وسابعًا،  القنوات السياسية، ولا سيما أستانا وجنيف، ستفشل بسدّ الفجوات الضخمة بين عدد لا يحصى من العناصر المتشددة وبينها القوى الإقليمية والعالمية المعنية في سوريّة.

وتابع أنّه في الوقت الحالي، سمحت روسيا وتركيّا لإيران بتعزيز نفسها في سوريّة، وهو اتجاه من المُتوقّع أنْ يزداد بسبب الانسحاب الأمريكيّ من الساحة، لافتًا إلى أنّ الانسحاب الأمريكيّ له عدة آثار هامّة بالنسبة لإسرائيل: أولاً، مهمة القضاء على خلايا (داعش) ما زالت بعيدة عن نهايتها، وستظل الحدود السوريّة العراقيّة تتلاشى، كما أنّه من المرجح أنْ ينجح نظام الأسد في الاستيلاء على شرق سوريّة، بما في ذلك الحقول المعدنيّة، فيما روسيا وإيران، اللتان عملتا على انسحابٍ أمريكيٍّ من الشمال شرق سوريّة، حققتا هدفهما، وبالتالي تُرِكَت إسرائيل وحدها في هذه الحملة ضدّ ترسيخ إيران في سوريّة، كما أكّدت الدراسة الإسرائيليّة.

أمّا بالنسبة لإعادة تأهيل سوريّة، فإنّ تل أبيب لا تتدّخل في مبادرات من هذا الوزن، خاصّةً من روسيا وإيران وحتى الصين، إلى حدٍّ ما، والدول الأوروبيّة وأمريكا لن تستثمر في سوريّة طالما أنّ الأسد في السلطة وطالما أنّها لا تقود في هذا البلد الضعيف الإصلاحات الدستوريّة والسياسيّة التي ستمكّن المقيمين السوريين من المشاركة في العملية السياسيّة.

وأردف التقدير، الذي عكف على إعداده كوكبة من الباحثين في مركز أبحاث الأمن القوميّ، أردف أنّه لدى إسرائيل مصلحة في تنفيذ عملية إعادة تأهيل سوريّة مع التركيز على الجنوب سوريّة، والطريقة الوحيدة الممكنة هي التأثير على عملية إعادة التأهيل غير المباشرة التي ستستند إلى ائتلاف دول الخليج وحتى الدول السنية، مع الحدّ من النفوذ الإيرانيّ.

واعتبر التقدير أنّ تل أبيب أخطأت عندما آثرت عدم اشتراط بعدم تدخلها في القتال، قبل سيطرة قوات الأسد على الجنوب ومرتفعات الجولان، من خلال دمجها في الاتصالات الدبلوماسيّة وخلق قنوات عسكرية للاتصال مع اللاعبين، لافتًا إلى أنّه المجال مفتوحًا أمام إسرائيل لكي لا يقتصر نفوذها بسوريّة على المجال العسكريّ، بل يمكن أنْ ينعكس في المشاركة بالعمليات السياسيّة لإعادة تأهيل سوريّة.

وشدّدّ التقدير على أنّه في الساحة اللبنانيّة أيضًا، تُواجِه إسرائيل قدرات إيران العسكريّة المُتناميّة، وبالتالي يتعيّن عليها صياغة إستراتجيّةٍ جديدةٍ فيما يتعلّق بالجبهة الشماليّة، وعلى وجه الخصوص اللبنانيّة، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ إسرائيل بحاجةٍ لجهودٍ صلبةٍ وليّنةٍ لتعطيل الخطوات التي اتخذها حزب الله وإيران في لبنان، حتى لو كان النشاط ينطوي على مخاطر تتصاعد إلى الحرب.

في الوقت نفسه، تابع التقدير، يجب على إسرائيل، الترويج لحملةٍ دوليّةٍ لفضّ الاشتباك مع إيران في لبنان، وتحسين فعالية قوة (اليونيفيل) في فضح نشاط حزب الله على طول الحدود، ومُطالبة الدولة اللبنانيّة وجيشها بتنفيذ الالتزام بالقرارات الدوليّة القاضية بإبعاد عناصر حزب الله من الحدود، وتحضير الشرعيّة الدوليّة لتأييد استخدام إسرائيل القوّة العسكريّة ضدّ البنيّة التحتيّة اللبنانيّة، في حال تورّط حزب الله وقام بالتصعيد وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيّار وقواتٍ بريّةٍ باتجاه الأراضي الإسرائيليّة، على حدّ تعبيره.

بكلماتٍ أخرى، دعا التقدير الإستراتيجيّ، الذي تمّ تسليمه لرئيس كيان الاحتلال في حفلٍ رسميٍّ، دعا عمليًا إلى تنفيذ نظرية الضاحيّة الجنوبيّة في بيروت عام 2006، أيْ تدميرها كليًّا، ولكن هذه المرّة على جميع أنحاء لبنان، أوْ كما قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ ووزير الأمن سابقًا سنُعيد لبنان إلى العصر الحجريّ، ومن الجدير بالذكر أنّ القائد العّام السابِق لجيش الاحتلال، الجنرال احتياط غادي آيزنكوط، هو الذي وضع نظرية الضاحية وتطبيقها على الدولة اللبنانيّة كامِلةً.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى