لمنع حربٍ شاملةٍ ومُدّمرةٍ بالمنطقة دنيس روس يقترِح مُفاوضاتٍ غيرُ مُباشرةٍ بين طهران وواشنطن بواسطة بوتن

 

قال مبعوث الإدارة الأمريكيّة السابِق إلى الشرق الأوسط، دنيس روس، إنّه لطالما اعتبر خامنئي أنّ واشنطن لن ترضى أبدًا بالتنازلات الإيرانيّة إلى حين خضوع الجمهورية الإسلاميّة، وتشير وجهة النظر هذه إلى موقف المسؤولين الإيرانيين الدائم بأنهم لن يتفاوضوا مع أمريكا تحت الضغط، مُضيفًا أنّه وبشكلٍ غير مفاجئ، جاء الردّ الإيراني على تصعيد حملة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها إدارة ترامب على شكل اختبار حدود العزم الأمريكيّ وكشفه من خلال إطلاق سلسلة من عمليات التخريب وهجمات بالوكالة ضدّ ناقلات نفط وضدّ محطات ضخّ نفط في السعودية، وأخيرًا عن طريق إسقاط الطائرة.

وتابع في دراسةٍ نُشِرت على موقع (معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى): خامنئي الذي أمضى عقودًا يُشكِّك في قيمة المحادثات مع واشنطن لا يريد أنْ يبدو أنّه رضخ لأمريكا، فهو لا يزال يعتبر المفاوضات سمًّا، ومن جهته، أكّد الرئيس الإيرانيّ أنّ الوضع غير مناسب للمحادثات وخيارنا هو المقاومة فقط، وقد أبلغ روحاني الأطراف الأوروبيّة التي وقّعت على الاتفاق النوويّ بأنّه في حالة عدم قيامها بتعويض الإيرانيين اقتصاديًا عن العقوبات الأمريكيّة بحلول 7 تموز (يوليو)، فقد يستأنف الإيرانيون التخصيب إلى نسبة 20 في المائة، ممّا قد يضعهم على مسار تجاوز “العتبة النووية”.

ورأى روس أنّه قد تكون هذه نسخة المرشد الأعلى “للضغط الأقصى” على ترامب، لكن إلى متى يستطيع خامنئي الاستمرار بها؟ فبلاده تشعر بثقل عقوبات إدارة ترامب، حيث يشهد الاقتصاد تراجعًا كبيرًا يشمل ارتفاعًا خياليًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية والسلع الاستهلاكيّة.

وأوضح روس أنّ خامنئي قد يُصرّ على عدم تفاوض إيران تحت الضغط، لكن تاريخ الجمهورية الإسلاميّة يشير إلى عكس ذلك، ففي الماضي، عندما كانت الضغوط الخارجيّة تتزايد إلى حدٍّ كبيرٍ وتُعرِّض الاستقرار المحليّ للخطر، كانت القيادة الإيرانيّة تبحث عن وسيلة ٍللتخفيف منها ومن التكاليف المرتبطة بها، فهل نشهد تكرار هذا السيناريو مع إدارة ترامب؟ وساق روس: إنّ الحكمة السائدة هي أنّ الإيرانيين يريدون انتظار انتهاء فترة رئاسة ترامب والتعامل مع خلفه، وهذا ما يُفضّله خامنئي بشكلٍ شبه مؤكد، لكن الكثير يتوقّف على مقدار الصعوبات الاقتصاديّة التي يعتقد أنّه يمكن للشعب الإيراني إنْ يحتملها، لافتًا إلى أنّه إذا شعر خامنئي بأنّه يجب عليه أنْ يُخفف الضغط، وأنْ يختار الدخول في مفاوضاتٍ، فمن شبه المؤكد أنْ تكون المحادثات غير مباشرة، فالمحادثات المباشرة ستكون بمثابة اعتراف بالهزيمة، ومن شأن استخدام وسيط مثل بوتين أنْ يلقى قبولاً من الزعيم الروسي وترامب على السواء.

أمّا عن نوع الاتفاق الذي سيكون ترامب على استعداد لإبرامه، فقال إنّه من المستبعد أنْ يكون ذلك بناءً على شروط بومبيو الـ12 للتفاوض: فالإيرانيون يعتبرون أنّ هذه الشروط تساوي طلب تغيير النظام، لافتًا إلى أنّ ترامب كان واضحًا بقوله إنّه “لا يسعى إلى تغيير النظام”، وعوضًا عن ذلك، صرّح بأنّ هدفه هو “نزع السلاح النووي”، مما يترك مجالاً للمناورة. لكن في الحقيقة، يبدو أنّ المعيار الوحيد الذي يعتمده ترامب لأيّ اتفاقٍ هو ذلك المُطبَّق على معظم المسائل الرئاسية: يجب أنْ يكون الاتفاق أفضل من الذي أبرمه أوباما.

وأوضح روس أنّه قد يتمثل أحد التحسينات الواضحة بالاتفاق النووي في تمديد البنود التي تحدّ من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لتمتدّ، على سبيل المثال، من عام 2030 وإلى عام 2045، ومن شأن هذه الخطوة أنْ ترجئ أيّ تهديدٍ إيرانيٍّ نوويٍّ محتملٍ إلى مرحلةٍ بعيدةٍ في المستقبل، بيد أنّها لن تتعامل مع التهديدات الإقليميّة الناتجة عن مساعي إيران لتوسيع انتشارها وتعزيز أساليبها ضدّ الأنظمة العربية وإسرائيل، وسيتطلّب هذا الأمر إقناع إيران بالحدّ من تواجدها العسكري في سوريّة والتوقّف عن تزويد “حزب الله” وغيره من وكلائها في لبنان وسوريّة بالقذائف والصواريخ الموجّهة بدقّةٍ.

واختتم قائلاً: الإيرانيون لن يُقدِّموا هذه التنازلات مجانًا، إذ سيسعون إلى رفع كافة العقوبات، النوويّة والأخرى، وقد يتطلّب ذلك من ترامب اختيار حجم التنازلات التي هو مستعد لتقديمها، فأوباما لم يكن مستعدًا لرفع العقوبات المرتبطة بحقوق الإنسان والإرهاب، ومن المرجح أنْ يتردد ترامب في القيام بذلك أيضًا، ومع ذلك، فقد يخلُص إلى أنّ كسب الوقت (15 عامًا إضافيًا) وخفض احتمالات اندلاع حربٍ إقليميّةٍ في غضون ذلك هما إنجازان مهمان بحدّ ذاتهما، أمّا المفارقة الكبرى فهي أنّ أقصى قدر من الضغط، كما يمارسه ترامب وخامنئي، قد يدفعهما في هذا الاتجاه، شرط ألّا يؤدي سوء التقدير بهما أولاً إلى قيادتهما نحو نزاعٍ أكبرٍ، طبقًا لأقواله.

صحيفة رأي اليم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى