صفقة طائرات “اف 35” تؤزم العلاقات التركية الامريكية

 

يعشق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الازمات، خاصة اذا كانت مع الولايات المتحدة الامريكية ودول أوروبية أخرى، وضعت عقبات امام انضمام بلاده الى الاتحاد الأوروبي، ولذلك لم يكن غريبا ان تتوتر العلاقات التركية الامريكية على أرضية شرائه صفقة صواريخ “اس 400” المتطورة من روسيا كبديل على صواريخ “الباتريوت” التي رفضت أمريكا بيعها لأنقرة.

أحدث حلقات الازمة التركية الامريكية تتمثل في اصدار الكونغرس الأمريكي قرارا بعدم بيع تركيا طائرات “اف 35” التي تعتبر أحدث ما انتجته صناعة الطائرات الامريكية احتجاجا على صفقة صواريخ “اس 400” الروسية لتركيا.

الرئيس اردوغان يشعر باستياء من جراء هذا القرار، وكذلك من تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “الوقحة” بفرض عقوبات على بلاده في حال استمرار احتجازها للقس الأمريكي اندرو برونسون “المتهم بتقديم دعم الى منظمتين ارهابيتين هما حزب العمال الكردستاني، و”الخدمة” التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن”.

صحيفة “الواشنطن بوست” تحدثت قبل أيام عن صفقة يتم بمقتضاها إطلاق سراح القس روبنسون مقابل افراج إسرائيل عن الناشطة التركية ابرو اوزكان، المتهمة بنقل أموال الى حركة “حماس” الفلسطينية. الرئيس اردوغان نفى وجود هذه الصفقة، وهذا رفض منطقي، لانه يريد صفقة تبادل أخرى أكثر ثقلا، أي الافراج عن القس روبنسون مقابل تسليم أمريكا للداعية فتح الله غولن الموجود حاليا في بنسلفانيا، والمتهم بالوقوف خلف الانقلاب العسكري الأخير قبل عامين، وهو اتهام ينفيه الأخير.

الكونغرس اتخذ قرار حظر بيع الطائرات “اف 35” الامريكية لتركيا استجابة لضغوط اللوبي الإسرائيلي الذي لا يريد بيع هذا النوع من الطائرات لأنقرة، بعد توتر العلاقات التركية الإسرائيلية على أرضية اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها اليها.

التوتر في العلاقات التركية الامريكية مرشح للتصاعد في الاشهر المقبلة، وعندما تبدأ إدارة الرئيس ترامب فرض عقوبات على ايران تتضمن وقف استيراد أي من منتوجاتها النفطية، وتتوقع من تركيا الالتزام بهذا الحصار باعتبارها حليفة لواشنطن وعضوا في حلف الناتو.

حتى كتابة هذه السطور ترفض تركيا وقف استيراد النفط الإيراني، وقطع العلاقات التجارية مع طهران، وهي العلاقات التي تعهد اردوغان والرئيس حسن روحاني برفع قيمتها السنوية من عشرة مليارات دولار حاليا الى 30 مليارا في السنوات القليلة المقبلة.

السيد مولود جاويش اوغلو، وزير الخارجية التركي أكد في تصريحات ادلى بها امس “ان بلاده لن تقطع علاقاتها التجارية مع ايران لصالح احد”، واضاف “نحن مع أمريكا في كل ما يحقق السلام والاستقرار، لكننا لسنا ملزمين بالانصياع لكل قراراتها”.

الرئيس اردوغان يلتقي مع نظيره الأمريكي في مسألة مهمة، وهي تصعيد التهديدات الى اكبر درجة ممكنة لإجبار الطرف الآخر على التنازل على مائدة المفاوضات، واسقاط بعض الشروط، ولا نستبعد ان تستمر مواجهة لي الذراع بين الطرفين حتى تتهيأ هذه المائدة، ويلتقي الزعيمان التركي والامريكي في مؤتمر قمة على غرار قمة سنغافورة حفاظا على تحالف استمر 50 عاما.

ما يجعلنا نصل الى هذه النتيجة ان تركيا دخلت في مفاوضات مع وفد امريكي زائر لأنقرة حول شرائها صفقة صواريخ “باتريوت”، وهذا يعني ان التزامها بشراء صواريخ “اس 400” الروسية ليس نهائيا، اما في الجانب الأمريكي فان وزير الدفاع جيم ماتيس حذر بأن عدم بيع تركيا لطائرات “اف 35” قد يؤدي الى خسارة كبيرة لصناعة الطائرات الحربية الامريكية، بما في ذلك توقف انتاج هذا النوع من الطائرات بشكل نهائي.

هناك ازمة متشعبة في العلاقات الامريكية التركية، وصفقة الطائرات “اف 35” هي قمة جبل جليدها، وستظل هذه الازمة موجودة ومتصاعدة حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود على صعيد موقف تركيا من امرين حاسمين، الأول علاقاتها التجارية مع ايران، والثاني صفقة صواريخ “اس 400″، وما علينا الا المراقبة والانتظار، وهو انتظار لن يطول اكثر من ثلاثة اشهر في جميع الأحوال.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى