لعقوبات الأميركية: ردود “مدروسة” من عون وبري والحريري ونواب “حزب الله” لا يتقاضون رواتبهم من المالية ويتعاملون نقدا

 

وضعت العقوبات الأميركية الجديدة والتي شملت نائبين من “حزب الله” في البرلمان اللبناني هذه المرة الحكومة اللبنانية بموقف محرج حيال واشنطن والوضع الداخلي المتأزم، نظرا إلى أن وزارة الخزانة الأميركية طالبت الحكومة بأن ” تقطع اتصالاتها مع الأعضاء المدرجين على قائمة العقوبات”، في وقت طالب الحزب عبر أحد نوابه الحكومة باتخاذ موقف ضدهذه العقوبات لأنها تمس السيادة اللبنانية. وتوقعت أوساطه أن يتحدث أمينه العام السيد حسن نصر الله غدا الجمعة عن الموضوع.

وقال مصدر رسمي ل”الحياة” إن ردود الفعل من كبار المسؤولين “جاءت مدروسة ودقيقة ومستندة إلى أدبيات أميركية سابقة كررها مسؤولو الإدارة الأميركية بالحرص على المؤسسات اللبنانية وعدم استهداف الاقتصاد اللبناني”.

وأوضح المصدر ل”الحياة” أن الحكومة اللبنانية ليس لديها تعامل مالي مع “حزب الله”، وأن حتى نواب الحزب في البرلمان لا يتقاضون رواتبهم الشهرية من وزارة المال اللبنانية، بل يحصلون عليها من دوائر المجلس النيابي مباشرة، لتجنب صرف أي مبلغ باسم أي منهم تجنبا للعقوبات.

وتقول مصادر مالية ل”الحياة” إن نواب الحزب لا يتعاطون مع دوائر الدولة والمصارف في التعاملات المالية بل يستخدمون المال نقدا تجنبا للعقوبات السابقة منذ سنوات وفي مجال آخر ذكرت مصادر نيابية ل”الحياة” أن المسؤولين اللبنانيين يجب ألا يتفاجأوا بالدفعة الجديدة من العقوبات التي صدرت أول من أمس نظرا إلى أنهم سبق أن تبلغوا منذ أشهر من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين أن العقوبات على الحزب ستتصاعد.

وكان وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو لفت​ إلى أن “​الولايات المتحدة​ فرضت ​عقوبات​ على ثلاثة مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في ​حزب الله​ يستغلون مناصبهم لتسهيل الجهود الخبيثة التي تُمارس من قبل حزب الله والإيرانيين لتقويض سيادة ​لبنان​”، مشيرًا إلى أن “هذه العقوبات تبرهن أن أيّ تمييز بين الجناح العسكري والسياسي في حزب الله مصطنع تمامًا، إنها حقيقة يعترف بها حزب الله بحدّ ذاته. ندعو جميع حلفائنا وشركائنا إلى إدراج حزب الله ككل كمنظمة إرهابية”.

وقال بومبيو أن العقوبات جزء من جهود أميركا لمواجهة ما وصفه بالنفوذ الفاسد لحزب الله في لبنان وتواصلت ردود الفعل اللبنانية حيال فرض الخزانة الأميركية عقوبات على النائبين عن “حزب” الله رئيس كتلته النيابية(الوفاء للمقاومة) محمد رعد وأمين شري (نائب عن مدينة بيروت) ومسؤول وحدة التنسيق والإرتباط في الحزب وفيق صفا، ومطالبة الحكومة اللبنانية بقطع الاتصالات معهم.

وصدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان أشار إلى أن “الرئيس العماد ميشال عون اطلع على ما تناقلته وسائل الاعلام حول القرار الذي صدر عن وزارة الخزانة الاميركية وتضمن عقوبات بحق لبنانيين بينهم نائبين في مجلس النواب”.

أضاف البيان: “إن هذا التدبير الذي يتكرر من حين الى آخر يتناقض مع مواقف أميركية سابقة تؤكد التزام لبنان والقطاع المصرفي فيه، الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال ومنع استخدامها في اعتداءات ارهابية او في غيرها من الممارسات التي تعاقب عليها القوانين”.

وختم بأن “لبنان اذ يأسف للجوء الولايات المتحدة الاميركية الى هذه الإجراءات لا سيما لجهة استهداف نائبين منتخبين، سيلاحق الموضوع مع السلطات الاميركية المختصة ليبنى على الشيء مقتضاه”.

أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فاعتبر في بيان أن “فرض عقوبات على رئيس كتلة نيابية وعضو تكتل نيابي ومسؤول حزبي هو اعتداء على المجلس النيابي وبالتأكيد على لبنان كل لبنان، لذا باسم المجلس النيابي اللبناني اتساءل هل أصبحت الديموقراطية الاميركية تفترض وتفرض الاعتداءات على ديموقراطيات العالم؟ وقال: “اتوجه الى الاتحاد البرلماني الدولي لاتخاذ الموقف اللازم من هذا التصرف اللامعقول”.

من جانبه سئل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على هامش رعايته حفل تكريم رئيس جمعية المصارف السابق الدكتور جوزيف طربيه عن تعليقه على العقوبات الاميركية التي طالت اعضاء في مجلس النواب فاجاب: “هذه العقوبات هي كسائر العقوبات السارية، ولكن لا شك أنها أخذت منحى جديدا من خلال فرضها على نواب في المجلس النيابي، مما يعطيها منحى جديدا، ولكن هذا لن يؤثر، لا على المجلس النيابي ولاعلى العمل الذي نقوم به في مجلسي النواب والوزراء. إنه أمر جديد سنتعامل معه كما نراه مناسبا وسيصدر عنا موقف في شأنه”.

 

أضاف: “المهم ان نحافظ على القطاع المصرفي وعلى الاقتصاد اللبناني، وان شاء الله تمر هذه الازمة عاجلا ام آجلا، ونأمل ألا يصار الى تضخيم هذا الموضوع لانه موجود أساسا فلا داعي للتحليلات لانها ستؤدي برأيي الى تأزيم الواقع السياسي”.

وقال:”لا شك أن المجلس النيابي لا يرضى على هذا الامر وهو سيد نفسه و يمثل ارادة الشعب، لكن العقوبات أمر آخر، ويجب علينا ألا نضيّع البوصلة بهذا الشان. من هنا يجب ان نتعامل مع التحديات وألا نخلق ازمات لانفسنا، بل علينا العمل على ما هو أهم شيئ في البلد وهو المواطن اللبناني والسعي الى تأمين حاجياته وتوفير وضع اقتصادي جيد له، فهو شبع كلاما في السياسة وشعارات. فالشعار الوحيد هو المواطن اولا والاقتصاد اولا والانماء والتعليم والبيئة اولا. فهذا ما يريده المواطنون. واذا استمرينا ببيعه كلاما في السياسة ف”العوض بسلامتكم” علينا ان نعمل ونركز على هذا الامر”.

وأكد مستشار رئيس الحكومة النائب السابق عمار حوري ان موضوع العقوبات الأميركية الجديدة التي استهدفت نوابا لحزب الله قيد النقاش

ورأى النائب عن “حزب الله” علي عمار لمحطة LBCI أن العقوبات “أوسمة شرف على صدورنا والتصرف الاميركي اعتداء على السيادة الوطنية ومن واجبات الحكومة أن تدافع عن هذه السيادة وتحميها

وقال النائب قاسم هاشم في حديث لاذاعة “صوت لبنان ان “العقوبات الاميركية الجديدة تأتي “في اطار القرارات الاميركية التعسفية التي لا تقف عند حدود لبنان واستهداف مواطنيه ومسؤوليه وسياسييه انما تتعاطى مع الجميع وكأنها سيدة العالم وصاحبة القرارات”.

وأكد أنه “سيكون هناك موقف لبناني من هذه العقوبات من خلال المؤسسات الرسمية رفضا للاملاءات التي تخدم اعداء لبنان ونبه حزب الكتلة الوطنية اللبنانية إلى أن “حزب الله” لا يزال، “حتى الآن ينتهك السيادة الداخلية بتمسكه بمنظومته الدفاعية الخاصة به، وبتحكمه في قرار السلم والحرب وتدخله عسكريا في بلدان أخرى، الأمر الذي يتنافى مع سيادة الدولة الواحدة الداخلية، ويمس كذلك سيادته الخارجية”.

لكن حزب “الكتلة” رأى أن “فرض الولايات المتحدة عقوبات على نائبين في هو إهانة للبنان، لأن النائب يمثل الأمة جمعاء واللبنانيين كافة”، مشددا على مبدئه “القاضي بعدم تصنيف اللبنانيين وفق طوائفهم أو أحزابهم وعدم الاعتراف إلا بهوية واحدة هي المواطنة”.

وشدد على أن “هذه العقوبات هي أيضا إهانة للمواطنين وحريتهم في التعبير، إذ إنهم هم من انتخبوا النواب وهي مس بسيادة لبنان لاستهدافها أحد ممثليه، خصوصا أن السيادة لا تتتجزأ بين سيادتين خارجية وداخلية واعتبر الحزب أنه منذ خروج الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ومن بعده الجيش السوري وإعادة تسليح الجيش اللبناني وتدريبه، حان الوقت لتنتهي ازدواجية السلاح ويصبح الدفاع عن الوطن في عهدة الجيش اللبناني حصريا، ويكون من واجب كل المواطنين وحقهم الدفاع عن لبنان من خلال الدولة وقواها العسكرية”.

ورأى رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الشيخ عبد الامير قبلان في العقوبات الاميركية على المقاومة “اعتداء على كل اللبنانيين المطالبين بالوقوف خلف مقاومتهم وعدم السماح بالتعرض لرموزها، فهذه العقوبات تمس السيادة اللبنانية وتتحدى إرادة الشعب اللبناني في اختيار ممثليه، وتنافي القيم الديموقراطية من خلال فرض عقوبات على أعضاء في المجلس النيابي والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى. ودعا وزارة الخزانة الاميركية الى التراجع عن قرارها لما يحمله من تبعات لا تخدم العلاقات الثنائية بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية”.

واعتبر رئيس الحركة الشعبية اللبنانية النائب مصطفى حسين أن فرض عقوبات خارجية على ممثلي الشعب اللبناني ونواب منتخبين يشكل اهانة للبنانيين جميعاً واعتصمت الخارجية اللبنانية بالصمت إزاء العقوبات الجديدة وقالت أوساطها (وكالة الأنباء المركزية) إن تصريح “يندرج في سياق السياسة الاميركية العامة والقوانين والقرارات المتخذة في واشنطن تعني الادارة الاميركية التي تصنف حزب الله إرهابيا، والتي لا يؤيدها لبنان ، بل إنه يعتبر أن الحزب مكون لبناني انتخبه اللبنانيون وممثل في الحكومة .

ودعت المجتمع الدولي إلى أن ينظر الى خصوصية النسيج اللبناني القائم على التوازنات الداخلية والخارجية والجميع مدعو الى دعمنا في مسعانا للحفاظ على صيغة لبنان الفريدة.

 

 

 

صحيفة الحياة اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى