تل أبيب: على الرغم من خسارة نتنياهو واقتراب مُحاكمته إلّا أنّه ما زال قوّةً فاعِلةً جدًا بالسياسة وبإمكانه تعقيد الوضع الداخليّ وجرِّ إسرائيل لانتخاباتٍ ثالِثةٍ

 

علّق المحرر المؤسّس لموقع “تايمز أوف اسرائيل” دافيد هوروفيتس على انتخابات الكنيست التي جرت بكيان الاحتلال، خلص فيه إلى أنّه بعد إجراء جميع الحسابات المُحتملة، لم يقتنع الكثير من الناخبين الإسرائيليين بأنّ الحكومة ستضيع بدون نتنياهو، بعد عشر سنواتٍ مُتعاقبةٍ في المنصب وثلاث سنواتٍ أخرى في التسعينيات.

وجاء في المقال التحليليّ: استبق زعيما حزب “الليكود” و”أزرق أبيض” بنيامين نتنياهو وبيني غانتس الأحداث خلال انتخابات الكنيست السابقة، ليُعلنا فوزهما المزعوم بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، ولكنّ النتائج الحقيقيّة التي ظهرت بعد فترةٍ قصيرةٍ، أكّدت أنّ غانتس لم يُمنَح فرصةً لتشكيل ائتلافٍ حكوميٍّ، كما أنّ نتنياهو واجَه خيانةً من قبل حليفه السابق الذي تحول إلى عدوّه أفيغدور ليبرمان، ما منعه من حشد الأغلبيّة المطلوبة، طبقًا لأقواله.

وتابع: في الانتخابات التي جرت في الأيام الأخيرة، استخلص الرجلان العبر وامتنعا عن إعلان فوزهما هذه المرّة بعد ساعاتٍ من إغلاق صناديق الاقتراع، لافِتًا إلى أنّ نتائج الانتخابات لم تمنح أيّ منهما سببًا محددًا للاحتفال، إذ تبينّ أنّ كلا الحزبين “الليكود” و”أزرق أبيض” خسرا القليل من وزنهما في الكنيست، ولكن مع ذلك، تبينّ من النتائج شبه الرسميّة، كما أفادت القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ مساء أمس الجمعة أنّ “الليكود” خسر في الانتخابات الأخيرة 300 ألف صوتٍ، مُقارنةً بالانتخابات التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي.

وشدّدّ الكاتِب على  أنّه في الوقت الذي كان فيه نتنياهو المبحوح والمنهك وخائب الأمل يُعاني في خطابه، فإنّ غانتس والقادة الآخرين في حزبه وأتباعهم كانوا في مزاجٍ احتفاليٍّ، وبذل نتنياهو قصارى جهده لطمأنة الجمهور بأنّه لن يذهب إلى أيّ مكانٍ، وبأنّه سيستمر في حماية إسرائيل، وأنّه مصمّم على عرقلة حكومةٍ مُناهضةٍ للصهيونية تعتمد على دعم الأحزاب العربية، ثبت غانتس نظره بحذرٍ نحو كرسي رئاسة الوزراء، قال هوروفيتش.

وأردف: الناخبون الإسرائيليون الذين صوتوا لتسعة أحزاب ذات أجنداتٍ مُتنوعةٍ لدخول الكنيست تضم 120 عضوًا، تركوا للسياسيين مجموعةً مذهلةً من الخيارات، وطريقًا واضحًا نحو حكومتهم المقبلة، وتحدث كلٌّ من نتنياهو وغانتس عن الوحدة والشراكة، ما سيضمن لهما الحصول على الأغلبية في الكنيست، دون أنْ يذكر أيّ منهما اسم الآخر، وفي الأيام التي سبقت يوم الانتخابات، أوضح غانتس أنّه لن يجلس في حكومةٍ مع “الليكود” بقيادة نتنياهو، خصوصًا باعتباره يُواجِه لوائح اتهام وشيكةٍ بتهم فسادٍ، في حين انتقد نتنياهو غانتس باعتباره يساريًا ضعيفًا ستكون إسرائيل تحت قيادته في خطرٍ.

ورأى هوروفيتش أنّه في وقت يبدو أنّ الشراكة بين “أزرق أبيض” و”الليكود” واضحة عدديّا، سيكون من الخطأ التأكيد أنّ هذه هي إرادة الشعب، إذ تكلّم الناخبون الإسرائيليون بأصواتٍ عديدةٍ، وعكسوا أولويات واهتماماتٍ واسعةٍ ومُتضاربةٍ في الكثير من الأحيان.

ويبدو، برأي المُحلِّل، أنّ الأحزاب العربيّة، وهي أربعة كتلٍ سياسيّةٍ مختلفةٍ تمامًا خاضت الانتخابات معًا في تحالف “القائمة المشتركة”، حققت نتائج استثنائية في هذه الانتخابات، كما أنّ محاولات نتنياهو في السنوات الأخيرة مهاجمة الناخبين العرب وقيادتهم وقمع تصويتهم من خلال نشر مراقبين تابعين لحزبه مع كاميرات في مراكز الاقتراع العربية، ارتدَّت عليه بنتائج عكسيّةٍ وبشكلٍ مُذهلٍ، والوسط الحريدي، الذي استهدفه ليبرمان بشكلٍ مباشرٍ،حقق نتائج طيبة، وبالنسبة لليبرمان، فإنّ الرهان على حرمان نتنياهو من الائتلاف الحكومي في المرّة الأخيرة قد أتى بثماره وبشكلٍ كبيرٍ.

وأشار المُحلِّل إلى أنّ نتنياهو خاض حملةً يائسةً، أكّد فيها مرارًا وتكرارًا أنّه يتجِّه نحو هزيمة، لكنّه لطالما أكّد أنّه متجِّه نحو هزيمةٍ، وأطلق صرخة “غيفالت” (تكتيك انتخابيّ يعتمده عادة نتنياهو)، غير مقنعة وغير مؤثرة، من أجل حشد ما يكفي من الناخبين من أجل قضيته.

وقد عمد نتنياهو إلى تقديم وعود للحركة الاستيطانية تتمثل بـ ضم 25 بالمائة من الضفة الغربية في منطقة غور الأردن وجميع المستوطنات ومناطق حيوية أخرى لم يحددها، ومع ذلك شهد “الليكود” تراجعًا في التأييد، وكانت النتائج التي حققها تحالف حزب “يمينا” المؤيد للاستيطان ضعيفة، وبعد إجراء جميع الحسابات المحتملة، لم يقتنع الكثير من الناخبين الإسرائيليين بأن الحكومة ستضيع بدون نتنياهو، بعد عشر سنوات متعاقبة في المنصب وثلاث سنوات أخرى في التسعينيات.

وشدّدّ هوروفيتس على أنّه بعد دراسة جميع التحالفات والتحالفات المحتملة، لم يقتنع عدد كافٍ من الإسرائيليين بأن تل أبيب ستكون ضعيفةً أكثر أمام أعدائها الوجوديين تحت قيادة تشمل رؤساء الأركان السابقين غانتس وموشيه يعالون وغابي أشكنازي. ويتساءل الإنسان ما إذا كان مشهد إنزال نتنياهو عن المنصة في الأسبوع الماضي خلال تجمعٍ انتخابيٍّ في مدينة أشدود بعد إطلاق صواريخ من غزة، قد لعب دورًا في ذلك.

واختتم: سيبلغ نتنياهو 70 عامًا هذا الشهر، ومن بين النتائج الواضحة لهذه الانتخابات المعقدة هو أنّ الوقت لبناء حصانة لنفسه ضد محاكمة تلوح بالأفق قد نفذ منه، و”الليكود” لم يتخلَّ عن نتنياهو، ولا يزال قوة فاعلة في قلب السياسة الإسرائيلية، وبإمكانه تعقيد الواقع السياسي لأسابيع أوْ حتى لأشهرٍ قادمةٍ، ولا يزال لديه بعض الخيارات السياسيّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى