صفعة مُجلجلة للعرب والفلسطينيين

تلقّت الدبلوماسيّة الرسميّة العربيّة بشكلٍ عامٍّ، والدبلوماسيّة الفلسطينيّة بشكل خاصٍّ صفعة مُجلجلة للغاية، بعد أنْ أصبح ناريندرا مودي أوّل رئيس وزراء
هنديّ يزور إسرائيل في زيارة تأتي نتيجة تقارب في العلاقات بين البلدين أدى إلى صفقات دفاعية تقدر بمليارات الدولارات. وبحسب موقع (The Times of Israel) فقد كررت إسرائيل التي تبحث باستمرار عن حلفاء للتصويت لصالحها في محافل الأمم المتحدة بالإضافة إلى شركاء تجاريين، القول إنّ الزيارة تُعّد تاريخية.

ولفت الموقع إلى أنّه في مقابلةٍ نشرتها صحيفة (يسرائيل هيوم) العبريّة، الموالية للحكومة الإسرائيليّة، قال مودي إنّ الزيارة تستند على صلة عميقة تمتد لقرون بين الشعبين، على حدّ تعبيره. وتابع قائلاً: يشاركني هذا الرأي الكثيرون من أبناء شعبي، الذين يرون بإسرائيل منارة تكنولوجيا، كبلد نجح في البقاء على الرغم من أنّ كلّ الاحتمالات كانت ضدّه.

وبحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، فمن المتوقع أنْ تركز الزيارة على تعزيز العلاقات في مجال أمن الفضاء الإلكتروني والدفاع، وهما مجالان تسعى إسرائيل إلى تصوير نفسها على أنها قوة عالمية رائدة فيهما.
وأضاف مودي إنّ حكومته عازمة على تحسين العلاقات بين الهند وإسرائيل ورفعها إلى مستويات جديدة، وقال هدفنا هو إجراء حوار مع إسرائيل بطريقة تحسّن حياة مواطني البلدين.

وأشار محللون إسرائيليون إلى أنّ مودي لن يتوجه على ما يبدو إلى الأراضي الفلسطينية للقاء المسؤولين الفلسطينيين خلال زيارته التي تستمر لثلاثة أيام، كما جرت العادة في زيارات المسؤولين الأجانب. وكان مودي التقى رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس في نيودلهي في أيار (مايو) الماضي.

وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو بالزيارة التي تتزامن مع حلول الذكرى الخامسة والعشرين لتدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، واصفا إياها بإثبات إضافي على قوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. واعتبر نتنياهو إنّ هذه خطوة هامة للغاية في تعزيز العلاقات بين البلدين. وأضاف: الهند دولة ضخمة فيها أكثر من 1,25 مليار نسمة وهي واحدة من اكبر الاقتصادات في العالم وأكثرها نموًا. لافتًا إلى أنّ العلاقات بين إسرائيل والهند في تحسن متواصل، على حدّ قوله.

وبينما وصفت إسرائيل الزيارة كانتصار دبلوماسي، إلّا أنّ لدى كل من البلدين أسباب عملية لهذه الزيارة. وتعد الهند أكبر مستورد في العالم للمعدات الدفاعية، وأصبحت الدولة العبرية احد مورديها الرئيسيين. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ البلدين يقومان بتوقيع صفقات دفاعية تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار سنويًا.

وتستثمر الهند، أكبر مستورد للمعدات الدفاعية في العالم، عشرات المليارات من الدولارات لتجديد معداتها العائدة إلى الحقبة السوفييتية لمواجهة التوترات مع الصين وباكستان. وأبرمت في هذا السياق عددًا من الاتفاقيات الدفاعية منذ وصول حزب الشعب الهندي (باراتيا جاناتا) إلى الحكم عام 2014.وفي نيسان (ابريل) الماضي، أبرمت الهند اتفاقًا مع شركة “إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء” الحكومية بقيمة حوالي ملياري دولار في ما وصف بأنّه أكبر صفقة دفاعية في تاريخ الدولة العبرية.

وبموجب الاتفاق، ستقوم الشركة الإسرائيلية بتزويد الهند بمنظومة دفاعية متقدمة من صواريخ أرض-جو متوسطة المدى، وقاذفات، وتكنولوجيا اتصالات. وتمّ الإعلان في وقت لاحق عن صفقة قيمتها 630 مليون دولار لتزويد البحرية الهندية بأنظمة الدفاع الصاروخ. ويتعاون البلدان في أمور متعلقة أيضًا بتكنولوجيا الزراعة والمياه.

وقال البروفيسور افرايم عنبار الذي شغل في السابق منصب مدير مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة، لوكالة فرانس برس: اعتقد أنّ الأمر أكثر من عقود دفاعية. وبحسب عنبار فإنّ الأمر يتعلق ببرنامج استراتيجي مشترك يشمل الخوف من التطرف الإسلاميّ، ومخاوف من اتساع الحضور الصيني، وبالإضافة إلى ذلك، بالطبع لا يمكن تجاهل الإمكانات الاقتصادية الضخمة لكلا البلدين، على حدّ تعبيره. وأضاف: ولكن بالنسبة لإسرائيل، فإنّها سوق ضخمة.

ولطالما دعمت الهند فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة وتفادت في البداية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ولكن الجليد ذاب في السنوات الأخيرة مع سعي الهند إلى إقامة علاقات دفاعية وثيقة مع إسرائيل، خاصّةً مع ابتعاد نيودلهي بشكلٍ متزايدٍ عن حليفتها التقليدية روسيا من اجل تعزيز معداتها العسكرية.

ويزور رئيس الوزراء القومي الهندوسي مودي إسرائيل بعد زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى واشنطن، التقى فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لقاءٍ وديٍّ. وخلال لقائهما، تعهد الرجلان بعزمهما على تعزيز التعاون بينهما في مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التعاون الدفاعي. وقد يجد مودي أرضية مشتركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وأشار الموقع الإسرائيليّ إلى أنّ الهند تُعّد حاليًا أسرع اقتصاد من حيث النمو في العالم، وهو وضع يأمل مودي في تعزيزه عبر جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وسعى غالى القيام بذلك جزئيًا عبر تشجيع المصنعين على القيام بأعمال تجارية في البلد الذي يعد ثالث أكبر اقتصاد في قارة أسيا. وتشمل صفقات الدفاع الإسرائيلية عناصر سيتم تجميعها في الهند.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى