مُستشرِق إسرائيليّ: الكيان قلِقٌ على نحوٍ خاصٍّ من تعزّز العلاقة الرسميّة بين سوريّة والعراق وإيران لن تنسحِب حتى لو غادرت روسيا ويجب إقناع ترامب بإبقاء جنوده

 

تناولت صحيفة عبريّة، مسألة المخاوف الإسرائيليّة الناجمة عن انسحاب روسيا من سوريّ’ المتوقع، في الوقت الذي قررت الإدارة الأمريكيّة مؤخرًا سحب قوّاتها من هذا البلد العربيّ، وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال للمُستشرِق تسفي بارئيل، أنّه لا وقت لدى الرئيس الأسد لاستبدال أدوات الطعام من كثرة الزوار الذين وصلوا الأسبوع الماضي لزيارته في قصره، حيث وصل وزير الدفاع الروسيّ سرجيه شفيغو، وبعده وزير الدفاع العراقيّ عثمان الغانمي ورئيس الأركان الإيرانيّ محمد باقر، ومن المتوقع قريبًا وصول وفود من دولٍ عربيّةٍ أخرى لبحث إمكانية دعوة سوريّة للجامعة العربية لحضور القمّة التي ستُعقِد في تونس نهاية الشهر.

وكشف بارئيل، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفها بالرفيعة جدًا في تل أبيب، كشق النقاب عن أنّ الموضوع الرئيسيّ لهذه الزيارات، هي الخطوة الروسيّة القادمة التي تُشغِلهم جميعًا، حيث عقد الرئيس الروسيّ بوتين الأحد جلسة عمل مشتركة مع وزير خارجيته ووزير دفاعه، وبحسب التقارير الروسية، فقد أمر بوتين في البدء بسحب القوات الروسيّة من سوريّة، وفي البداية سحب طائرات سلاح الجوّ التي تتمركز في قاعدة حميميم.

وفي ذات السياق، قدّر رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الروسيّ، فيكتور أوزيروف، أنّ روسيا ستبقي في سوريّة حوالي ألف جندي، مُشيرًا إلى أنّ روسيا تريد أنْ تُوضِح للأسد بأنّ نشاطها العسكري يقترب من نهايته، بعد أن أنهت مهمتها وأعادت سوريّة لسيطرة النظام. وتوقّع المُستشرِق أنْ يتطوّر الوضع في إدلب إلى معركةٍ عنيفةٍ إذا لم تنجح تركيا في الوفاء بتعهداتها لروسيا، وقامت بطرد عناصر جبهة النصرة وجيش الإسلام من أراضيها.

وتابع بارئيل: القوتان الكبيرتان اللتان تملكان قدرات عسكرية تمنع استكمال سيطرة الأسد على سوريّة، وبين روسيا وتركيا تطايرت مؤخرًا شرارات الغضب، خاصّةً عندما طلب الرئيس التركيّ من روسيا منحه فترة زمنية أخرى دون التوضيح كيف ينوي القيام بدوره في اتفاق الإخلاء، في الوقت الذي تسعى روسيا لاستكمال العملية بعملية عسكرية، كي تنتقل للمرحلة السياسية وتُنهي الحرب.

وذكر أنّ على تل أبيب أنْ تقلق من انسحاب روسيا المتوقع من سوريّة، لأنّ إسرائيل تعتبر روسيا الضمانة الأهّم لمنع تمركز إيران، وخاصّةً في هضبة الجولان، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ روسيا لم تقم بالوفاء بتعهداتها بإبعاد القوات المؤيدة لإيران على بعد عشرات الكيلومترات شرقي الحدود، واقترحت في شهر آب (أغسطس) إنشاء نقاط مراقبة على طول الحدود بهدف منع دخول قوات أجنبية، لكنها الآن استكملت إقامة نقطة رقابة واحدة يشغلها جنود روس.

ورأى المُستشرِق أنّ عودة مراقبي الأمم المتحدة ستدل ليس فقط على عودة السيطرة على الحدود للأسد، بل أيضًا على موافقة إسرائيل على اقتراب القوات السورية من خط “برافو”، والعودة إلى اتفاقات وقف إطلاق النار التي ستُجبِر إسرائيل على الامتناع عن الاختراق العسكريّ لخطّ الحدود هذا، الذي استخدمه الجيش الإسرائيليّ.

ونوّه إلى أنّ إسرائيل تأمل أنْ يُستخدَم خروج القوات الروسيّة كرافعة ضغطٍ على إيران كي تسحب قواتها، ولكن بالنسبة لطهران ليس هناك في هذه المرحلة أيّ إشارةٍ على أنّها تنوي تبنّي الخطوة الروسيّة”، مؤكّدًا أنّ إسرائيل قلقة على نحوٍ خاصٍّ، من تعزز العلاقة الرسمية بين سوريّة والعراق، والتي ستؤدي إلى إعادة فتح المعبر الحدودي الموجود قرب مدينة البوكمال.

وفيما يتعلّق بالمناطق التي يُسيطِر عليها الأكراد، زعم المُستشرِق أنّ سوريّة تضغط بشدّةٍ على الأكراد لتسليمها تلك المناطق، وتعرض عليهم خيارين، إمّا المصالحة أوْ استخدام القوة، مُشدّدًا على أنّ المصالحة تعني تقديم تلك المناطق للنظام مقابل التعهد بحماية مكانتهم السياسية، والحفاظ على حقوقهم في النظام المستقبليّ، وفي حال رفض الأكراد الطلب السوريّ، من المتوقّع أنْ يفتح النظام ضدّهم جبهةً جديدةً تُعرِّض احتمال حصولهم على مكانة مميزة، أوْ على الأقل حقهم في حقوق مواطنة متساوية، كما أكّد.

واعتبر بارئيل أنّ الخيارات السورية تضمن انتقال معبر الحدود الشماليّ لسيطرة النظام، ومعه سيتضاعف احتمال نقل السلاح عبر سوريّة ومنها إلى لبنان، مُضيفًا: من هنا تأتي أهمية وجود القوات الأمريكيّة في سوريّة، وهي الضامنة ليس فقط لأمن الأكراد من هجماتٍ سوريّةٍ وتركيّةٍ، بل أيضًا ضمان من سيطرة الأكراد على المعبر الحدوديّ.

واختتم المُستشرِق الإسرائيليّ “تحليله” قائلاً إنّ السؤال المُهّم الآن، هو مَنْ سينجح في إقناع ترامب بإبقاء جنوده في سوريّة أوْ على الأقّل تأجيل انسحابهم؟، بحسب قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى