تحليلات سياسية

ما هي الرّسالة التي أراد العاهل الأردني توجيهها إلى شعبه …

 

لا يُخامِرنا أدنى شك في أنّ ما نقلته وكالة أنباء “عمون” الأردنيّة شِبه الرسميّة مِن تأكيداتٍ على لسان مصدر حُكومي بأنّ الدكتور باسم عوض الله، أحد أبرز المُتّهمين بالتورّط في المُؤامرة الأخيرة لهزّ استِقرار البِلاد لم يُغادر الأردن، وما زال يخضع للتّحقيق جاء ردًّا على شائعات كثيرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأنّه غادر البِلاد على ظهر طائرة سعوديّة خاصّة، تجاوبًا مع طلبٍ سعوديّ رسميّ على أعلى المُستويات في هذا الصّدد.

صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكيّة التي كان لها السّبق الرّئيسي في نشر العديد من الأخبار حول الأزَمة ودور الأمير حمزة بن الحسين فيها، ووضعه تحت الإقامة الجبريّة، أكّدت أنّ وفدًا من المُخابرات السعوديّة برئاسة وزير الخارجيّة فيصل بن فرحان آل سعود وصل إلى العاصمة الأردنيّة على متن طائرة سعوديّة خاصّة ولن يُغادِرها إلا وعلى متنها الدكتور عوض الله، ويبدو أنّ تأكيدات المصدر الرّسمي جاءت لتُعلِن فشل هذه المَهمّة، ورفض العاهل الأردني للطّلب السّعودي، مثلما رفض أيضًا استِقبال الأمير بن فرحان، رئيس الوفد، وقبله السّفير السّعودي لدى المملكة الأردنيّة.

إذا كان العاهل الأردني قد اكد في رسالته المكتوبة إلى الشّعب إغلاق مِلف شقيقه الأمير حمزة، وقرّر العفو عنه، وإعادته إلى الخيمة الهاشميّة، فإنّ هذا العفو لن يشمل المُتّهمين الآخَرين، وعلى رأسِهم الدكتور عوض الله، رئيس ديوانه، ووزير الماليّة الأسبق، الذي يُوصَف على لسان المُقرّبين من القصر بأنّه خانَ الأمانة وأنّه ناكِرٌ للجميل عندما نقل البُندقيّة من كتف الملك عبد الله إلى كتف الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، وألحَق أضرارًا كبيرةً بالاقتصاد والدولة الأردنيّة عندما وقف خلف مشاريع مُنافسة مِثل مدينة “نيوم” و”دافوس الصّحراء” البديل “لدافوس الغور”، حسب أقوال أحد هؤلاء الذي تحدّث لـ”رأي اليوم”.

الأمير حمزة رَجلٌ ذَكيٌّ جِدًّا، حسب الذين عرَفوه عن قُرب، وحصل على درجاتٍ علميّةٍ عالية في العُلوم السياسيّة والعسكريّة، وتحت إشراف والده الرّاحل شخصيًّا، ومن المُستَبعد أن يُقيم “عُلاقة تآمريّة” ضدّ أُسرته وعرشها، بالتّعاون مع الدكتور عوض الله، غير المحبوب شعبيًّا وعشائريًّا، لأسبابٍ كثيرة أبرزها دوره في عمليّة الخصخصة، وبيع مُؤسّسات القِطاع العام، وثرائه غير المشروع، وسِياساته الماليّة التي ألحقت أضْرارًا كبيرةً بالاقتِصاد الأردنيّ ومُضاعَفة الدّين العام.

العاهل الأردني كشف في خِطابه المكتوب عن وجود أطراف خارجيّة مُتورّطة في المُؤامرة لزعزعة استِقرار عرشه ومملكته، ورُغم أنّه لم يكشف عن هذه الأطراف، إلا أنّ أصابع الاتّهام، ومن قِبَل جِهات مُقرّبة منه، توجّهت إلى ثلاثِ دُوَلٍ للدكتور عوض الله صلات وثيقة معها، هي “إسرائيل” والسعوديّة والإمارات، دُون ظُهور أيّ أدلّة رسميّة حتّى الآن تُؤكّد هذه الافتِراضات، لأنّ التّحقيقات ما زالت في بِداياتها.

إذا صحّت رواية “الواشنطن بوست” حول الهدف الأبرز لزِيارة الوفد السّعودي السّريعة إلى الأردن، أيّ الإفراج عن السيّد عوض الله والعودة به إلى الرياض، وهي أقرب إلى الصحّة على الأغلب، لأنّ الصّحيفة تتأكّد مُسبَقًا من معلوماتها ومن أكثر من مصدر قبل نشرها، ونقول ذلك من واقع خبرة عمليّة، فإنّ القِيادة السعوديّة أخطأت بالإقدام على هذه الخطوة لأنّ الأردن، ومهما تفاقمت أزَماته الماليّة، ليس جُمهوريّة مَوز، وسَمِعناها من العاهل الأردني نفسه، عندما قال لنا في آخِر لقاء معه “إنّ عهد التّسوّل انتهى إلى غير رجعةٍ”.. واللُه أعلم.

 

 

 

صحيفة راي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى