تقنية الجيل الخامس ليست كلها نعمة على البشر

 

رحبت العديد من الحكومات وعمالقة التكنولوجيا بتقنية الجيل الخامس التي ستحدث ثورة في عالم الاتصالات كما انها ستنفع البشر وتسهل حياتهم وتجعلها أكثر رفاهية وتطورا، الا أن خبراء يخشون من إضرارها بالصحة وتسببها في أمراض خطيرة . والجيل الخامس لمعايير الشبكة الخلوية المعروف بـ”5 جي” هو النسخة الجديدة من شبكات الاتصالات الخلوية. ومن شأنه أن يتيح شبكة أسرع وطاقة أكبر وحركة أسلس، مع تقصير في وقت الاستجابة.

وكما الحال مع التقنيتين السابقتين “3 جي” و”4 جي”، من شأن هذه التكنولوجيا الجديدة أن تزيد من سرعة الاتصال بالشبكة، لا سيما في ما يتعلّق بالأكسسوارات الموصولة والسيارات المستقلة، فضلا عن تطبيقات الصحة والمواصلات الحضرية والمدن الذكية.

وبحسب منظمة “غلوبل سيستم فور موبايل كوميونيكيشنز”، من المتوقع أن تعود التقنية الواعدة بعائدات على الاقتصاد العالمي تبلغ 565 مليار دولار بحلول 2034.

وتعدّ تقنية الجيل الخامس أحد محاور الصراع على النفوذ الدائر بين الصين والولايات المتحدة. وتسعى واشنطن إلى إقناع حلفائها بعدم تكليف الصينية هواوي ببسط شبكة “5 جي”، مشبهة العملاق الصيني بحصان طروادة الذي يسمح للصين بالتجسس على الغرب.

وتعتبر هواوي أكثر كفاءة وابتكارا من منافسيها في هذا الصدد. وهي أودعت 1529 براءة خاصة بالجيل الخامس، وفق مجموعة “آيبيلكتيكس”.

وتقدم شبكات الجيل الخامس العديد من المزايا والقدرات غير المسبوقة، وتمثل هذه التقنية الجيل الجديد من معايير الاتصالات المتنقلة، وتعد بسرعة فائقة وتغطية كبيرة للشبكات اللاسلكية.

ويتوقّع المستهلكون من شبكة الجيل الخامس أن تتيح لهم تسلّم البضائع بطائرات مسيّرة ومشاهدة السينما بتقنية الواقع المعزّز وإمكانية إجراء مكالمات صور تجسيمية (هولوغرام)، فضلا عن وصل الروبوتات بالإنترنت.

وستعتمد شبكات الجيل الخامس على نطاقات تردد أعلى من المعتاد.

وتستخدم شبكات الجيل الخامس ما يسمى بـ”الموجات المليمترية”، وهي إشارات راديو ذات ترددات عالية تتراوح بين 30 و300 غيغاهيرتز، في حين أن ترددات الشبكات السابقة كانت تتراوح بين 24 و90 غيغاهيرتز.

وتستخدم شبكات الجيل الخامس موجات ذات تردد أعلى مما تستخدمه شبكات الهواتف السابقة، بما يساعد مزيدا من الأجهزة الذكية في الدخول إلى الإنترنت في نفس التوقيت وبسرعة أعلى.

وتقطع هذه الموجات مسافات أقصر في الأماكن الحضرية، وبالتالي فان شبكات الجيل الخامس تتطلب المزيد من الناقلات الهوائية أكثر مما كانت تتطلبه التقنيات السابقة.

وتثير هذه الترددات مخاوف علماء طالبوا بمراجعة التقارير العلمية التي تربط بين زيادة معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض العصبية، والتعرض للإشارات اللاسلكية ذات الترددات العالية.

وتظاهر آلاف الأشخاص مؤخرا في العاصمة السويسرية برن احتجاجاً على نشر شبكات الجيل الخامس للاتصالات في البلاد.

وتعدّ سويسرا من بين الدول الأولى التي أطلقت الجيل الخامس.

ورفع محتجون تجمّعوا أمام البرلمان السويسري لافتات للتنديد بتكنولوجيا يعتبرونها ضارة بالصحة، وكتبوا عليها “قاطعوا الجيل الخامس” أو “دائماً أسرع، أعلى، أبعد، على حساب الإنسان والبيئة. أوقفوا تكنولوجيا الجيل الخامس”.

ويخشى رافضو الجيل الخامس من تداعيات الإشعاعات الكهرومغنطيسية، واضطرت عدّة مقاطعات سويسرية (جنيف وفود وفرايبورغ ونوشاتل) تحت الضغط الشعبي إلى تجميد إجراءات إنشاء أبراج هوائية. وقالت هذه المقاطعات إن هذا التجميد إجراء وقائي.

ويسعى رافضو الجيل الخامس لإطلاق مبادرة لتنظيم استفتاء حول المسألة. وسيكون عليهم جمع 100 ألف توقيع في غضون 18 شهراً.

ويتخوف باحثون من تأثير إشعاعات كهرومغناطيسية صادرة عن أجهزة ذكية ومحطات بث الاشارة الهاتفية  وشبكات الجيل الخامس على جسم الإنسان.

وبالنسبة للإنسان العادي فإن التعرض لترددات الراديو والحقول الكهرومغناطيسية يتم بسبب الأجهزة الإلكترونية التي تحمل في اليد مثل الهاتف والجهاز اللوحي، إلى جانب محطات بث الإشارة الهاتفية، وبعض الأجهزة الطبية، ولواقط جهاز التلفزيون.

والإشعاع الكهرومغناطيسي الذي تستخدمه كافة تقنيات الهواتف المحمولة دفع البعض إلى القلق من المخاطر الصحية المتزايدة حوله وامكانية تسببه في الاصابة بأنواع من السرطان.

وسارعت العديد من المنظمات والجمعيات في العالم الى التحذير من مخاطر نشر شبكة الجيل الخامس على صحة البشر بالخصوص.

ووقع حوالي 250 عالماً من جميع أنحاء العالم على عريضة إلى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية حذروا فيها من أن الأجهزة الباعثة للإشعاع، على غرار الهواتف النقالة وأجهزة البث، يمكن أن ترفع من خطر الإصابة بالسرطان.

وأظهرت عدة دراسات سابقة على الأجيال الثاني والثالث والرابع لشبكات الخلوي أن المجالات الكهرومغناطيسية يمكن لها أن تترك آثاراً على جسم الإنسان تشبه الإجهاد، وتتسبب في تلف الحيوانات المنوية وآثار عصبية ونفسية. ويرى العلماء أن ضرر هذه التكنولوجيا لا يقتصر فقط على الناس، بل يمتد أيضاً إلى الحيوانات والنباتات.

وقال الناشط أرثير روبيرت فيرستينبرغ الذي يختص بالمشاكل الناجمة عن الإشعاع الكهرومغناطيسي وعواقبه السلبية على البشر “إن الإشعاعات فائقة السرعة يمكنها أن تصيب الإنسان وكذلك الحيوانات بمرض السرطان، كما من شأنها تضخيم أعراض اضطراب فرط الحساسية الكهرومغناطيسية”.

ويعمل فيرستينبرغ على تجهيز عريضة تحمل 40 ألف توقيع سيقدمها لكل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، في محاولة جادة لوقف تنفيذ مشاريع شبكة الجيل الخامس حول العالم.

وأكدت العريضة على أن نشر شبكات الجيل الخامس يعد جريمة وفقاً للقانون الدولي وهي بمثابة تجربة على البشرية والبيئة في آن واحد.

وقال فيرستينبرغ مع بدء نشر شبكات الجيل الخامس في بعض المدن الأميركية الكبرى أن ما يحدث قد يكون كارثة عالمية.

وطلب المكتب الاتحادي الألماني للوقاية من الإشعاع إجراء فحص شامل للمخاطر الصحية لتكنولوجيا الجيل الخامس.

واستخدمت السلطات الألمانية مزاد تراخيص الجيل الخامس لشبكات الخلوي من أجل تقديم المشورة للمستهلكين حول كيفية حماية أنفسهم من إشعاعاتها.

وقال المكتب الاتحادي للوقاية من الإشعاع: “مع زيادة سعة نقل البيانات، يجب تقليل التعرض للإشعاع عند الاتصال الهاتفي وتصفح الإنترنت بأكبر قدر ممكن”. وتابع أن على من يملك خط اتصال أرضي أن يستخدمه لإجراء مكالمات هاتفية. وأضاف المكتب أنه يفضل استخدام الهاتف المحمول لأقل وقت ممكن، والاستعانة بالرسائل النصية عوضاً عن التحدث عبر الهاتف.

وتنصح إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة بخفض الوقت المقضى في استخدام الهاتف الجوال، إلى جانب إبعاد الجهاز عن الرأس واعتماد السماعات أو مكبر الصوت عند إجراء المكالمات.

على الجانب الاخر اتفقت دراسات علمية على أن تقنيات الجيل الخامس تتمتع بأعلى مستويات السلامة على الصعيد الصحي والبيئي، ولفتت إلى أنه لا أساس علمي أو موثوق لأي من الأحاديث عن تعريضها حياة العديد من العملاء حول العالم لخطر الإصابة بأمراض.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى