الحل السوري، بعد معركة تدمر !

أربعة معطيات تقدمها الخطوة الأخيرة، في استرجاع مدينة تدمر من قبل الجيش السوري وحلفائه، في مرحلة سطعت فيه الشمس لحل قادم في سورية حتى لو كان بطريقة الفرض (والمقصود هنا إقليميا)، وقبل الحديث عن المعطيات الأربعة لابد من الحديث عن تدمر نفسها، فهي، كمكان لحدث مهم، مفتاح جغرافي للجهات الأربع في سورية، حتى أن مكانها على الخريطة يثير الانتباه والعسكريون يفهمون هذه المسألة، فهي في قلب سورية، وطرقاتها صلة وصل المدن والجهات السورية.

ثم أن تدمر هي قيمة تاريخية، تذكر بالعلاقات بين الشرق والغرب، وقصة الرومان وزنوبيا أشهر من أن نستعيد تفاصيلها، وكذلك يعتبر المعارضون السياسيون السوريون تدمر مكسر موج الهبّات ((الخارجة عن القانون)) التي قام بها المناوئون للحكم في سورية، والتي كان مصير من قام بها : سجن تدمر الأسطوري الذي بناه الفرنسيون، واعتقل فيه الشيوعيون والبعثيون والإخوان والفارون من الجيش ومروجو المخدرات ..

أما المعطيات الأربعة التي تقدمها خطوة تحرير تدمر قبل أيام وطرد داعش منها، فأولها أن السوريين لاقوا عودة تدمر إلى حضن الدولة السورية، وكأنها رسالة مفتوحة مليئة بالأجوبة تجاه الأسئلة التي يطرحها البحث عن حل قادم ، فهي :

تفتح الطريق لفك الحصار عن دير الزور، وتفتح الاحتمالات أمام طرد داعش من الرقة، وهذا يعني تلقائيا لقاء الشمال الشرقي السوري، مع الجنوب الغربي السوري والعاصمة مع الساحل، ومن فوائدة : تحسن الاقتصاد والشروع بحركة بناء هامة تشهدها البنى التحتية السورية ، ليس على أرضية سورية المقسمة وإنما على أرضية سورية المستعادة؟

المعطى الثاني : أين تذهب داعش التي يقول شهود عيان إن الجثث الداعشية المكدسة على أرض المملكة التاريخية تشير إلى أن لاوجود لسوريين بينهم، وأن القتلى من كل جنسيات الأرض، وهذا يعني أن على داعش أن تبحث عن مكان يأويها في شيخوختها، فأين يكون المأوى، في وقت تتلاحق فيها الضربات من الجيش وحلفائه ويقوم العراق بطحنها من جهة الشرق، هل يكون هذا المأوى هو شمال أفريقيا ؟ هل يكون المأوى إقامة أمارات في جنوب تركيا ودخول تركيا في حرب تدميرية مع داعش ؟!

أم أن داعش انتهى دورها ؟!

المعطى الثالث : هل تلد الحرب على السوريين في هذه الأثناء ذلك الجنين المنتظر الذي يسمى ((معارضة))؟ فكل من حارب النظام في سورية يقر ويعترف دون إكراه أن هذا الجنين لم يولد بعد، فهل تتمكن القابلة القانونية (( جنيف)) من إخراجه سالما ببرنامج واضح وتماسك منطقي يأخذ بعين الاعتبار ولاءاته الخارجية ومواقفه السياسية دون المساس بكرامة الوطن والدولة، ويقتنع أن المرحلة القادمة ليست مرحلة تسليم مفاتيح القصر الجمهوري للسيد أنس العبدة ، وإنما هي مرحلة إعادة بناء الدولة السورية بشكل تشاركي وفي اصطفاف اقليمي ودولي متوازن ، ولكن الاحتمالات هنا تبقى مفتوحة والأسئلة التي وجهها ديمستورا للوفود لم درس بعد، وخاصة بشأن الحل مع إسرائيل ؟!

أما المعطى الرابع ، فهو الحكومة السورية نفسها، وهي هنا بيضة القبان، فإلى أي حد تعد العدة لمرحلة قادمة هي غير المرحلة السابقة تماما، هناك من يظن أن كل شيء سيعود كما كان، وهناك من يظم أم لا أحد يعرف بعد ؟!

الرئيس بشار الأسد تحدث كثيرا عن هذه المواضيع عبر مركزين أساسيين الأول الإقرار بضرورة الاتجاه نحو تغييرات جدية، والثاني أن لايقوم أحد بالمساس بثوابت القرار السوري، وآخر ماقاله ونشر قبل ساعات هو أن التقدم العسكري الذي يحرزه جيشه «سيؤدي إلى تسريع الحل السياسي». كما نقلت عنه «سبوتنيك» الروسية وأن «الانتصارات الأخيرة التي تم إحرازها سيكون لها تأثير قوي على القوى والأطراف التي راهنت على فشلنا ميدانياً لكي تفرض شروطها السياسية» في المفاوضات.

وفي الاستدراك لغة تخاطب مهمة حيث قال : في المقابل إن التقدم العسكري سيشكل دفعة للحل السياسي وليس عائقاً أمامه، مشدداً على أن دمشق «استجابت لكل المبادرات التي طُرحت من دون استثناء ومن كل الاتجاهات ولو لم تكن صادقة..

الهدف : هو أننا لا نريد أن نترك فرصة إلا ونجرّبها من أجل حل الأزمة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى