«بازل الشمال» نحو الاكتمال… وضامنو «أستانا» تحت سقف الأمم

توحي المعطيات بأن «بازل الشمال» يوشك أن يكتمل، عقب الأنباء عن اتفاق تركي- روسي حول مدينة تل رفعت يبدو كفيلاً باستكمال ما لم تنجزه خريطة «طريق منبج»، فيما تحتضن جنيف مطلع الأسبوع المقبل مشاورات هامة في شأن اللجنة الدستورية
بهدوءٍ حذر يستمرّ التمهيد لمشهديّة سوريّة جديدة، أوضحُ ملامحها حتى الآن توافقُ اللاعبين المؤثّرين على تكريس «ستاتيكو» ميداني يرجئُ فتح جبهاتٍ جديدة (باستثناء الجبهات مع «داعش»)، ويُمهّد لإعادة تدوير العجلة السياسيّة.

ورغم أنّ «هدنة رمضان» غير المعلنة قد تعرّضت لخروقاتٍ عدّة في محافظتي إدلب وحلب على وجه الخصوص (غارات جويّة في الأولى، وهجومٌ استهدف بلدتي كفريا والفوعة المحاصرَتين، وقذائف على بعض أحياء حلب) فإنّ هذه الخروقات لا تنفي حقيقة أن رمضان الحالي كان أقلّ دمويّة منذ سنوات طويلة. ويستمر السباق في شأن الجنوب السوري بين سيناريوين متعاكسين: أوّلهما يُنذر بفتح معارك طاحنة قد تكون الأعنف منذ معارك حلب الأخيرة (قبل أكثر من عام ونصف عام)، فيما ينصّ الثاني على تكريس تفاهمات تتيح ضبط إيقاع أي معركة موضعيّة تُفتحُ جنوباً. ويختلف المشهد في الشمال بصورة جذريّة، بعد ما اجتازت تفاهمات «أستانا» اختبارات ثقةٍ كثيرة.

ورغم أن تلك الاختبارات لم تُسفر عن حل جذري لعائق «انعدام الثقة» بين دمشق وأنقرة، فإنّها قدّمت أمثلة إضافيّة على قدرة ضامني أستانا الثلاثة على المضي في تركيب «بازل الشمال» بعد ما تمّت فكفكة معظم تعقيداته. ومن المقرّر أن تحتضن جنيف يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين اجتماعاتٍ مهمّة تضع «مسؤولين كباراً من إيران وروسيا وتركيا» على طاولة المشاورات مع الأمم المتحدة «بشأن تشكيل لجنة دستورية لسوريا» وفق ما أعلنه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في بيانٍ أصدره .

ويكتسب هذا الإعلان أهميّة تتجاوز اجتماع الضامنين الثلاثة بسبب ما يتيحه سقف الأمم المتحدة من فُرصٍ لتشبيك مستقبليّ بين مسارَي «سوتشي، وأستانا» مع مسار جنيف المتعثّر (حتى الآن). وأشار بيان المبعوث الأممي إلى أنّ «دي ميستورا سيوجه الدعوة لاحقاً إلى دول أخرى لإجراء مشاورات متصلة بالأمر». وبالتزامن، راجت أمس أنباء متقاطعة عن توصّل موسكو وأنقرة إلى صيغة اتفاق في شأن مدينة تل رفعت (ريف حلب الشمالي). وتتشابه الصيغة المطروحة مع «خارطة طريق منبج» التي سبق أن اتّفقت أنقرة وواشنطن على بنودها، لتكون أنقرة قاسماً مشتركاً بين اتفاقَي المدينتين المفتاحيتين. وقالت مصادر محليّة إنّ اتفاق «تل رفعت» ينصّ على إخلاء المدينة من أي وجود مسلّح، مع آليّة انتشار ومراقبة مشتركة بين موسكو وأنقرة.

وقالت صحيفة «عنب بلدي» المعارضة إنّ «وجهاء من تل رفعت قد اجتمعوا مع مسؤولين أتراك لتحديد مصير مدينتهم». ووفق المعلومات المتوافرة، فقد نصّت التفاهمات على «عودة الأهالي المدنيين فقط، وتشكيل مجلس محليّ من أبناء المدينة»، فيما «بدأ الوجهاء بتسجيل أسماء الراغبين في العودة كدفعة أولى» بغية الحصول على الموافقات اللازمة لعودة المقبولين منهم. وإذا ما اكتمل تنفيذ اتفاقي منبج وتل رفعت وفق الآليات المُعلن عنها، فذلك يعني نهاية وجود «قوات سوريا الديمقراطيّة» في مناطق غرب الفرات بصورة كليّة، ما يجعلُ من الاتفاقين خطوتين نحو نتيجة واحدة رغم كونهما منفصلتين في الشكل.

وعلى صعيد آخر، دعت الحكومة السورية نظيرتها العراقيّة إلى «تكثيف الجهود لإعادة افتتاح المنفذ الحدودي بين سورية والعراق بين مدينتي القائم والبوكمال». وقالت الخارجيّة العراقيّة إنّ الوزير العراقي إبراهيم الجعفري أكد خلال تسلمه رسالة نظيره العراقي وليد المعلّم «ضرورة تنسيق المواقف والتعاون بين البلدين من أجل حلحلة المشاكل العربية باعتماد الحلول السياسية وعدم التدخل في شؤون الدول»، وعلى «موقف العراق الثابت إزاء عودة سوريا إلى حاضنة الجامعة العربية».

وتحظى إعادة فتح المعابر الحدودية بأهميّة خاصة في حسابات دمشق في الفترة الراهنة، لا سيّما أنّ كل المعابر مع الجيران مغلقةٌ أو تعمل بطريقة غير شرعيّة خارج سيطرة الحكومة السوريّة، باستثناء المعابر مع لبنان.

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى