سفير تل أبيب الأسبق بعمّان: دلائلٌ مُتزايدةٌ تؤكّد أنّ الضغوط والأحداث التي تجري بالأردن والمنطقة ستؤدّي لتقويضٍ خطيرٍ للنظام مع آثارٍ إستراتيجيّةٍ طويلة الأجل

 

رأى سفير كيان الاحتلال الأسبق في الأردن، د. عوديد عيران، رأى أنّه خلال السنوات الأولى التي تلت اندلاع “الربيع العربي”، كان التقييم بين المُراقبين في المملكة الهاشميّة أنّه على الرغم من الضغوط السياسيّة الداخليّة والخارجيّة والضغوط الديموغرافيّة التي خلقها اللاجئون من سوريّة، كان النظام قادرًا على مُواجهة التحدّيات، ومع ذلك، أضاف، فقد تمّ تشويه صورة الاستقرار مؤخرًا، وهناك دلائل متزايدة على أنّ الضغوط والأحداث التي تجري في البلاد يُمكِن أنْ تؤدي إلى تقويضٍ خطيرٍ للنظام، مما سيكون له الآثار الإستراتيجيّة طويلة الأجل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه يُمكِن أنْ تحدث عملية زعزعة الاستقرار، على سبيل المثال، عن طريق المظاهرات الجماهيريّة وإطالة أمدها، وبشكلٍ جزئيٍّ أيضًا العنف، وفقدان السيطرة على قوات الأمن في الأحداث، وفقدان سيطرة القصر الملكيّ على قرارات البرلمان، على حدّ قوله.

وتابع السفير الأسبق، الذي يعمل اليوم باحِثًا في مركز الأمن القوميّ الإسرائيليّ، تابع قائلاً إنّه منذ تأسيسه كدولةٍ، واجه الأردن مشاكل اقتصاديّة وجوديّة نابعة من قلّة الموارد الطبيعيّة ومصادر الدخل المحليّة الأخرى، وحقيقة أنّه استوعب عددًا كبيرًا من موجات الهجرة بالنسبة لحجم سكانه، مُشيرًا إلى أنّ تقرير البنك الدوليّ الأخير ذكر أنّه على الرغم من استقرار الوضع في سوريّة، إلّا أنّه لا يزال سائلاً وسيتأثر بالتطورات غير المُتوقعّة، فضلاً عن زيادة أسعار النفط وانخفاض مصادر الائتمان الدوليّة، ممّا قد يضر باحتياطيات النقد الأجنبيّ في البلاد، وزيادة معدل التضخّم، مُوضِحًا أنّه على الرغم من أنّ القرارات الحكوميّة بشأن الإصلاحات الضريبيّة وإلغاء الإعانات قد أقرّها البرلمان، إلّا أنّ التحريض ما زال مُستمِّرًا والدليل على ذلك، تنظيم المظاهرات العامّة في المدن الرئيسيّة في الأردن، كما أكّد د. عيران.

وشدّدّ السفير الإسرائيليّ الأسبق في دراسته على أنّه كالعادة، يُواصِل الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ إثارة الرأي العّام في الأردن وتوظيف الملك عبد الله الثاني، وممّا زاد من تعقيد ذلك العناصر التي من شأنها أن تزيد من تداعيات الصراع على العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وبشكلٍ خاصٍّ  اشتداد التوتر على المسجد الأقصى.

وحذّر د. عيران من أنّه إذا سمحت الحكومة الإسرائيليّة الجديدة للكنيست باتخاذ خطواتٍ لتنفيذ دعاوى ضمّ إسرائيل و/أوْ تطبيق القانون الإسرائيليّ على أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة، فإنّ الأردن سيترأّس المجموعة العربيّة، التي ستدعو المجتمع الدوليّ إلى عدم الاعتراف بهذه الإجراءات، وإدانة إسرائيل وحتى فرض عقوباتٍ عليها إذا لم تمنع هذه الخطوات، كما أكّد.

وأردف: لاستكمال تقييم الوضع المتشائم، يجب على المرء أنْ يُضيف التداعيات المتوقعة لـ”صفقة القرن”، لحلّ النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، مُضيفًا أنّ الملك عبد الله، الذي كرّر في كلّ لقاءٍ مع قادة المنطقة والمجتمع الدوليّ أنّه لا يوجد حلاً سوى حلّ الدولتين على أساس خطوط 1967 والقدس الشرقية كعاصمةٍ للدولة الفلسطينيّة، يجِد صعوبةً في إخفاء معارضته لأيّ حلٍّ آخر، بعبارة أخرى، على الرغم من أنّ الملك يزعم أنّ الإدارة الأمريكيّة لم تُوضِح تفاصيل الخطة عند نشرها، وأنّ جميع العبارات الدبلوماسيّة المُصاحِبة للنشر لن تكون مفيدةً، إلّا أنّه سيتعيَّن عليه التعبير عن معارضته لها بلغةٍ واضحةٍ، من أجل إسكات كلّ مَنْ يهمس سرًا في عمان بأنّ المساعدات الأمريكيّة السخيّة ستُخفِّف من ردّه، قال عيران.

وتابع إنّه سيتّم التعامل مع العلاقات البارِدة بالفعل بين إسرائيل والأردن، خاصّةً بين الملك ونتنياهو، في الأشهر القليلة المُقبلة من خلال العديد من مصادر التوتّر، فبالإضافة إلى الجمود في المفاوضات الإسرائيليّة الفلسطينيّة والتوتّر المستمِّر في الأقصى، سيتحتَّم على إسرائيل والأردن أنْ يتنازعا مع إعلان الأردن إنهاء اتفاقٍ بينهما كان يقضي بتأجير أراضٍ أردنيّةٍ إلى الجانب الإسرائيليّ في منطقتي الباقورة والغمر اللتين استردتهما الأردن إبان توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين عام 1994، وأنّ محاولات تعزيز ضمّ الأراضي في الضفّة الغربيّة، والانتقاد المُستمِّر في الأردن لصفقة بيع الغاز من إسرائيل إلى الأردن، وبالطبع “صفقة القرن” الأمريكية، مُشيرًا إلى أنّ هذه قائمة يُهدِّد كلٌّ منها جوهر العلاقة ومحتواها.

واختتم سفير تل أبيب الأسبق في المملكة تحليله بالقول إنّه لإسرائيل مصلحة في الحفاظ على استقرار الأردن، والتطورّات في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي عززت هذا الاهتمام، لافتًا إلى أنّه للكيان تأثيرًا كبيرًا على قدرة الأردن في مُواجهة بعض التحدّيات التي تعترِضه، وبالتالي فإنّ التفكير الاستراتيجيّ الإسرائيليّ مطلوب، إلى جانب الاستعداد الأردنيّ والإسرائيليّ لتجنّب التحرّكات الاستفزازيّة، على الرغم من الضغوط الداخليّة في البلدين، والمطلوب حوار شامل أيضًا بينهما بأعلى المُستويات، بهدف تنظيم العلاقة بشكلٍ كاملٍ، طبقًا لأقواله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى