مستنقع اليمن

مستنقع في اليمن ام مسمار جحا؟

هناك من يقول ان استدراج ايران للملكة العربية السعودية وشركائها التسع الى مستنقع اليمن قد يكون محاولة لتحويل الانظار والجهود عن سورية والعراق.

فماذا في اليمن وماذا بعد عاصفة الحزم التي أُعلن اليوم عن انتهاء دورها وابتداء حملة ما سمي ب”اعادة الامل” والتي تتيح مجالاً للتدخل السياسي والانساني في اليمن الى جانب العسكري اذ من ابرز معطيات عمليات “اعادة الامل” هو استمرار منع الحوثيين من التحرك حتى ولو لزم الامر التدخل عسكرياً، بناء لما صرح به الناطق الرسمي باسم عاصفة الحزم العميد ركن احمد عسيري، والذي اضاف ان انتهاء عاصفة الحزم لا تعني وقفاً لاطلاق النار. ويجوز ترجمة هذا التصريح بأنه إما يعني بدء التدخل العسكري البري لقوى التحالف في اليمن او تسليح القبائل اليمنية المناهضة للتحرك الحوثي وتحريك قيادة التحالف لها من بُعد. ويكون المثل الشائع “مسمار جحا” ينطبق كثيراً على هذا الواقع -اذا كان صحيحاً- حتى لنقول أنه مسمار السعودية في اليمن.

هناك ايضاً الاحتمال الاقوى الا وهو تراجع سعودي وقوى التحالف لمعرفتهم ان الغوص اكثر في مستنقع اليمن سيسبب اضراراً اكثر لهم ولقيادة التحالف؟

وبناءً عليه فإن ما يُقال عن استدراج القوات المسلحة السعودية والمصرية وثمانية دول غيرها من باقي دول التحالف في “عاصفة الحزم” وعمليات “اعادة الامل” في اليمن ليس بالاحتمال البعيد، اذ يتوقع ان تُستنزف قواها في مستنقع موحل موغل سماؤه تغطيه غيوم داكنة اللون لا تُبشر بيوم منير قريب.

دخلت الامارات والكويت والبحرين وقطر والاردن والمغرب ومصر والسودان والباكستان الى جانب السعودية في هذه المعركة ولم تدخل –بل هاجمت هذه الخطوة- كل من ايران -طبعاً- وسورية الاسد ولبنان حزب الله. ولم يتوقف امر السيد حسن نصر الله بالتنديد في التدخل السعودي بالشأن اليمني بل وصل به الامر الى تهديد السعودية بضربها اذا لم تتوقف عمليات عاصفة الحزم. فهل اخذت السعودية كلام السيد حسن نصر الله محمل الجد؟ ربما.

ومن الدول التي لم تدخل التحالف ايضاً … تركيا وعُمان.

لماذا؟

هل لان هناك مثلا توافق مصالح بين تركيا وايران؟ ربما.

ام لان تركيا على توافق سياسي مع السعودية ومصر وتنتظر الوقت المناسب لتدخل ضمن التحالف في عاصفة الحزم او المرحلة المقبلة من عمليات “اعادة الامل”. ليس على الاكيد.

ماذا تترقب تركيا إذاً؟ تلك التي نادت ولا زالت تنادي باسقاط نظام الاسد (الذي تدعمه ايران) وهاجمت ولا زالت تهاجم نظام السيسي في مصر لانه اطاح بنظام الاخوان المسلمين (السيسي الذي تدعمه السعودية).

هل ستشمت تركيا في خسارة السعودية ومصر؟ بالرغم من ان هذا سيهدد وجودها ويعرضها لخطر التمدد الايراني في المنطقة وتحقيق السيناريو المتداول حالياً الا وهو الانقضاض على السعودية من جنوب العراق ومن شمال اليمن. في هذه الحالة لا يسع تركيا سوى الانتظار وترقب الفرص لتموضع جديد لسياستها مع ايران في الشرق الاوسط واقامة تفاوضات جديدة وذلك للقضاء على عدوهم المشترك الا وهو الخليفة الجديد، أبو بكر البغدادي. وقد تتوصل تركيا وايران حتى الى تقسيم اغنام الحرب بينهما! من يدري.

فلا ايران الشيعية ولا تركيا ذات التاريخ الحافل في الخلافة الاسلامية يريدان السني العراقي المولد ابو بكر البغدادي ان يكون الخليفة الجديد للمسلمين. خصوصاً وقد مر اقل من مئة عام على ازاحة آخر الخلفاء السلاطين المسلمين، التركي العثماني عبد المجيد الثاني ومئة عام على اقامة الحرب العالمية الاولى والتي كان هدفاً كبيراً منها انهاء نظام السلطنة العثماني والحد من توسعها.

لن ترتاح امريكا الا في تغيير الانظمة في بلاد الشرق الاوسط لتكون موافقة للوجود الصهيوني وتحفظ امن وسلامة نظامه في دولة اسرائيل على حساب ارض فلسطين المحتلة واهلها وحتى لو كلفها هذا اتفاق مع ايران الشيعية وتركيا وطموحاتها في استرداد امجادها التاريخية. وهذا احتمال قوي لانه يسمح لامريكا وبلاد التحالف معها التحكم في الشرق الاوسط ومواردها من دون ان تظهر في ثوب المستعمر بل في ثوب الداعم لحريات وثورات و”ديموقراطيات” دول الشرق الاوسط.

اذا نجحت خطة مستنقع اليمن، فإن سيناريوهات وتقسيمات جديدة سوف تظهر على اراضي العراق والشام والاغلب ان يكون توزيعها بين ايران وربما تركيا على ان تُترك عُمان وحدها لانها لم تتدخل في اي حرب مؤخراً.

وهناك سوف تُقاد سياسة ذكية بين قوتين دوليتين واحدة سنية (تركيا) والاخرى شيعية (ايران) بعد تصفية السعودية واحتلال مكانتها الاسلامية كمرجعية سنية اذا نجح هذا السيناريو ولم يحدث ما يعطل انجازه اذ من الممكن ان ينقلب السحر على الساحر كما ذكرت في مقالي الاخير عن الكأس العجيب الذي قد تشرب منه ايران كما تحاول ان تُشرب الدول المجاورة منه وترتد الخطة عليها

ماذا ستفعل السعودية الان ازاء هذا السيناريو وما تضمره ايران لها؟ وهل رحلة الرئيس السابق للوزارة اللبنانية الشيخ سعد الحريري الى الولايات المتحدة محاولة هدفها جلب امريكا الى جانب السعودية؟

هل ستقبل امريكا اليوم؟ هل بالامكان تغيير مخططها خصوصاً اذا كان هناك احتمال ولو ضعيف ان ايران -اذا عظمت قوتها- قد تتراجع عن اي اتفاق معها؟

ماذا سيكون موقف تركيا اذا استطاع الشيخ سعد الحريري اقناع الولايات المتحدة في تغيير مخططها وتقديم العون لمخطط المملكة العربية السعودية؟

ساعتها سيكون مسمار جحا نافعاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى