كتاب الموقعنوافذ

ثلاث قصص

ثلاث قصص

ـ 1 ـ

مدير مركز ثقافي يتصل بأحد الأصدقاء الصحفيين يطلب منه رقم هاتف الشاعر محمد الماغوط، ليصار إلى دعوته لإقامة أمسية شعرية.

رد الصحفي بكتابة الرقم، وإحالة المدير إلى مقبرة “سلمية” مدينة الماغوط، ومأوى رأسه حياً وميتاً. وأرشده أيضاً أن بإمكانه الحصول على الرقم من الشاعرين “ممدوح عدوان” و “علي الجندي” وهما سبقا الماغوط إلى الموت.

يحدث كثيراً هذا النوع العجيب من الجهل، ولكنه في حدود صغيرة مثل سورية، وعدد مهم وبارز من الشعراء والكتاب… وببطولة جهل من قبل المختصين بالثقافة… يصبح الأمر لافتاً إلى عودتنا، يوماً وراء يوم على الأمية، وانقطاع وصلة التاريخ على الجسور بين الأزمنة والأجيال.

ـ 2 ـ

رجل من درعا في سورية، يعيش في الولايات المتحدة منذ زمن طويل.

أتى إلى بلده في زيارة. لكن التقارير الأمنية كانت سبقته بوصفه متعامل مع جهات معادية (الجهات المعادية تتدرج من التعامل مع إسرائيل، إلى التآمر مع الإخوان المسلمين).

كان حظ (د. سليمان…) جيداً فقد أحيل للتحقيق أمام ضابط يشكك بالتقارير، ويعتبرها ذات وظيفة كيدية، وتصفية حسابات.

سأله الضابط: لماذا انقطعت كل هذه المدة عن بلدك، ولماذا قررت أخيراً المجيء؟

قال د. سليمان: سأكون صادقاً، ولكنك لن تصدقني. رد الضابط بعد أن تفحص الرجل بعينيه الخبيرتين: أعدك بالتصديق.

الشيء الذي أتى بي… أغنية. نعم أغنية. كنت أسهر في مطعم سوري، وسمعت هذه الأغنية من مطرب، والأغنية للفنان السوري “فهد بلان”. الأغنية: “عالبال بعدك يا جبل حوران، شرشف قصب ومطرز بنيسان، عرسك صبايا ولمتك خلان، وأنا غريب أسأل عن الرفقا”.

قال الضابط: إذهب… وسلم لي على حوران.

في يوم وفاة الفنان “سعدو الديب” مؤلف وملحن هذه الأغنية، التقيت بهذا الضابط (وقد تقاعد منذ سنوات) وحكى لي القصة.

وعرفت أن الدكتور سليمان قد جاء من أمريكا لإلقاء حفنة تراب على قبر سعدو الديب!

ـ 3 ـ

دخل شاب صغير السن، ضئيل الحجم، يحمل عوداً إلى استدديو “فيلهارموني، لندن”، ليشترك في مسابقة موسيقية، ألقى التحية فلم يرد عليه أحد.

نظر إليه مجموعة من الكهول والشائبين والوقورين. فلم يكترثوا، لأنهم اعتبروه أحد حاملي الآلات للمسابقة. إلا أنه عندما نودي عليه، وجلس، هو، لا سواه، للعزف… انتبه الجميع إلى شيء غير مألوف، عازف بهذه السن، وعبقري. فوقف قائد أوركسترا لندن معتذراً منه.

بعد وفاة هذا العازف بعام منحته فرنسا “وسام الخلود” وهو الوسام الذي منح إلى شوبان وبيتهوفن… وذلك الشاب هو… فريد الأطرش!

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى