تل أبيب وواشنطن تؤكّدان التصعيد والعودة لخيار الحرب: الحلف بينهما ليس تحالفًا دفاعيًا بل هو خدعةً للحصول على ضوءٍ أخضرٍ أمريكيٍّ لهجومٍ إسرائيليٍّ ضدّ إيران

 

رأى شموئيل مئير، مُحلِّل إستراتيجيّ إسرائيليّ، في صحيفة (هآرتس)، أنّ إحدى الجهود الرئيسية التي بذلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الحملة الانتخابية الحالية تتمثل في رسم صورة لاعب بارز في الساحة الدولية، وهو رجل دولة “لا يمكن الاستغناء عنه”، وتحتل روايته ضدّ الاتفاق النووي مع إيران مكانة مركزيّةً، ومع ذلك، لم تنجح تحركاته الأخيرة في السياق النووي وفشلت رحلاته السريعة إلى لندن وسوتشي، وأُلغيت اجتماعات أخرى مع قادة اليابان والهند وكوريا الجنوبية.

وتابع: حتى فيما يتعلق بمحاولته لتشكيل تحالفٍ دفاعيٍّ مع أمريكا حتى قبل الانتخابات، فقد فشل، فهذه مسألة إستراتيجية من الدرجة الأولى تبددت من النقاش العام مع تراجع عملية السلام في أواخر التسعينيات، وبالتالي، فإنّ عودتها إلى الأجندة في الأشهر الأخيرة، في ذروة الحملة، تستفِّز.

وأوضح أنّه في شهر يوليو، كشف بن كاسبيت من “معاريف” أنّ مستشاري نتنياهو، المفترض أنْ يرأسهم السفير الإسرائيليّ بواشنطن رون ديرمير، كانوا على اتصالٍ مكثفٍ مع مسؤولي إدارة ترامب بشأن هذه القضية، بعد ذلك بشهرين، وخلال الكشف عن المناقشات، أفاد عاموس هارئيل وعمير تيفون من (هآرتس) بأنّ نتنياهو قد انتقل إلى خطةٍ بديلةٍ: الحصول على إعلانٍ رئاسيٍّ وعن نيّةٍ لتشكيل تحالفٍ دفاعيٍّ بالمستقبل القريب.

وشدّدّ المُحلِّل على أنّه قد تكون لهذا البيان الرئاسي قيمة سياسية على المدى القصير، لكن ليس له أهمية مادية، وترامب نفسه نشر تغريدةً يوم السبت الماضي أنّ المحادثات حول التحالف الدفاعيّ لن تستمِّر إلّا بعد الانتخابات الإسرائيليّة، ربمّا سيحدث ذلك، لكن يبدو أنّه على عكس “الهديّة” التي منحها ترامب لنتنياهو قبل انتخابات أبريل (الاعتراف بمرتفعات الجولان)، هذه المرّة لم يحصل رئيس الوزراء على هديةٍ أخرى، لأنّ الإدارة الأمريكيّة خلُصت إلى أنّ التحالف الدفاعي مع إسرائيل، وحتى فقط بيان رئاسيّ، إنّه أمرٌ خطيرٌ للغاية ولا يُمكِن تمريره كعملية اختطافٍ انتخابيّةٍ.

وكشف، نقلاً عن مصادره بتل أبيب وواشنطن، أنّ الجهود للتوصل للتحالف الدفاعيّ في الربيع بدأت وبذلت تحت الرادار بمساعدة صديق نتنياهو، السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، حيث أعلن الأخير أنّ هذا التحالف  سيجعل العالم يفهم أنّ الهجوم على إسرائيل يُعتبر هجومًا على أمريكا.

وشدّدّ المُحلِّل على أنّ التحالف الدفاعيّ هو قضية حرب وسلام في عالم العلاقات الدوليّة، جوهرها هو إدراك صرخة معركة الفرسان الثلاثة: “واحد للجميع، الكل من أجل واحدٍ” ، وليس حاجة سياسية عارضة، مُضيفًا أنّه في التحالف الثنائيّ للدفاع ، كما هو الحال في حلف الناتو، يكون الالتزام الأساسي متبادلًا، لكن قراءة النص (والملاحظات التوضيحية) لمسودة نتنياهو التي حاول الترويج لها تشير إلى أنّ هذا ليس تحالفًا دفاعيًا تقليديًا، ولكنّه يشبه التحالف الدفاعيّ، كما أكّد.

ولفت إلى أنّ الحديث يجري عن “الدفاع عن وردع”، ولكن مع اختراعٍ جديدٍ من “تحالفٍ من جانبٍ واحدٍ” يهدف لتزويد إسرائيل بأفضل ما في العالم: المظلة الأمريكية وحريّة العمل الكاملة، والتي هي في الواقع طبقة أخرى من الردع لا تفرض قيودًا على إسرائيل، ولن يتطلّب الأمر من إسرائيل أنْ تُشارِك في الحروب الأمريكية البعيدة، أوْ إذا رغبت في ذلك، فعلى عكس الدنمرك، لا تُرسِل القوّات إلى أفغانستان.

وأردف: تُحاوِل المسودة تخفيف أعضاء مجلس الشيوخ (أغلبية الثلثين المطلوبة) بالتشديد على أنّ الولايات المتحدة لن تلتزِم بالتفعيل التلقائيّ للعقد ولكن في ظلّ ظروفٍ خاصّةٍ للغاية، ويتكرّر هذا المصطلح عدّة مراتٍ في المسودة. “إنّه لا يُسبب وضعًا تكون فيه قوة أمريكا في نهاية الردع الإسرائيليّ ضدّ أيّ مُهاجمٍ مُحتملٍ، وأنّ أكثر الظروف الفريدة، وفقًا لمسودة المبادرين، مُهددةً أيضًا باستئناف برنامج الأسلحة النوويّة الإيرانيّ، وهذه المسألة مذكورة صراحةً في المستند.

كما لاحظ المُحلِّل أنّ تجاهل نتنياهو وغراهام لتقرير الاستخبارات القومية الأمريكية لعام 2019، والذي ينص على أنّه لا يوجد برنامج أسلحة نووية في إيران، وكذلك الأساس المنطقيّ المعرب عنه في المسودة، يكشفان عن الغرض الخفيّ الذي يدفعان من أجله: السعيْ الإيرانيّ للأسلحة النوويّة (من وجهة نظرهم وبدون أيّ أدلّةٍ استخبارية) لن يتّم استخدام التحالف الدفاعيّ المُقترح في سياق الضربة الإسرائيليّة، ولكن فقط في سياق القمع الإيرانيّ، أوْ بمعنى آخر، إنّه ليس “تحالفًا دفاعيًا” بل هو خدعة للحصول على “ضوءٍ أخضرٍ” أمريكيٍّ لهجومٍ إسرائيليٍّ ضدّ إيران.

واختتم المُحلِّل: نتنياهو، وكذلك المحافظون في الولايات المتحدة، يتذكرون جيدًا، بأنّ الفيتو الأمريكيّ من جانب بوش وأوباما قد أوقف الهجمات على المواقع النوويّة الإيرانيّة، وخاصّةً في صيف 2012 الحار، والآن هدف نتنياهو إزالة هذا العائق، ومن الصعب الافتراض أنّ مجلس الشيوخ والرئيس الأمريكيّ سيُوافقان على مخططٍ مفاده أنّ الإدارة ستخوض حربًا واسعة النطاق في الشرق الأوسط في مواجهة تهديدٍ تنقصه الأدلّة الاستخباريّة، وهذا هو أحد الدروس المستفادة من غزو العراق عام 2003 بذريعة الأسلحة النووية، كما أكّد.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى