إضاءاتكتاب الموقع

ترويقة صباحية: ” آدم وحواء “

لا أذكر أين سمعت أو قرأت تلك القصة التي تتحدث عن سيدنا آدم وأمنا حواء حين أمرهما الله سبحانه وتعالى بالنزول من جنة الخلد إلى الأرض.

تقول القصة أن سيدنا آدم نزل، لا أدري تماماً ولكن قد يكون في جنوب الأردن الآن، وأن أمنا حواء نزلت، ولا أدري أيضاً ولكن ربما في جنوب الجزيرة العربية، فما كان من سيدنا آدم إلا أن غزَ المسير ودون توقف باتجاه الجنوب، أما أمنا حواء فقد أخذت تسير شمالاً وتستريح في طريقها كلما أحست بالتعب.

عندما قطع سيدنا آدم شوطاً طويلاً في مسيره لعدة أيام صادف فجأة أمنا حواء فشعر بسرور طاغٍ وانحنى لها احتراماً والشوق يحلق في عينيه المشعتين فرحاً وابتهالاً لخالقه على نعمته التي أنعم به عليها بأن يجد قسمة روحه بعد عناء ومشقة رحلته تلك.

قال لها: وأنت روحي لقد مشيت أميالاً طويلة دون كلل أم ملل أو إحساس بالمشقة والتعب لأصل إليك..

أجابته: وأنت روحي.. أشكر الله جل وتعالى على نعمة لقائنا..

قاطعها: هل تعبت..؟ هل أضناك المسير..؟

أجابت: لا.. فأنا لم أبرح مكاني بعد..

تنتهي القصة هنا بقفلة كان وقعها صادماً عليَ حين سمعتها ولا أدري إن كانت كذلك بالنسبة للقارئ العزيز.

لاشك أن في الأمر طرافة ما أو نوع من الدعابة.. فهذا ما شعرت به للوهلة الأولى حتى أنني ضحكت في سري، لكنني وبعد شيء من التدقيق في مغزى هذه الأقصوصة والرسالة التي تكتنفها، وجدت أن الأمر يتجاوز مجرد الدعابة أو الطرافة.

في شيء من التحليل السريع، نجد أن هذه الأقصوصة تلخص آلية تفكير متكاملة في مجتمعنا حول العلاقة بين الرجل والمرأة. ملخص هذه الآلية المتوارثة جيلاً بعد جيل تركز على أن المرأة يجب ألا تصرح بما كابدته أو تكابده للوصول إلى رجلها الذي تبحث عنه في أعماقها، وأن الرجل مجبول على الكد والسعي للوصول إلى امرأته ويجب أن يصرح بذلك أو أن تشي تصرفاته وأقواله بملامح ذلك الكد والسعي. وبالتالي فإن المعادلة بين الطرفين هي معادلة غير متوازنة وتؤدي إلى مجموعة من النتائج غير المتوازنة مجتمعياً.

الأمر في الطرف الآخر من العالم تجاوز هذا المنطق، لذلك نجد أن كلا الطرفين يكدان ولا يخجلان أو يترددان في التعبير عن ذلك، وهو ما ينعكس بالتالي على المنظومة الاجتماعية وكيفية فهم العلاقة المتبادلة بين الطرفين.

ربما نكون قد تجاوزنا، إلى حد ما، ما أشرت إليه بفعل الزمن وتطور البنى المعرفية لمجتمعاتنا، إلا أن الخلل في بنية العلاقة بين الرجل والمرأة مازال قائماً وأعتقد أن الأمور استفحلت لما نراه من نسب عدم التفاهم أو الانفصال أو التشوهات المصاب بها الطرفان.

الحياة تتقدم وتتطور، أما مجتمعاتنا فما زالت في فسحة الاختلال وعدم التوازن باحثة عن حلولها ومخارجها.. وأرجو ألا يفهم أن ما أشرت إليه بالنسبة للمجتمعات الأخرى أنه يجب اعتماد حلولها، بل يجب البحث وبشكل جدي عن مخارج تشكل جزءاً من تغيير شامل في حياتنا وبما يتناسب مع تجربتنا الحياتية.

 

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى