مصادر رفيعة بتل أبيب: السياسة الإسرائيليّة بالنسبة لغزّة تتسّم بالبلبلة

عندما يُغرّد أحد المُحللّين الإسرائيليين، المُرتبط عضويًا بالمؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، ويقوم بترويج دعايتها الكاذبة والزائفة مهما كلّف الثمن، خارج السرب، ويُوجّه سهام نقده اللاذعة لجيش الاحتلال، فالنتيجة التي يُمكِن التوصّل إليها هو أنّ الوضع في كيان الاحتلال وصل إلى نقطةٍ ربمّا أوطئ من البحر الميّت، وهذا ما جرى اليوم في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.

مُراسِل الشؤون العسكريّة، يوسي يهوشواع، قال في مقالٍ نشره، واعتمد بطبيعة الحال على مصادر رفيعةٍ في المؤسسة الأمنيّة لدولة الاحتلال، إنّ التهديدات الإسرائيليّة ضدّ غزّة فارغة المضمون، وهي بدون رصيدٍ بالمرّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ السياسة الإسرائيليّة فيما يتعلّق بالقطاع والحرب ضدّ حماس تتسّم بالبلبلة، التي نجد تبعاتها في التهديدات الفارغة، التي يُطلِقها على سبيل الذكر لا الحصر، وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، يوم الأحد صباحًا، وفي المساء يعود ليبرمان نفسه ويتراجع عن التصريحات والتهديدات، على حدّ تعبيره.

المصادر الأمنيّة عينها، أكّدت للمُراسِل العسكريّ أيضًا أنّ الوضع الأمنيّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة لا يُبشّر خيرًا، إذْ أنّه مضى على تنفيذ عملية بركان تسعة أيّامٍ وما زال مُنفّذ العملية حرًا وطليقًا، على الرغم من أنّ جميع القوى الأمنيّة تُلاحِقه، لافتًا إلى أنّ ليبرمان نفسها كان قد صرحّ قبل خمسة أيّامٍ بأنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة باتت قاب قوسين أوْ أدنى من العثور عليه، الأمر الذي لم يخرج إلى حيّز التنفيذ، علمًا أنّ إسرائيل تعمل في منطقةٍ تقع تحت مسؤوليتها الأمنيّة، وتتلقّى المُساعدة من الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة، كما أكّدت المصادر الأمنيّة والعسكريّة في تل أبيب.

على صلةٍ بما سلف، قالت صحيفة “هآرتس” العبريّة، إنّ مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيليّ عارضوا قرار ليبرمان، المتعلّق بوقف إمدادات الوقود إلى قطاع غزة، وأكّدت الصحيفة أنّ المسؤولين استبعدوا الضغط على حماس نتيجة هذا القرار، مُبينةً أنّ قطع شحنات الوقود عن غزة سيقود إلى حدوث المزيد من التدهور في الوضع الإنسانيّ بالقطاع، بحسب قولها، وكان وزير الأمن قد أوعز مساء الجمعة الماضية، بوقف إمدادات نقل الوقود إلى قطاع غزة، عقب مواجهات، خلّفت عشرات الشهداء والمصابين الفلسطينيين، قرب الحدود الشرقية للقطاع. ونقلت وسائل إعلام عبرية آنذاك من بينها قناة “كان” (رسمية)، أنّ ليبرمان، اتخذ القرار بعد الأحداث العنيفة من المواجهات على حدود غزة.

في السياق عينه، رأى الخبير العسكريّ في صحيفة (إسرائيل اليوم) يوآف ليمور، رأى أنّ غزّة تُواصِل السخونة مع احتمالٍ كبيرٍ للتدهور الأمنيّ، وسيكون للعصبية الإسرائيليّة في المستقبل القريب دور كبير في توجيه دفة القرار بأيّ اتجاه، خاصّةً مع اقتراب موسم الانتخابات المبكرة، رغم أنّ ذلك سيكون له تبعات أكثر خطورة، بحسب تعبيره.

وتابع ليمور أنّ غزّة بعد أسابيع من الهدوء النسبيّ تُعاوِد التوتر من جديد، ويتزايد احتمال التصعيد، حيث ما زال عشرات الآلاف من الفلسطينيين يواصلون المجيء للجدار الحدودي بغرض الاحتكاك مع الجيش الإسرائيليّ، وبين اعتبار الفلسطينيين لمسيراتهم هذه مظاهرات شعبية قانونيّة شرعيّة، فإن الجيش يصفها بالأعمال المُعادِية، ويواصل الجانبان الحياة على جانبي الحدود.

وأوضح أنّ الجيش يتلقّى المزيد من الانتقادات الإسرائيليّة الداخليّة بسبب ما يُقال عن تعامله الناعِم باتجاه المتظاهرين الفلسطينيين، مُضيفًا أنّ بعض هذه الانتقادات ذات طابع حزبيّ داخليّ للمزايدات الانتخابيّة، وبعضها الآخر من مستوطني غلاف غزة، لكن الأهّم اليوم أنّه لم يعُد ممكنًا الاستمرار في الحياة بهذه الطريقة، بحيث لا يعرف أحد ما هو الوضع المتوقع في اليوم التالي، قال المُحلّل ليمور.

ونوه إلى أنّه مع ذلك، فإنّه محظور الخطأ في التقديرات، لأنّ معطيات النصف السنة الحالية منذ اندلاع موجة المظاهرات الفلسطينية في نهاية آذار (مارس) الماضي قُتِل إسرائيليٌّ واحدٌ فقط، وفي الجانب الفلسطيني قتل أكثر من مائتين وأصيب الآلاف، وهكذا يُواصِل الجيش منع الفلسطينيين من المخاطرة بحياة الجنود دون الاستدراج لحالة من التصعيد العسكريّ، على حدّ قوله.

وخلُص إلى القول إنّ إسرائيل ستُواصِل ابتلاع المزيد من الضفادع، رغم أنّه ليس لطيفًا رؤية الحرائق وانتشار روائح الدخان، ومُلاحقة الفلسطينيين كلّ يوم جمعة على طول الجدار، لكن هذا الواقع قد يكون أقل كلفة، كما أكّد.

على صلةٍ بما سلف، لفت مُحلّل الشؤون العربيّة في إذاعة الجيش الإسرائيليّ، جاكي حوغي، لفت إلى أنّ مسألة إدخال الوقود القطريّ لغزة يعني أننّا ندور في ذات الحلقة المُفرَغة بين كلّ الأطراف: حماس والسلطة الفلسطينيّة وإسرائيل ومصر وقطر والأمم المتحدة، وهكذا يتحول عبّاس الصديق الأمني لإسرائيل إلى الرجل السيئ، فيما حماس العدوّ اللدود تحول إلى الطرف الأكثر تضررًا، ومع ذلك أجرت معها إسرائيل مباحثات غير مباشرة لإطفاء الحريق المشتعل على جانبي الحدود مع غزة، بحسب تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى